لو لم يتحدث الرئيس سعد الحريري من قصر الاليزيه عن الانتخابات الرئاسية وأولويتها، لما تذكّر احد الدعوة الموجهة الى النواب غدا الخميس لانتخاب رئيس جديد في جلسة لن تختلف عن سابقاتها من حيث فقدان النصاب. أما الحريري الذي اعتبر ان الاولوية هي للانتخابات الرئاسية، فدعا الى تكاتف اللبنانيين لان وحدتهم تنقذ لبنان، وقال: “انتخاب رئيس الجمهورية هو أولوية ولا شيء يأتي قبله في الاجندة اللبنانية. موقفي واضح وصريح، فانتخاب رئيس جمهورية هو الأساس بالنسبة الى “تيار المستقبل” والى اللبنانيين ايضا، وأي تفكير غير ذلك هو خطأ في رأينا. نحن ماضون في سياستنا بأن انتخاب رئيس جمهورية يأتي في المرتبة الأولى، وبعد ذلك تحصل الانتخابات النيابية”.
ويتابع الحريري حركته دفعا للانتخابات بلقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الاثنين المقبل في روما.
أما الرئيس نبيه بري، فعلق على جلسة غد: “يبدو هذا الاستحقاق، وكأنه حرف لا يقرأ ولا احد يتحدث فيه، الجميع يقولون إنهم مع ضرورة اجراء هذه الانتخابات ولا احد يقول كيف. أنا مع الحريري في أولوية الرئاسة. وثمة امران اساسيان ينبغي اتمامهما لتستقر العجلة السياسية في البلد وهما : الاسراع في انتخاب رئيس للبلاد واقرار قانون انتخاب، لان القانون الحالي لا يمثل طموح اللبنانيين. والمطلوب هو قانون يعتمد الدوائر الكبرى وتطبيق النسبية لانه يضمن حاجة كل فريق الى الاخر. وعندما ننفذ هذين الامرين ننظر في موضوع اجراء الانتخابات النيابية”.
وعن لقاء الرئيس الحريري والرئيس أمين الجميّل علمت “النهار” أن الحديث بينهما تطرق بعد تشديدهما على أهمية انتخاب رئيس للجمهورية، إلى ترشح رئيس الكتائب للرئاسة، وكان موقف الحريري أن لقوى 14 آذار مرشحاً في حال عدم التوصل إلى مرشح توافقي فعلاً هو الدكتور سمير جعجع، ولكن إذا استطاع الجميّل الحصول على تأييد لترشيحه من قوى في 8 آذار فسيكون بالطبع مرشح التحالف وسيؤيده جعجع بدوره وفقاً لما تبلغ الحريري من رئيس حزب “القوات” بعد جولة الجميّل التمهيدية التي شملت معراب ولقاءً مع الرئيس فؤاد السنيورة.
كذلك دعا نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري عبر “النهار” الأفرقاء المعنيين إلى تقديم تنازلات متبادلة وانتخاب رئيس في أقرب وقت مقدمة للبدء بوضع حلول لأوضاع لبنان الخطيرة أمنيا واقتصاديا ومعيشياً. وقال: “إن الحديث في هذه الظروف الصعبة عن انتخابات نيابية هو مضيعة للوقت. هذه الانتخابات مكانها الزمني هو بعد انتخاب رئيس الجمهورية وليس قبله، وكل الجهد يجب أن ينصبّ حالياً على منع امتداد المواجهات من سوريا إلى لبنان. والتعويل هنا على الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية المنوط بها وحدها حماية الحدود وأمن المواطن في الداخل. أما دور المواطنين من كل الفئات والمذاهب والأحزاب فهو أن يقفوا خلفها ويدعموها من دون أي تردد”.
الامن
لكن الاهتمامات اللبنانية الحقيقية في مكان آخر، فالاحداث المتسارعة والهواجس الامنية صارت الشغل الشاغل، بعدما تحركت جبهة الجنوب، اثر تصعيد متزايد على الجبهة البقاعية يوحي بتحولها محطة استنزاف. ويرى مسؤول متابع ان الايام المقبلة تشكل اكبر خطر وتهديد من المسلحين للقرى البقاعية، فتجربة عرسال بعد اقتحامها يمكن ان تتكرر من المسلحين بعد فشلهم في السيطرة على قرى سورية في القلمون وهذا ما يعزز فرضية اندفاعهم الى قرى بقاعية.
ميدانيا، وبعد هجوم الاحد الماضي على احدى النقاط التابعة لـ “حزب الله ” في جرود بريتال، نفذ المسلحون في الخامسة فجر امس هجوما آخر أوسع من الجهة السورية على عدد من المراكز التابعة للجيش السوري و”حزب الله” على اكثر من محور بدءا من بلدة الزبداني السورية، مرورا بمنطقة عسال الورد حتى أطراف وادي بخعة ورأس يبرود في هجوم موحد شارك فيه آلاف المسلحين ما أدى الى اشتباكات شرسة تدخل فيها الطيران الحربي والمروحي بصده الهجمات في الجرود التي شهدت معارك مما منع تقدم المسلحين وتحقيق اهدافهم، اضافة الى تدمير عدد من الآليات وسقط عشرات القتلى كما أكد بعض المصادر لـ “النهار”. وتعليقا على حادث بريتال قال الرئيس بري: “ما حصل في هذه الجرود في السلسلة الشرقية هو امتداد الى مزارع شبعا في الحدود الجنوبية. وسبق لي ان حذرت قبل ثلاث سنوات من وجود مخطط لتقسيم المنطقة يبدأ في سوريا وتقسيمها الى أربع دويلات وبدأت في منطقة عند شمال تركيا وثانية على مقربة من اسرائيل اضافة الى دولتين اخريين. نحن امام سايكس – بيكو جديد”.
جنوبا، فسرت العملية التي نفذها “حزب الله” بالرسالة الى الاسرائيليين، تعبيرا عن قلق متزايد من امكان غض اسرائيل الطرف عن عبور مقاتلي “النصرة” في اتجاه مزارع شبعا، وتمدد المواجهة من البقاع الى الجنوب. وأوضح مصدر مسؤول في الحزب عبر تصريح لقناة “الميادين”، “ان العملية رد على الترابط بين المجموعات التكفيرية في سوريا والعدو الإسرائيلي. فالترابط بين التكفيريين وإسرائيل ظهر في أكثر من موقع ولا سيما في جبهة الجولان”. كما أعلن المصدر أن العملية ترد على التهويل الإسرائيلي الذي تصاعد أخيرا والذي وصفه بأنه لا طائل منه. ووضع العملية أيضاً في إطار الرد على القائلين بانشغال المقاومة في سوريا وانخفاض جهوزيتها في مواجهة إسرائيل، وعلى القائلين بأن المقاومة محشورة وعاجزة عن مواجهة العدو على جبهتين.
واذ حمل وزير الدفاع الاسرائيلي موشي يعالون الحكومة اللبنانية و”حزب الله”مسؤولية التفجير، اعتبر الناطق باسم الجيش الاسرائيلي أن “حادث تفجير العبوة الناسفة على الحدود عمل خطير وخرقً فاضح للسيادة الاسرائيلية وأن جيش الدفاع الاسرائيلي يحتفظ بحقه في الرد في أي توقيت وبأي طريقة يراها مناسبة لحماية مواطني اسرائيل”.
في المقابل، نقلت القناة العاشرة للتلفزيون الاسرائيلي عن ضباط في قيادة المنطقة الشمالية أنهم قلقون من النهج المتشدد الذي يتبعه “حزب الله” والذي تغير قبل فترة. لكنهم اكدوا ان التوجه لدى إسرائيل هو نحو التهدئة، وان هناك رسائل يجري تبادلها بين الأطراف المعنيين عبر قوة “اليونيفيل”.
الامم المتحدة
وفي نيويورك (“النهار”)، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون أن الحادث الذي شهدته مزارع شبعا يمثل “انتهاكاً” للقرار 1701 ويتعارض مع جهود إقامة “بيئة مستقرة وآمنة في جنوب لبنان”.
وأفاد الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن جنديين اسرائيليين جرحا في شبعا نتيجة انفجار عبوة ناسفة، مشيراً الى أن القوات الإسرائيلية ردت بقصف مرتفعات كفرشوبا. وأضاف أن القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” على اتصال بالطرفين وحضتهما على “أقصى درجات ضبط النفس”، طالبة منهما “التعاون مع اليونيفيل بغية تخفيف التوتر وتجنب التصعيد”. وأعلن أن “اليونيفيل باشرت تحقيقاً لكشف حقائق الحادث وملابساته”، مؤكداً أن الحادث “انتهاك للقرار 1701″، محذراً من أن “عمليات كهذه تتعارض مع جهود تخفيف التوتر وإقامة بيئة مستقرة وآمنة في جنوب لبنان”.
فتح الطرق
وبالعودة الى الداخل، علمت “النهار” ان الاجتماع الطويل الذي عقده أمس رئيس مجلس الوزراء تمام سلام مع وزير الداخلية نهاد المشنوق في حضور المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم تناول التطورات الامنية ولا سيما منها ما يتعلق بملف المخطوفين العسكريين. وفيما تبيّن ان لا افق واضحاً للمفاوضات مع الخاطفين عبر الوساطة القطرية، تحركت المساعي لفتح طريق ضهر البيدر بمسعى من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي أوفد وزير الصحة وائل ابو فاعور الى الرئيس سلام لهذه الغاية. وفهم ان مسعى جنبلاط سيتكثف اليوم، فيما أكد سلام جلاء الامور قبل جلسة مجلس الوزراء غدا.
وعلمت “النهار” إن رسالة أبلغت الى الاهالي بعدم السماح لهم بالتوجه الى المرافق الحيوية في المطار والمرفأ او في شوارع العاصمة.