على رغم طغيان الواقع الامني المتسم بخطورة تصاعدية عبرت عنها التحذيرات التي اطلقتها الامم المتحدة اخيرا ولم تغب عن تصريحات المبعوث الاممي الى سوريا ستيفان دو ميستورا في جولته امس على مسؤولين رسميين وسياسيين في بيروت، تنشد الانظار اليوم الى لقاء “نادر” في معراب يجمع رئيسي حزبي “القوات اللبنانية” سمير جعجع والتقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط. ويأتي اللقاء أساساً في إطار استكمال جنبلاط جولة شملت سابقاً معظم الزعماء السياسيين في اطار مسعى لإحداث ثغرة في جدار أزمة الفراغ الرئاسي، غير ان التطورات الامنية المتعاقبة على جبهة معركة لبنان مع الارهاب أملت اضافات كبيرة الى منحى المشاورات الجارية داخلياً، وخصوصا مع اقتراب بت مسألة التمديد لمجلس النواب. وهي ملفات ساخنة وداهمة باتت تضع مختلف القوى السياسية امام لوحة شديدة القتامة ويجري الكلام انطلاقا منها عن البحث عن مخارج علّها تنقذ البلاد سياسيا في احتواء الاخطار.
الموقف الاميركي
وعلمت “النهار” ان الاتصالات الديبلوماسية الاميركية التي أجريت اخيرا مع عدد من المسؤولين تخللها تأكيد ان واشنطن تتابع عن كثب ما له علاقة بالاستحقاق الرئاسي وهي تنتظر الظروف المناسبة للتحرك بشكل مؤثر لإستعجال إجراء الانتخابات الرئاسية. وأظهرت هذه الاتصالات ان الظروف الحالية غير ناضجة إقليميا للانتخابات، وانه لا بد من الاعتماد على ديناميكية داخلية لكسر الجمود مع التشديد على انه يتعين على اللبنانيين عدم التكيّف مع لبنان من دون رئيس للجمهورية أو انه يمكن الاستغناء عن هذا الاستحقاق.
دو ميستورا
أما في ما يتصل بزيارة دو ميستورا لبيروت أمس، فوصفت مصادر متابعة المحادثات التي أجراها مع المسؤولين الرسميين والسياسيين بأنها تدخل في إطار الاستطلاع والاطلاع. وأوضحت مصادر حكومية، ان الزيارة هدفت الى استطلاع الأوضاع اللبنانية. وقد أبلغ المسؤول الأممي رئيس الوزراء تمام سلام رغبته في لقاء كل القوى السياسية ليستمع الى وجهة نظر كل منها في الأوضاع.
وكشفت المصادر ان دو ميستورا أعرب لسلام عن قلقه العميق من الوضع الأمني الذي وصفه بانه صعب وحرج، مؤكداً مجدداً دعم الامم المتحدة للبنان وحرصها على تحصينه في وجه أزمات المنطقة، مبديا الاستعداد الدولي لمساعدة لبنان.
ونفت المصادر ان يكون سلام طلب شيئا من الموفد الأممي، مشيرة الى ان جل ما طلبه يتمثل بزيادة الدعم في موضوع النازحين، خصوصا ان لبنان التزم كل نصوص شرعة الامم المتحدة في الجانب الإنساني، لا بل تجاوزها بإستضافته وإحتضانه للنازحين. وجدد سلام الدعوة الى مزيد من الدعم يوازي جهود لبنان.
وقد شملت جولة دو ميستورا، الى سلام وزير الخارجية جبران باسيل ونائب الامين العام لـ”حزب الله ” الشيخ نعيم قاسم والنائب جنبلاط، مع العلم انها المرة الاولى يلتقي مسؤول اممي “حزب الله” منذ نشوب الازمة السورية. ولفتت مصادر مطلعة إلى ان زيارة دو ميستورا للبنان صادفت حلول موعد التقرير نصف السنوي للامم المتحدة عن تطبيق القرار 1559، وان المبعوث الأممي استهل بزيارة لبنان جولة له في المنطقة محددة منذ شهر. وقالت ان لا علم لها بما تردد عن زيارة قد يقوم بها معاون الامين العام للامم المتحدة جيفري فيلتمان للبنان، معربة عن اعتقادها أن وضع لبنان لا يزال في مرتبة متأخرة على جدول الاهتمامات الدولية.
غير ان دو ميستورا لم يخفِ قلق المجتمع الدولي على لبنان في ضوء ما حصل اخيرا على الحدود، وقال: “ان المجتمع الدولي يقف الى جانب لبنان ونحن نعي تماماً الاعباء التي يتحملها لبنان وشعبه وفي الوقت نفسه نحن واثقون وكذلك المجتمع الدولي من ان لبنان سيستطيع تجاوز هذه المرحلة”.
مجلس الوزراء
على صعيد آخر، علمت “النهار” ان جلسة مجلس الوزراء امس التي دامت قرابة خمس ساعات ونصف ساعة لم تختتم بصورة طبيعية والسبب اشتباك كلامي بين وزير الاشغال غازي زعيتر ووزير الخارجية جبران باسيل، ادى الى رفع الجلسة. وفي التفاصيل التي روتها مصادر وزارية ان الوزير باسيل، عندما وصل البحث في جدول الاعمال الى بند يتعلّق بوزارة الاشغال لفتح اعتمادات خاصة بصيانة الطرق، سأل عن الآلية التي تصرف بموجبها الاعتمادات في ظل إستفادة مناطق وحرمان أخرى؟ فرد الوزير زعيتر بانه يحضّر رداً على إستجواب من النائب احمد فتفت يشمل كل المشاريع المنجزة منذ اربعة اعوام وطلب عدم تحميله المسؤولية عن الأعوام السابقة، فيما هو تسلّم الوزارة منذ عام فقط. فرد باسيل داعياً الى تأجيل بت البند ريثما تعالج الشكاوى. عندئذ ثارت ثائرة زعيتر وقال ان وزراء “التيار الوطني الحر” متهمون في حقائب الكهرباء والنفط والخليوي “ولا يمكنكم ان تعلّموا عليّ… وما بديّ تقروا شي لوزارة الاشغال”. عندئذ تدخّل الرئيس سلام ودعا الى رفع الجلسة.
وكانت الجلسة قد استهلت بمداخلة لرئيس الوزراء عن تطور ملف العسكريين المخطوفين، فتحدث عن تعقيدات تعترض الجهود التي تبذلها الحكومة والموفد القطري مما يجعل التحرك بطيئاً. ثم وقّعت المراسيم السابقة وأقر جدول الاعمال السابق والذي يضم 40 بندا عاديا. اما بالنسبة الى موضوع الحل الذي أعده وزير البيئة محمد المشنوق لملف النفايات، فلم يتسنّ طرحه.فيما أرجئ بت ملف الخليوي لسفر وزير الاتصالات بطرس حرب وملف اللاجئين لغياب وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي قال لـ”النهار” لدى وصوله مساء الى بيروت انه سيعرض مع الرئيس سلام الاثنين المقبل الاجراءات المطلوب اعتمادها لخفض عدد اللاجئين السوريين.
تأجيل التصعيد
ونجحت المساعي الحكومية في ثني اهالي العسكريين المخطوفين عن تصعيد واسع هددوا به وكانوا يعتزمون من خلاله قطع عدد من طرق بيروت اليوم باطارات مشتعلة. وأعلن وفد منهم بعد لقائه اللواء محمد خير مكلفا من الرئيس سلام انهم “لمسوا ارادة جدية وتصميما لدى الحكومة على متابعة المفاوضات وهذا اثر فينا ايجابا”.
على صعيد امني آخر، تمكنت وحدات الجيش امس من توقيف مطلوبين بقتل عسكريين. واوقفت أولاً في منطقة عرسال ابرهيم عيسى بحلق، الذي اشار بيان لقيادة الجيش الى انه اعترف باشتراكه في الهجوم على احد مراكز الجيش خلال آب الماضي واقدامه على قتل أحد الضباط. ثم اوقفت مساء في محلة الاكومي في طرابلس بهجت متلج لتورطه في حوادث اطلاق نار على مراكز عسكرية وقتل جندي.