حدّد الارهابيون مطالبهم، ورموا الكرة في ملعب الحكومة اللبنانية التي صارت بين نارين او ثلاث: نار الخاطفين الذين حددوا دفتر شروطهم وهم يلوحون بذبح عسكريين اذا تعثرت المفاوضات او قوبلت طلباتهم بالرفض، ونار الاهالي الذين ينتظرون من مجلس الوزراء موقفا حاسما وايجابيا لا لبس فيه ولا تأخير، ونار دمشق التي تريد من لبنان اتصالا رسميا بحكومتها للتعاون في تنفيذ بعض المطالب والتي أدخل فيها الخاطفون أعدادا من السجينات في سوريا.
وفي التفاصيل أن “جبهة النصرة” نشرت عبر “تويتر” صورة للوسيط القطري ويدعى احمد الخطيب، مع لائحة بالمطالب التي سمّتها مقترحات، وفيها أن “يتم إطلاق 10 موقوفين من السجون اللبنانية في مقابل كل عسكري محتجز أو إطلاق 7 موقوفين لدى السلطات اللبنانية و30 موقوفة لدى السلطات السورية في مقابل كل عسكري، أما الاقتراح الاخير فهو إطلاق 5 موقوفين في السجون اللبنانية و 50 موقوفة في السجون السورية في مقابل كل عسكري محتجز”.
هذه المطالب التي اقتصرت على “النصرة” من دون “الدولة الاسلامية (داعش)”، حملها ليل الجمعة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم الى رئيس الوزراء تمام سلام الذي قال ان الامر يحتاج الى نقاش وزاري في جلسة الخميس المقبل، بعد توصية خلية الأزمة التي ستجتمع الأربعاء مبدئيا، لكن اصدارها توصية ما سيظل رهنا بتحديد “داعش” مطالبها ايضا في ضوء ما يمكن ان يوضحه الوسيط القطري او اللواء ابرهيم اللذان يحيطان تحركهما واتصالاتهما بالكتمان والسرية.
واذا كان ربط الشروط بسجينات سوريات، يحتاج الى نقاش مع الحكومة السورية، فان الجواب استبق تأكيد لبنان مجددا سياسة النأي بالنفس في التعامل مع النظام السوري، وأتى سريعا عبر وزير سوري قال لـ”النهار” إن دمشق “ستدرس الامر لدى تسلمها رسميا لائحة الاسماء علماً ان التجربتين السابقتين اظهرتا ان الارهابيين يدرجون اسماءً وهمية او مكررة او لمسجونين اطلق سراحهم بموجب العفو او المصالحة”. ويبرز الوزير عدم الحماسة السورية للاستجابة لمطالب الارهابيين قائلا: “لا نجد مبرراً لتكرار تجربة اعزاز بعد احجام بيروت عن توجيه كلمة شكر لدمشق لإنهائها واحدة من اغرب قصص الخطف على الحدود السورية – التركية”. ويضيف: “حتى اللحظة لم تتلق الحكومة السورية اي طلب رسمي من الحكومة اللبنانية وان كنا نعتبر اللواء ابرهيم ممثلا لجهة رسمية لبنانية”.
ماذا سيقرر مجلس الوزراء؟ اذا مضت الحكومة بالخيار الأول، فسوف يدخل التفاوض مباشرةً في مرحلة الأسماء، واذا مضت بالخيارين الثاني أو الثالث، فانها سوف تفوض الى اللواء ابرهيم التواصل مع المعنيين في سوريا. لكن مصادر متابعة أبلغت “النهار” ان “جبهة النصرة” تحتجز نصف عدد المخطوفين ومعظمهم من قوى الامن الداخلي، في حين ان تنظيم “داعش” يحتجز معظم العسكريين ولم يطرح مطالبه. واعتبرت ان الكلمة النهائية غير منوطة بالقضاء او خلية الازمة، بل بمجلس النواب او بالحكومة مجتمعة التي تقوم مقام رئيس الجمهورية في توقيع قرار الافراج عن سجناء.
وصرح الوزير بطرس حرب لـ”النهار”: “اننا منفتحون على مفاوضات جدية لايجاد المخارج لهذه القضية الانسانية الا ان هذه المفاوضات لا تكون بالتوقيع على بياض ولا يطلب من الحكومة مخالفة القوانين”. ورأى الوزير سجعان قزي من جهته ان “المقايضة باتت ابتزازاً واخضاعاً للدولة واطلاق ارهابيين محكومين بالاعدام، ونحن لسنا ضد المقايضة من منطلق ايديولوجي شرط عدم المس بالقوانين”.
التمديد
على الصعيد السياسي، يحمل الاسبوع الطالع التمديد لمجلس النواب، وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره : “ان النصاب المطلوب لجلسة التمديد الاربعاء متوافر عدديا”. وأصر على تحقيق التصويت الميثاقية المسيحية. واضاف: “ثمة 48 ساعة قبل الجلسة لبلورة الصورة على صعيد المواقف النهائية عند الكتل المسيحية الرئيسية”.
من جهة اخرى، بدا بري “مستاء من بعض المواقف والمزايدات في موضوع التمديد ولا سيما في الصف المسيحي”. ووصف ما يجري عند هذا الفريق وموقفه من التمديد بأغنية “جيب المجوز يا عبود”. وقال ان “محاولة البعض الايحاء بأن نبيه بري هو من يريد التمديد تثير السخرية”. وسئل عن الاستحقاق الرئاسي واتهام البعض “حزب الله” بأنه يقف وراء هذا التعطيل، فأجاب: “ليس الحزب من يمنع الانتخابات ويعطلها، لديه 12 نائبا في كتلته. ويبقى السبب الحقيقي لعدم انتخاب رئيس للجمهورية حتى الآن هو عدم توافق المسيحيين”.
مبادرة لجعجع؟
في المقابل، وفي ظل اصرار تكتل “التغيير والاصلاح” على رفض التمديد، رفضت مصادر حزب “القوات اللبنانية” كشف مضمون ما تردد ليلاً أنه مبادرة ينوي رئيس الحزب سمير جعجع إطلاقها اليوم أو غداً لتفادي التمديد، وفي ضوء الاتصالات التي ستلي هذه المبادرة يحدد “القوات” موقفه النهائي من الموضوع. وعلم ان حزب “القوات” يتجه الى التصويت على التمديد وتوفير الغطاء له تجنبا للفراغ، لكن نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان قال لـ”النهار” إن “المسؤولية عن إيصال لبنان إلى مأزق الخيار بين التمديد أو الفراغ يتحملها من يقاطع جلسات الانتخاب ويمنع الاقتراع لإيصال رئيس للجمهورية إلى قصر بعبدا . المشكلة الرئيسية هي عدم وجود رئيس. لو كان هذا الرئيس موجوداً وطرأت مشكلة أمنية تحول دون إجراء انتخابات نيابية لكنا تجاوزناها ولأخذت الأمور منحى آخر غير ما نرى حالياً، ولما كنا أمام خيار التمديد أو الفراغ الذي يشرع الباب على تغيير في النظام، من خلال هيئة تأسيسية وطروح شتى نسمع بها هذه الأيام”.
الكتائب
أما حزب الكتائب، فكشفت مصادره لـ”النهار” أن غالبية في المكتب السياسي الذي ارجأ اجتماعه من اليوم الى غد، تؤيد مشاركة كتلة الكتائب في جلسة التمديد الأربعاء والتصويت ضده، في حين تفضل أقلية عدم المشاركة نهائياً لاحتواء جدول أعمال الجلسة بنوداً اشتراعية عدة لا تتعلق بانبثاق السلطة يسبق البحث فيها بندي تعديل المهل للانتخابات وتمديد ولاية المجلس. ولم تستبعد المصادر مفاجأة كأن يقرر الحزب عدم نزول نوابه إلى الجلسة، أو دخولهم القاعة لاحقاً عند بدء البحث في بندي المهل والتمديد حصراً.
اعتراض
ويذكر ان عدداً من السياسيين المسيحيين أبدوا اعتراضا في مجالسهم على حصر الرئيس بري “الصوت الميثاقي” بـ “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية”، مجتمعَين أو منفردَين، ملغياً بذلك مفاعيل تصويت أي فريق مسيحي آخر. ولمح أحد هؤلاء السياسيين إلى أن الرئيس بري ينصّب نفسه في هذه الحال مجلساً دستورياً يفصل في ميثاقية مشاريع القوانين والتصويت، الأمر الذي يؤسس لسابقة ويمكن أن تكون له مترتبات لاحقاً على الحياة السياسية والدستورية.