Site icon IMLebanon

رسالة فاتيكانية: قوى الشر لن تسود الراعي يُحذر من “تفرد” الشركاء المسلمين

أفسح انحسار عاصفة التمديد لمجلس النواب باستثناء مزيد من المواقف المدوية التي دأب على اطلاقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال جولته في اوستراليا والتي اختتمها أمس، لتظهير مشهد اكتسب دلالات بالغة الاهمية مع انعقاد مؤتمر “العائلة وتحديات العصر في الشرق الاوسط” الذي افتتح عصر أمس في “المركز العالمي لحوار الحضارات – لقاء” في الربوة بما شكله من أوسع تظاهرة لرؤساء الطوائف المسيحية والاسلامية وفي حضور فاتيكاني رفيع المستوى الى مشاركة لبنانية سياسية عريضة من مختلف الفئات والاتجاهات.

ذلك ان هذا المؤتمر تميز بما وصفه رئيس الوزراء تمام سلام في كلمته الافتتاحية بأنه “المشهد الجامع الذي يشكل الوجه المشرق للبنان الذي يتعرض اليوم للعدوان ومحاولة محو بهائه”. واكتسب انعقاده في توقيته وكثافة المشاركين فيه ومداخلاتهم ولا سيما منهم رؤساء الطوائف المسيحية والاسلامية، بعدا مهما جدا من حيث اعلاء صورة لبنان النموذج في تعايش الاديان والطوائف وقت يتعرض الشرق الاوسط برمته لاخطر هجمة متطرفة تستهدف مختلف الديانات والاقليات على أيدي التنظيمات الاصولية التكفيرية بما جعل المؤتمر يشكل ردا جامعا اعلنت عبره ارادة التمسك بالتعايش والاعتدال وسيلة اساسية لرد هذه الهجمة. ولعل أبرز ما واكب اطلاق هذه الرسالة ان المشاركين في المؤتمر من رؤساء دينيين أجمعوا على رفض التطرف باعتباره استهدافا لكل الديانات والطوائف والتشديد على النموذج اللبناني والحفاظ عليه في معالجة خطر التطرف والارهاب.

واتسمت كلمة الامين العام لمجمع أساقفة العالم في الفاتيكان الكاردينال لورنزو بالديساري بدلالات بارزة اذ تضمنت رسالة الى المسيحيين في لبنان والشرق الاوسط للتعلق بأرضهم من دون اغفال الاخطار التي تواجههم . وقال ان “الاقليات الدينية تؤدي دورا أساسيا في الشرق الاوسط، فهي صانعة السلام والمصالحة والتطور” محذرا من ان فقدان هذه التجربة “يؤثر سلبا على هذا التراث الذي يعود الى البشرية جمعاء”. واضاف إن “الازمة الحالية تهدد وجود المسيحيين وخصوصا في سوريا والعراق كما تهدد كل الاقليات التي تعاني الاضطهاد… وأمام هذه الاعمال البربرية تدعو الكنيسة الى الاعتراف بحق المسيحيين والاقليات الاخرى في العيش في أرض أجدادهم وبالعودة اليها بطريقة آمنة اذا اضطروا الى مغادرتها”. وأكد ان “قوى الشر لن تسود وهذا اليقين يبهجنا ويحضنا على الصلاة وعلى بذل كل الجهود اللازمة من أجل توعية الحكومات والرأي العام على هذا الامر”.

الراعي

أما في الشأن السياسي الداخلي، فبرزت مواقف جديدة للبطريرك الراعي في مؤتمر صحافي اختتم به زيارته الرعائية لأوستراليا شن عبره حملة حادة على السياسيين والنواب على خلفية التمديد لمجلس النواب وأزمة الفراغ الرئاسي. وقال: “آلمنا بالاكثر تمكن النواب اللبنانيين من إحكام الفراغ في سدة الرئاسة الاولى على مدى ثمانية اشهر حتى الوصول الى حافة الفراغ في مجلس النواب، فأسرعوا كالتلاميذ الشاطرين بعدد فاق كل توقع الى حماية مقاعدهم فمددوا لانفسهم”. واسترعى انتباه المراقبين اشارة الراعي الى “تفرد الشركاء المسلمين” برئاسة مؤسستي مجلسي النواب والوزراء متسائلا: “أهذا هو المدخل الى تغييرات اخرى لاحقة على مستوى الكيان اللبناني من خلال نقض متلاحق للدستور والميثاق الوطني والصيغة اللبنانية؟”. وتحدى النواب “ممن لا يرضون عن هذا المسار ان يظهروا ذلك بالاستقالة من هذا المجلس”.

جنبلاط ولافروف

في غضون ذلك، يواصل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط زيارته للعاصمة الروسية حيث التقى امس وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في حضور نائبه مبعوث الرئيس الروسي الى افريقيا والشرق الاوسط ميخائيل بوغدانوف والوزير وائل ابو فاعور والسيد تيمور جنبلاط .

وصرح جنبلاط لمراسل “تاس” بإن الوفد اللبناني الزائر لموسكو تناول خلال المحادثات التي أجراها أمس مع لافروف، الوضع في لبنان، ولمس وجود “تطابق في التقويم الإيجابي بيننا للوضع في لبنان”. وقال: “تناولنا الوضع في لبنان وكان تقويمنا وتقويم الوزير لافروف إيجابياً، على رغم الفوضى المحيطة بنا سواء في سوريا أو في العراق أو في ليبيا. كما قوّم الوزير لافروف العلاقات اللبنانية – الروسية عالياً، وأعتقد أن الدولة اللبنانية ستشتري لاحقاً أسلحة وأعتدة عسكرية من روسيا، وهذا أمر مهم. وتحدثنا كذلك عن سوريا، وهنا نعود إلى الزيارة الأخيرة التي قمت بها لروسيا في كانون الثاني 2013، حيث توقفنا عند أهمية الحل السياسي في سوريا”. وسئل هل بحث الوفد في ملف مكافحة الإرهاب في لبنان مع المسؤولين الروس، فأجاب جنبلاط: “لم نبحث في موضوع مكافحة الإرهاب مع الجانب الروسي”. ووأبرز عوامل إيجابية داخلية في هذا السياق، منها “تقديم الرئيس سعد الحريري غطاء للعملية الأمنية للجيش في طرابلس، وخطاب السيد حسن نصر الله الذي أثنى فيه على موقف الشيخ سعد الحريري”، معتبرا هذين القطبين “خطان متوازيان”. وعبّر عن أمله في أن يلتقي هذان الخطان قريبا.

المحكمة

على صعيد آخر، علمت “النهار” ان الرئيس تمام سلام سدد حصة لبنان في تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عبر المصرف المركزي من دون المرور بمجلس الوزراء حيث يرفض فريق 8 آذار الموافقة على هذه الخطوة إنطلاقا من عدم إعترافه بشرعية المحكمة. وتأتي خطوة رئيس الوزراء تكرارا لخطوات مماثلة آخرها في ظل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي اعتمد على مبادرة من القطاع المصرفي لتسديد حصة لبنان في المحكمة. وكان رئيس قلم المحكمة داريل مونديس صرّح الخميس الماضي بان المحكمة تسلّمت من الحكومة اللبنانية حصة لبنان من موازنة السنة الجالية والبالغة 29,347,003,50 أورو والتي تشكّل نسبة 49 في المئة من موازنة المحكمة.