IMLebanon

عاصفة أبو فاعور تختبر الحكومة اليوم سلام يربط الأزمة الرئاسية بالملف النووي

فاق المفعول الصاعق لحملة سلامة الغذاء التي أطلقها وزير الصحة وائل ابو فاعور اول من امس، بنشره لائحة بالمؤسسات التجارية المخالفة لشروط السلامة العامة، كل التقديرات بحيث طغت ردود الفعل المتصاعدة عليها على مجمل المشهد الداخلي وسط تفاوت بل تناقض في مواقف بعض الوزراء من هذه الحملة، وقت بدا الوزير ابو فاعور ماضيا في الحملة من دون تراجع. واكتسبت خطوة وزير الصحة بعداً ثقيلا غير مسبوق من حيث اتساع الجدل العام في البلاد حول اختراق مشهود له في اللجوء الى أساليب غير تقليدية في مكافحة ظاهرة الفضائح المتصلة بالصحة والامن الغذائي، الامر الذي شكل واقعيا صدمة كبيرة ترجمتها موجة ردود الفعل التي برزت امس وعكست الاهمية الكبيرة التي اكتسبها تفجير الوزير هذه القنبلة الصحية والاجتماعية، وإن تكن أثارت مخاوف من تداعيات تجارية واقتصادية.

لكن مبادرة أبو فاعور لقيت دعما واضحا وقويا من رئيس الوزراء تمام سلام، الذي سارع الى الثناء على الجهود التي يبذلها الوزير مؤكدا “دعمه له في ما يقوم به لحماية المصلحة العامة وصحة اللبنانيين”، كما شجعه على متابعة الاجراءات التي تقوم بها وزارته طالبا التشدد في مراقبة نوعية الغذاء الذي يستهلكه اللبنانيون واتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة.

أما وزير الصحة، فرد على الضجة التي أثارتها خطوته مبديا “تفهمه لبعض ردود الفعل”، لكنه توجه الى “المنزعجين من الحملة القائمة من وزراء وغير وزراء”، قائلا: “من يريد ان يكون منحازا الى أصحاب المصالح فهذا شأنه، أما نحن فمنحازون الى صحة المواطن والقانون والعدل والواجب”. وإذ شدد على “أننا سنكمل القيام بواجبنا ولن يثنينا تصريح من هنا او فذلكة من هناك”، أضاف: “من ينتقدني ليذهب الى العمل والقيام بواجباته في وزارته وانا مستعد لان أكون في خدمته”. وكشف ان الحملة مستمرة “وان أسماء أخرى ستذاع اذا تبين ان هناك مخالفات خطرة على صحة المواطن، ولن نرتدع عن هذه الحملات”.

وبدا من مجموعة ردود أولية لبعض الوزراء ان ثمة تحفظات أثارها لديهم الوزير ابو فاعور وخصوصا لناحية التشهير بأسماء المؤسسات التجارية المخالفة. وعبّر عن هذه التحفظات وزير الاقتصاد والتجارة ألان حكيم الذي رأى ان عرض أسماء المؤسسات المخالفة بالجملة “من دون التأكد من الحالات من الناحية القضائية أمر مرفوض وأضر بالاقتصاد”. كما انتقد وزير السياحة ميشال فرعون الناحية نفسها قائلا: “لن نقبل ولا الوزير ابو فاعور بأن تكون بعض المعلومات غير دقيقة او التشهير بمطاعم تم تناولها بطريقة تطرح فيها علامات استفهام”. ومع ان وزير العدل أشرف ريفي أشاد بخطوة وزير الصحة فانه ايضا أعرب عن “تفضيله عدم اعلان أسماء في وسائل الاعلام اذ قد يعتبر الامر تشهيرا ولو ان كشف الاسماء يشكل رادعا لآخرين عن ارتكاب مخالفات”.

وصرح رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني لـ”النهار” بأن الحل للجدل الذي أثارته خطوة وزير الصحة في شأن سلامة الغذاء ينطلق من اقتراح سبق للوزير ابو فاعور نفسه أن قدمه عندما أثيرت القضية المتصلة بمادة اللبنة وفيه دعوة لتشكيل لجنة مشتركة من الوزارات المعنية وهي الصحة والزراعة والاقتصاد والتجارة والسياحة كخطوة على طريق إقرار قانون سلامة الغذاء وتكون مهمة اللجنة تنشيط حملات التفتيش ومراقبة نتائجها كي تأتي ضمن معايير المساواة والعدالة وتحقيقا لمصالح المستهلكين وصحة المواطنين. ولفت الى ان المياه جزء مهم من الغذاء وتمنى على وزير الصحة أن يكمل خطوته الاخيرة بإجراء مسح شامل لكل المؤسسات التي تتعاطى الغذاء إذ إن هناك شركات مرّخصاً لها بتعاطي تجارة المياه وتتمتع بمعايير السلامة، لكن هناك أيضا ما يزيد على مئة شركة مياه لا تخضع للرقابة ولا لمعايير السلامة، وقسم وازن منها في منطقة تحت سيطرة قوى الامر الواقع.

مجلس الوزراء

وعلمت “النهار” من مصادر وزارية ان مجلس الوزراء سيشهد في جلسته اليوم سخونة في ملفين هما سلامة الغذاء والخليوي. ففي الملف الاول سيتقدم الوزراء المعترضون بملاحظات على الحملة التي أطلقها وزير الصحة في حق عدد من المؤسسات الغذائية، فيما يرتقب ان يرد الوزير ابو فاعور ووزراء آخرون على هذه الملاحظات. أما في الملف الثاني فيستعد وزراء “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” لتفنيد خطة وزير الاتصالات بطرس حرب للتعاقد مع شركتيّ الخليوي.

كما علمت “النهار” ان الرئيس سلام سيجتمع بعد جلسة مجلس الوزراء الاسبوع المقبل مع اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملف اللاجئين السوريين بعد ان تكون اللجنة أجرت الاتصالات اللازمة مع المراجع الدولية في شأن خطة العمل التي أقرها سابقا مجلس الوزراء لمعالجة تفاقم أزمة اللجوء السوري الى لبنان.

الرئاسة والنووي

على الصعيد السياسي، لوحظ ان رئيس مجلس النواب نبيه بري مضى في ارسال الاشارات المتفائلة حول أفق الازمة الرئاسية، اذ أبلغ النواب الذين زاروه امس ان “هناك أمورا عدة لا أود ان أفصح عنها في الوقت الراهن وأستطيع القول ان هناك اتصالات داخلية ومؤشرات خارجية تبعث على التفاؤل” في شأن الانتخابات الرئاسية.

غير ان الرئيس سلام بدا حذرا جدا في مقاربته للأزمة الرئاسية حين أبلغ وكالة “رويترز” ان حل الازمة في لبنان “يتطلب عددا من الحلول الاكبر لتنفيس الاحتقان في المنطقة بدءا من اتفاق الولايات المتحدة وايران على البرنامج النووي الايراني ومن ثم حل نهائي للازمة في سوريا”.

بلامبلي

في غضون ذلك، أفاد مراسل “النهار” في نيويورك علي بردى ان المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي، قدم امس احاطة الى أعضاء مجلس الأمن عن تنفيذ القرار 1701 اعتبر فيها أن احتفاظ “حزب الله” بالسلاح “يشكل عائقاً واضحاً” أمام قدرة الدولة على ضمان ممارسة كامل سلطتها على أراضيها. وعبر عن “القلق” من الهجمات التي تشنها على الجيش اللبناني الجماعات المتطرفة العنيفة، ومنها “الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش” و”جبهة النصرة” انطلاقاً من سوريا. وندد بـ”مشاركة لبنانيين” في النزاع الدائر في البلد المجاور، مطالباً “حزب الله” وغيره من العناصر اللبنانية بـ”التراجع عن المشاركة في النزاع السوري”. وعبر عن “القلق بوجه خاص من انتهاكات الخط الأزرق التي يقوم بها أفراد القوات المسلحة، وخصوصا من الجيش الإسرائيلي، خلال الفترة المشمولة بالتقرير”.

الى ذلك، تضاربت المعلومات عن حقيقة ما جرى ليل امس في جرود عرسال من الجانب السوري، اذ أشارت معلومات الى ان الطيران السوري شن غارات على موكب للمسلحين في جرود فليطا، فأصيب عشرات من “جبهة النصرة” فيما تحدثت معلومات اخرى عن ان الغارات طاولت أماكن منها مكان احتجاز العسكريين اللبنانيين المخطوفين لكن أحدا منهم لم يصب بأذى. ونفى الجيش اللبناني ليلا ان يكون قصف أي موقع في جرود عرسال وذلك ردا على مزاعم لـ”جبهة النصرة” عن مشاركته في القصف.