IMLebanon

22 تشرين الثاني: استقلال فاقد الرئاسة حوار “على السكة” والحريري لمشاورات “التوافق”

وسط أزمة الفراغ الرئاسي التي تطوي بعد ثلاثة أيام شهرها السادس ومحنة العسكريين المخطوفين التي مر عليها اكثر من ثلاثة اشهر من دون بارقة أمل في اطلاقهم، يشهد لبنان اليوم سابقة الغاء الاحتفال الرسمي المركزي بالذكرى الـ71 للاستقلال في 22 تشرين الثاني للمرة الاولى منذ عام 1990. ولم تغب الوطأة الثقيلة للمناخ القاتم الذي يظلل الذكرى على مختلف ردود الفعل الداخلية والخارجية التي صدرت في المناسبة، اذ تقدمت ازمة الفراغ الرئاسي المواقف الداعية الى استعجال انتخاب رئيس للجمهورية كرأس جسر اساسي لانقاذ لبنان من التداعيات السياسية والامنية والاجتماعية التي يواجه اخطارها.

وبرزت في هذا السياق رسالة الرئيس الاميركي التي وزعتها السفارة الاميركية في بيروت والتي اعرب فيها عن “أسف الولايات المتحدة لمرور هذه الذكرى من دون وجود رئيس منتخب للجمهورية اللبنانية، وهو رمز مهم غائب لوحدة الامة وعامل رئيسي في تعزيز سيادة لبنان واستقراره”، مضيفاً انه “يجب أن يكون انتخاب الرئيس قرارا لبنانيا بحتا، لكنه قرار يجب أن يُتخذ لمصلحة الشعب اللبناني”. وشدد على ان بلاده “ستواصل الوقوف مع شركائها اللبنانيين في مواجهة التهديدات التي يشكلها المتطرفون لبلدينا وللعالم”، معتبراً “ان الشعب اللبناني هو من الشعوب الاكثر ثباتا في العالم. أنا واثق من أنه، وبدعم من المجتمع الدولي، يستطيع اللبنانيون الاستمرار في التغلب على الصعوبات وبناء طريق إلى الاستقرار والازدهار في مواجهة التحديات الكثيرة التي يواجهها لبنان في المنطقة اليوم”.

اما في المواقف الداخلية، فقال الرئيس سعد الحريري إن “الشعور بالمرارة لهذه السنة يصبح مضاعفا بسبب غياب رأس للدولة يمثل رمزيتها الوطنية والدستورية”. ولاحظ انه “امر مشين ومريب ان يحل عيد الاستقلال وليس بيننا رئيس للجمهورية”، وجدد الدعوة الى “خريطة طريق تحمي لبنان من العواصف المحيطة والمبادرة من دون أدنى تأخير الى اجراء مشاورات للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية يضع في أولوياته احياء الحوار الوطني وتعطيل الغام الفتنة وفك الاشتباك الامني والعسكري مع الحرب السورية”.

وفي الجانب المتصل بالواقع الامني والعسكري، قال قائد الجيش العماد جان قهوجي في امر اليوم مخاطباً العسكريين: “انتم من افشل أخطر مخطط ارهابي يهدد لبنان والمنطقة جمعاء وانتم من احبط حلم اقامة امارة ظلامية واعلموا ان قرارنا واضح وهو ان الحرب ضد هذه التنظيمات مستمرة فلا هوادة ولا استكانة في قتال الارهابيين حتى اقتلاع جذورهم من لبنان”.

ويشار الى ان خطوة وزير الخارجية جبران باسيل دعوة السفراء الاجانب الى الاستماع الى كلمة القاها أمس في ذكرى الاستقلال أثارت استغراباً في الكثير من الاوساط، اذ رأت فيها توظيفاً سياسياً وتوسعاً في تفسير مفهوم الصلاحيات الوزارية لايحاءات معينة، خصوصا انها جاءت معاكسة للاتجاه الرسمي الحكومي الذي الغى الاحتفالات بذكرى الاستقلال.

المستقبل” و”حزب الله

في غضون ذلك، علمت “النهار” ان شخصيات سياسية ستتوجه في الساعات المقبلة الى المملكة العربية السعودية لإجراء مشاورات مع الرئيس سعد الحريري وعدد من المسؤولين في المملكة تتناول المستجدات داخليا وأقليمياً. وتأتي هذه المشاورات وسط إنسداد الافق امام المحاولات لتحريك الجمود في الانتخابات الرئاسية وكذلك لفتح قناة حوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”. وفي هذا السياق لفتت مصادر وزارية الى ان المفاجأة التي تلقاها رئيس مجلس النواب نبيه بري كانت عندما صدر موقف سعودي بإدراج الحزب على “لائحة الارهاب”، فيما كان يسعى مع النائب وليد جنبلاط الى إنجاح هذا الحوار.

في المقابل، قالت اوساط نيابية بارزة لـ”النهار”ان ما يصدر عن الرئيس بري من مواقف والتي تشير الى وجود معطى يبنى عليه في الاستحقاق الرئاسي لم يأت من فراغ.ولفتت الى ان الموقف السعودي من “حزب الله” في مجلس الامن منفصل عن موقف المملكة في لبنان حيث ترى ان هناك حرية لتحرك الاطراف اللبنانيين وفق معطياتهم الخاصة.

واكد الرئيس بري امس لـ”النهار” انه ماض في العمل على فتح الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله ” الذي اشار الى انه يعمل عليه منذ آب الماضي. واوضح ان هذا المسعى انتقل الى جدول اعمال الحوار الذي “لن يتأخر”، مشدداً على ان “الامور تتجه نحو الاحسن والرئيس الحريري جدي والسيد حسن نصرالله ايضاً والحوار ماشي وعلى السكة لنردم الهوة الكبيرة بين الطرفين”. كما علم ان بري سيلتقي السفير السعودي علي عواض عسيري في الايام القريبة سعياً الى تحصين المسعى الحواري الذي يتولاه.

المجلس الدستوري

على صعيد آخر، لم يفض الاجتماع الاول الذي عقده المجلس الدستوري امس للنظر في ملف مراجعة الطعن التي قدمها امامه نواب “التيار الوطني الحر” في قانون التمديد لمجلس النواب الى اي نتيجة فورية. وقد تداول المجلس الذي انعقد بكامل اعضائه التقرير الذي وضعه المقرر المكلف وقرر عقد اجتماع آخر الثلثاء المقبل ضمن مهلة الـ 15 يوما التي يلحظها النظام الداخلي للمجلس لاصدار قراره، وفي غير هذه الحال يعتبر قانون التمديد نافذاً.

ريفي

الى ذلك، كشف وزير العدل اللواء أشرف ريفي الموجود في السعودية لـ”النهار” أنه سيعقد فور عودته إلى بيروت لقاءات مع ممثلي قوى المجتمع المدني وجمعيات حقوق الانسان “سعياً إلى أوسع مشاركة في التفكير في موضوع المحاكم ذات الدرجة الواحدة، والتي يتوجب في رأيي إلغاؤها بما يتناغم مع معايير العدالة في كل الدول الديموقراطية”.

واستغرب حملة “تكتل التغيير والإصلاح” عليه بسبب موقفه هذا، وقال إن تشبيه “التكتل” عمل هذه المحاكم بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان “غير مطابق للواقع إطلاقاً. فما يجري في لاهاي هو نموذج نطمح اليه، وجلسات المحاكمة هناك التي تابعنا خلالها أخيراً شهادة النائب مروان حمادة تجري علناً امام الرأي العام، وحقوق الدفاع تُمارس بحرية تامة. وهذه حقيقة برسم المتحمسين للمحاكم الاستثنائية الذين كانوا بالأمس من أشد منتقديها، على رغم أنهم تعرضوا في السابع من آب 2001 خلال فترة وصاية النظام السوري للتعسف والظلم عبر هذه المحاكم الاستثنائية”.

وجدد تمسكه بالدعوة إلى حصر صلاحية المحكمة العسكرية بالجرائم المسلكية للعسكريين، وإلغاء مثول المدنيين أمامها.