على رغم عطلة نهاية الاسبوع، وضحت الصورة بعض الشيء: “جبهة النصرة” ليست أقل دموية من “داعش” وان اختلفت الوسائل، الموفد القطري تأخر لأسباب غير واضحة، تركيا دخلت على خط التفاوض مجددا، لا مقايضة بالعسكريين، الجيش سيواصل عزل عرسال عن جرودها كلما تقدم الخريف والشتاء، مزيد من التشدد عبر الحدود اللبنانية – السورية، ومنع السوريين الخارجين من الدخول مجددا، وكذلك دهم كل الاماكن المشتبه في ايوائها ارهابيين بعد فترة طويلة من السماح، والجلسة التشريعية الاسبوع المقبل بعد عودة الرئيس تمام سلام من نيويورك وابرز قراراتها سلسلة الرتب والرواتب.
الوضع الامني شكل الهاجس الاكبر في ظل وقائع ميدانية، والكثير من الشائعات التي تزيد البلبلة، خصوصا اثر قتل جندي وقيام اقاربه بعمليات خطف، ترافقت مع اقفال عدد من الطرق، تبعها تفجير استهدف موقعا لـ “حزب الله” ليل السبت.
فبعد دقائق من مؤتمر صحافي عقده والد الجندي الشهيد محمد معروف حمية في منزله في طاريا – بعلبك العاشرة صباح السبت، وقوله: “لدينا الأمل أن ابننا في خير”، جاء الرد المفجع بفيديو بثته “جبهة النصرة” يظهر اعدام محمد رمياً بالرصاص والى جانبه الجندي المخطوف علي البزال الذي ناشد الجميع وعلى رأسهم “حزب الله” الخروج من عرسال لئلا يكون الضحية التالية.
على الاثر، خطف مسلحون السبت خمسة اشخاص من آل الفليطي وآل الحجيري من بلدة عرسال، على طريق البقاع الشمالي، كما خطف ثلاثة اشخاص في منطقة الاوزاعي في بيروت أحدهم من آل سلطان من البلدة، وآخران من عائلة الحجيري.
واستهدف الجيش أماكن وجود المسلحين في جرود عرسال بالقذائف الصاروخية طوال ليل السبت – الاحد وخصوصا في وادي الرهوة، في ظل استكمال أعمال الدهم التي يقوم بها للمخيمات التابعة للاجئين السوريين في بلدة عرسال وبعض القرى المجاورة.
وأبلغ متابعون من كثب “النهار” أن القصف الذي تعرض له بعض مراكز “النصرة” من المواقع اللبنانية قبل أيام أصاب في ما أصاب موقعاً يستخدم مستشفى ميدانياً فقتل فيه طبيبان وعدد من الجرحى مما انعكس تغيراً في سلوك المجموعة المسلحة أخيراً. ويُضاف إلى ذلك الإقفال النهائي للممرات الذي يطبقه الجيش اللبناني تدريجا، بحيث لم يبق خارج سيطرته سوى ممرين اثنين يقعان في مرماه، الأمر الذي يزيد التوتر لدى المسلحين مع اقتراب فصل الشتاء والثلوج.
العسكريون
وسجل تقرير امني معطيات توافرت من التحقيق مع ثلاثة من الموقوفين كشفت “النهار” هويتهم الجمعة، أنّ العسكريين المخطوفين لدى تنظيم “داعش” موجودون في إحدى مغاور وادي الرهوة في جرود عرسال، بينما من المرجح أن يكون المخطوفون لدى “جبهة النصرة” باتوا في وادي ميرا بجرود القلمون السورية المتصلة بجرود عرسال. وفيه ايضا وصف لمغاور طبيعية في الجرود لجأ اليها المقاتلون واعتمدوها مقار لهم بعدما عملوا على تجهيزها بالكهرباء والصحون اللاقطة فضائيا والكثير من المؤن تحسبا للشتاء.
وقال مصدر متابع لـ “النهار” ان “الارهابيين اعلنوا الحرب على لبنان، على جيشه ومواطنيه الآمنين، غير آبهين بالذين استضافوهم في عرسال وغيرها بل حولوهم رهائن لديهم، وغير آبهين بأهلهم السوريين اللاجئين الى لبنان بل عرضوهم للاضطهاد”. وأضاف: “إن الحكومة اللبنانية قررت التصدي، والجيش سيكافح الارهاب لأنها مهمته الاساسية في الدفاع عن الوطن والحدود والناس، وهو سيستمر في مهمته على رغم الاثمان الباهظة التي يتكبدها”.
وعلمت “النهار” من مصدر وزاري انه بحث مع قيادة الجيش في ارسال تعزيزات اضافية لإقفال كل المعابر، وان حجة الاهالي الوصول الى البساتين في الجرود ستضعف مع الشتاء، وتاليا ستضبط حركة الدخول والخروج”. ونفى المصدر الوزاري علمه باحراز اي تقدم في المفاوضات، لكنه أكد ان “لا مقايضة، وهذا القرار اجمعت عليه الحكومة”.
وكان الرئيس سلام بعد لقائه الرئيس بري اكد الوقوف خلف الجيش، قائلا: “سعينا الى التفاوض مع الارهابيين عبر وسطاء، فلم يجيبوا بايجابية ورأينا ما أقدموا عليه أمس، اننا لن نفاوض والقتل قائم، بل المفاوضات تبدأ بوقف القتل (…) خيارنا المواجهة، بقرار موحد خلف الجيش والقوى الامنية ولن نتنازل للارهابيين عن أي شيء”.
وفهم ان الرد الذي قابلت فيه “جبهة النصرة” توقيف المجموعة الارهابية المتهمة بذبح الشهيد عباس مدلج، اسقط الوساطة القطرية التي كان يعول عليها لبنان والتي بينت الوقائع الامنية انها تعثرت قبل ان تبدأ. وحذرت مراجع سياسية رفيعة من خطورة ما آلت اليه الامور، مشيرة الى ان “لبنان لم يعد يملك خيارا إلا المواجهة”.
وقال مصدر وزاري لـ”النهار” إن “المفاوضات تتلاحق، تخف وتيرتها أحياناً عندما تتعثر وتقوى أحياناً، ونحن نعرف مدى قلق الأهالي ونشاطرهم مشاعرهم وفي الوقت نفسه نمثّل سياسة الدولة”. وكشف أن المراجع المعنية بالمفاوضات تعوّل على دور لتركيا في المساعدة لتحرير الجنود اللبنانيين، ملاحظا أنها تتمتع بفاعلية على هذا الصعيد، بدليل نجاحها في حل قضية الأتراك الرهائن الذين كان خطفهم تنظيم “داعش” في العراق.
وتحدث المصدر عن اتصالات جارية بين بيروت وأنقرة لهذه الغاية، وقال إن الجهة المفاوضة اللبنانية ركزت على طلب ضمانات للتوقف عن قتل الجنود الأسرى، وكانت تعتقد أن الخطر يتهدد من يحتجزهم “داعش” ، ولكن تبين أن الخطر على من تحتجزهم “جبهة النصرة” ليس أقل بعدما قتلت الجندي الشهيد محمد حمية الجمعة الماضي. ووصف الدعوات إلى التعجيل في محاكمة الإسلاميين بأنها في غير محلها لأنها تسير بسرعة منذ مدة بعد تركها منذ العام 2007، وقد تفرعت ملفات “فتح الإسلام” إلى 39 صدرت الأحكام في 24 منها، ولم يبق إلا 15 ملفاً ستصدر فيها الأحكام خلال شهرين وفي حد أقصى قبل نهاية السنة.
وعلى رغم التعتيم على مجريات المفاوضات ، علمت “النهار” أن تنظيم “داعش” هو الذي يضمّن موضوع السجناء الإسلاميين المطالب أو الشروط المطروحة لإطلاق العسكريين ولا يبدي أي اهتمام بالحصول على مال، في حين تهتم “النصرة” أكثر بنقل اللاجئين السوريين في عرسال إلى مكان آخر أبعد وأكثر أمنا، ولا يلقى هذا الطلب اعتراضاً من الجانب اللبناني علماً أنه يقتضي قراراً سياسياً. كما أن الموضوع المالي يرد في مطالب “النصرة”.
الجلسة التشريعية
أما سياسيا، فان الابرز هو الجلسة التشريعية، على رغم أن جلسة انتخاب رئيس للجمهورية غدا الثلثاء ستسلّم على سابقاتها، على حد قول الرئيس نبيه بري، “وفي ضوء التطورات الامنية الاخيرة والاكثر من خطرة التي تعيشها المنطقة يجب ان تلزم وتفرض على كل الافرقاء والكتل النيابية وعلى اختلاف انتماءاتها السياسية الاتفاق سريعا على انتخاب رئيس للبلاد”.
ووصف بري لـ”النهار” الجو بـأنه “ايجابي”، مشيرا الى ان تحديد موعد الجلسة العامة لن يستغرق وقتا طويلا على ان تسبقه طبعا دعوة هيئة مكتب المجلس لوضع جدول أعمال الجلسة. وتوقع ان يوجه الدعوة فور عودة رئيس الوزراء من نيويورك، كاشفا عن اجتماعات اخرى ستعقد بين وزير المال علي حسن خليل والنائب جورج عدوان لاستكمال البحث في التفاصيل. وأضاف ان الاولوية ستكون لملف السلسلة فضلا عن مواضيع اخرى ستعرض على الهيئة العامة لها الاولوية ايضا مثل الاوروبوند وسلسلة الرتب والرواتب وقانون الايجارات وترميم قانون الانتخاب.
وتوقعت مصادر نيابية أن تدعى هيئة مكتب المجلس إلى الانعقاد الاربعاء المقبل أو الخميس، بعد مرور موعد الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية الثلثاء. وستنصرف هيئة المكتب إلى وضع جدول الأعمال للجلسة الاشتراعية التي ستبحث في قوانين وتعديلات قوانين تحمل صفة “الضرورية جداً”.
وكرر مرجع في قوى 14 آذار نفيه لـ”النهار” أن تكون خطوة المشاركة في جلسات اشتراعية مؤشراً لتغيير في الموقف من رفض التشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وأوضح “أننا في صدد جلسات لأسباب ضرورية كنا قد حددناها عندما أعلنا موقفنا “.
من جهة أخرى، اقترب موعد لقاء بري والرئيس فؤاد السنيورة ، ومن المقرر ان يطلع رئيس المجلس من السنيورة على مضمون مبادرة قوى 14 آذار التي تتناول الاستحقاق الرئاسي. وفي معلومات لـ”النهار” ان هذه القوى استغنت عن فكرة الوفد الموسع للقاء بري، وفوضت الامر الى السنيورة.
سلام
اما الرئيس تمام سلام، فالى نيويورك التي يصل اليها اليوم ويبدأ لقاءاته الثنائية على امتداد الاسبوع حتى الجمعة، موعد انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي سيلقي أمامها كلمة لبنان، وموعد انعقاد اجتماع مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان.
وكشف سلام لــ”النهار” انه سيلقي كلمة في الاجتماع الذي يحضره وزراء خارجية الدول الخمس الاعضاء في مجلس الامن والاعضاء في مجموعة الدعم، وسيقدم عرضا للوضع في لبنان في ظل أزمة اللجوء السوري وتداعياته، وسيذكر المجتمع الدولي بضرورة الوفاء بالتزاماته بعدما بات لبنان عاجزا عن تلبية حاجات اللاجئين إذ استنفدت كل موارده.
الصليب الأحمر
وبعيدا من التوترات، أحيا قسم الشباب في الصليب الاحمر اللبناني مهرجان السلام في وسط بيروت وامتد على ثلاثة ايام واختتم ليل امس بحفل فني ساهر، وتضمن معرضا ومسيرة شموع رسم المشاركون بها شعار السلام.