في خضم عجز سياسي فاضح، تمثل أمس في إرجاء درس قانون الانتخاب العتيد، وفي إحالة مشروع قانون سلامة الغذاء على لجنة فرعية، وفي تأجيل بت طلب الطعن في التمديد لمجلس النواب، نجح “حزب الله” في اختراق الجمود في ملف المخطوفين لدى مجموعات سورية مسلحة بعيداً من الدولة وروتينها الاداري وتشابكات وزرائها، فأعلن عن تحرير أحد مقاتليه عماد عياد، الذي كان أسره قبل أقل من شهرين “الجيش السوري الحر” في منطقة القلمون، في مقابل اطلاق أسيرين كانا محتجزين لديه تردد انهما يحملان جنسية خليجية. وكان معروفاً أن عياد وقع في قبضة “تجمع القلمون الغربي” التابع لـ”الجيش السوري الحر” والذي يقوده العقيد عبدالله الرفاعي الذي أوقف قبل مدة في رفقة لبناني لدى محاولتهما الخروج من عرسال في اتجاه الجرود وأعلن منذ أيام قرار القضاء اللبناني تخليته وتسليمه إلى الأمن العام.
وأكدت مصادر واكبت المفاوضات بين “حزب الله” و”الجيش السوري الحر” ان سر نجاحها يعود الى سياسة الكتمان التي اعتمدها الحزب منذ اليوم الاول للاعلان عن وقوع عياد في الأسر وعرض الخاطفين التفاوض لمبادلته. وأضافت ان الحزب قدّر موقف والد الاسير عندما ردّ على الخاطفين بأنه يعتبر ابنه شهيداً، وان الحزب أراد ان يظهر لمن يعنيه الامر ان التفاوض ممكن ان يصل الى نتائج ايجابية استناداً الى ما سماه السيد حسن نصرالله “أوراق القوة وان يكون التفاوض من موقع القوة”. وختم الحزب بيانه أمس بتمني إطلاق سائر المخطوفين ليكون حافزاً للحكومة لاعتماد هذا الاسلوب في قضية العسكريين وليس الخضوع للابتزاز الذي تمارسه الجماعات الخاطفة.
وفي ملف العسكريين، أعرب الاهالي الذين ألتقوا أمس الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير عن اطمئنانهم الى سير التفاوض. وتحدثوا عن معلومات غير رسمية عن ايجابيات من سوريا واستعدادها للتعاون في حل القضية نقلها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم.
من جهة أخرى، تعود خلية الأزمة الى الاجتماع في السرايا الرابعة عصر اليوم لمتابعة البحث في ملف العسكريين الـ26 المخطوفين (17 منهم لدى “جبهة النصرة”، و9 لدى “داعش”). وعلمت “النهار” أن الدولة اللبنانية وافقت على عرض الخاطفين الافراج عن خمسة من سجن رومية و50 في سوريا في مقابل كل عسكري لبناني، وهي لا تزال تنتظر اللوائح من الجهات الخاطفة التي لم ترسلها بعد.
كذلك علمت “النهار” أن خلية الازمة برئاسة رئيس الوزراء تمّام سلام ستستمع الى عرض من اللواء عباس ابرهيم بعد عودته من دمشق بمعطيات ايجابية تتصل بموقف النظام السوري من اطلاق افراد تابعين لـ “النصرة” و”داعش” للمساهمة في الافراج عن العسكريين اللبنانيين.
وفيما يتابع كل من الوزراء أعضاء الخلية اتصالاته في هذا الاطار، فهم ان المفاوض القطري ليس حالياً في لبنان، وهو يتابع من الخارج عملية التفاوض وينتظر اجابة الجهات المسلحة عن اللوائح لينقلها الى الدولة اللبنانية.
مجلس الوزراء
وهذا الموضوع كما علمت “النهار” سيحضر على طاولة مجلس الوزراء غداً إنطلاقاً من التطور الجديد. ورأت مصادر وزارية أن ما جرى بين الحزب والجبهة هو مفاوضات بين تنظيمين، الامر الذي لا ينطبق على الدولة اللبنانية التي لا تستطيع أن تفاوض تنظيماً إرهابياً. ولفتت الى انها ليست المرة الاولى التي يفاوض فيها “حزب الله”، إذ سبق له ان فاوض عدواً هو إسرائيل، وقد نجح الآن كما نجح في المرة السابقة. ولفتت الى ان الرسالة في ما جرى هي ان “النصرة” و”داعش” تريدان ان تقولا للحكومة اللبنانية “فاوضيني مباشرة بدل الوساطة لتحصلي على ما حصل عليه “حزب الله”. وفي السياق ذاته، قال وزير العمل سجعان قزي لـ”النهار”: “ما دام “حزب الله” نجح في إطلاق أسيره، فلنكلّفه التفاوض مع “النصرة” للافراج عن العسكريين”.
في هذا الوقت، افادت المعلومات المتصلة بالمفاوضات لإطلاق العسكريين ان الوساطة القطرية لا تزال مستمرة، ومن معطياتها الجديدة تأكيد إضافي لعدم المس بالعسكريين المخطوفين وسط شعور بأن الجهات الخاطفة صارت تجد في الملف عبئاً عليها بعدما انتهت مرحلة استخدام الملف ورقة ضغط قبل حلول الشتاء الذي حلّ ولم يحصل شيء.
الجيش
وفي شأن عسكري متصل بالصراع وقدرة الجيش على المواجهة، علمت “النهار” ان وفداً فرنسياً يضم 30 شخصاً يمثلون الدولة والصناعات العسكرية موجود حاليا في لبنان لتحديد الحاجات العسكرية للجيش بصورة نهائية ضمن هبة الثلاثة مليارات دولار التي قدمتها السعودية للبنان. وقد أنجزت الزيارة تحديد أنواع الاسلحة على صعيد الطيران والبر والبحر. واستجابت الدولة الفرنسية لإعطاء الجيش ما يحتاج اليه بما يتلاءم مع دوره في المرحلة الحالية والمقبلة ومنها تزويده نوعين من المروحيات ونوعين من البوارج الحربية وأنواع عدة من الصواريخ أرض – أرض وأرض – جو وجو – جو قصيرة ومتوسطة المدى، كما ستزود المروحيات والبوارج أنظمة السلاح.
الحوار
سياسياً، ترقب للحوار المتوقع بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”. وعلم في هذا الاطار ان الرئيس سعد الحريري سيضع له خريطة طريق غداً الخميس على رغم بعض الاعتراضات الخافتة عليه. لكن مصدرا متابعا توقع ان يقتصر الحوار على فرض التهدئة لتجنيب لبنان الانزلاق الى أتون الحرب في المنطقة، من غير ان ترسم له آفاق متقدمة تتعلق بالملفات الخلافية كمشاركة الحزب في سوريا، ورئاسة الجمهورية، وغيرها من الملفات التي ستظل معلقة.
من جهة اخرى، أبدت المملكة العربية السعودية دعمها لاطلاق الحوار، وأكد سفيرها علي عواض العسيري لرئيس مجلس النواب نبيه بري تشديد المملكة على دعم الحوار بين اللبنانيين، وما يحضّر في هذا الشأن بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”. وأبلغ العسيري بري “بصراحة، نحن مع هذا الحوار ونؤيده”. وردد بري أمام زواره انه توجس من موقف مندوب السعودية في الامم المتحدة حيال “حزب الله” وانعكاسه على لبنان والمسعى القائم لبناء حوار بين “المستقبل” و”حزب الله”. ورد العسيري ان “الامرين يختلفان ولا علاقة للواحد بالآخر”.
ولا يزال بري ينتظر جدول الاعمال الذي سيرسله اليه “تيار المستقبل” بعد ان يستكمل الوفد الذي توجه للقاء الرئيس سعد الحريري المشاورات المطلوبة.
مجلس النواب
والى ساحة النجمة، الى حيث انتقل ملف سلامة الغذاء الى مجلس النواب واطاره التشريعي، لكن الخلافات السياسية سبقته، كأنه لا يكفي هذا الموضوع 12 سنة من “النوم” في أدراج المجلس، ولا الفضائح المتتالية التي تهدد اللبناني في لقمته لتأخير بت المسألة. وقد انحصرت المشكلة، على خطورتها على صحة المواطن، بين صلاحية وزارات وهيئة مستقلة منوط بها معالجة موضوع سلامة الغذاء. وبانت الملامح السياسية التي أدت الى رمي الملف الى لجنة فرعية لدرس الموضوع او “لتضييع الوقت والمماطلة”.
في جانب آخر أبدى بري أمام زواره عدم ارتياحه الى الاجواء التي ترافق مناقشات لجنة درس قانون الانتخاب، ولديه مجموعة من الملاحظات التي لا تساعد في نقاش مشروع القانون المختلط (64 اكثري و64 نسبي).
ويردد بري ان ثمة مماطلة يطبقها البعض داخل اللجنة. ويخشى التسريبات الاخيرة التي ترافق اجتماعات اللجنة وربطها بموضوع تفسير المادة 24 من الدستور. وكان بري قد بدأ اجراء سلسلة من المشاورات مع رؤساء الكتل ولم يستكملها حتى الآن لمعرفة رأيها في جلسة لتفسير الدستور.
ولاحظ بري ايضا ان اعضاء في اللجنة يتراجعون عن القانون المختلط وما اتفق عليه في هذا الشأن وما أعلن في جلسة التمديد. وقال: “ثمة من يهدف من هذه المماطلة الى تمضية فترة الشهر لعدم التوصل الى اتفاق على المختلط”.
المجلس الدستوري
وقال رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان لـ”النهار” إن جلسات المجلس ستتواصل الى حين اصدار قرار بالطعن في التمديد لمجلس النواب، إذذاك سيعلن مضمون القرار عبر وسائل الاعلام.
وباشر المجلس وضع مسودة قراره بعد اطلاعه على تقرير المقرِّر، وهو يعقد جلستين اليوم والجمعة.