لا يهم منع السوريين من السفر الى الولايات المتحدة الاميركية بقدر ما يهم اهتمام الامم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمات الاغاثة بهم فلا يذهبن ضحايا البرد القارس في مخيمات اللجوء في دول الجوار لبلدهم حيث تقسو عليهم الحياة مرات ومرات، وقد أدى سقوط شجرة على احدى الخيم في بلدة كفرملكي في سهل عكار، تسكنه احدى العائلات السورية النازحة، الى مقتل طفلة في شهرها الخامس بعدما انهارت الخيمة عليها، وشردت العائلة. وحال هذه العائلة تشبه حال آلاف العائلات السورية، وربما اللبنانية التي تعاني الفقر والجوع والعوز، ولا تجد الا خطباً رنانة ومواقف يطلقها المسؤولون اللبنانيون والدوليون في مؤتمرات لا تعد ولا تحصى، تأتي نتائجها قليلة نسبة الى الوعود التي تطلق على منابرها.
أما في السياسة، فلا تقدم في الملف الذي يشكل الشغل الشاغل للسياسيين، أي قانون الانتخاب، من غير ان يرتفع الى مرتبة أولى لدى اللبنانيين الذين عجزوا عن فهم الصيغ المطروحة “المشربكة” والتي لا يرون فيها امكان التغيير بقدر ما يرون تقاسماً للحصص.
النسخة التي سربت لمشروع قانون الانتخاب ليست أكثر من مسودة قدمها الوزير جبران باسيل الى “اللجنة الرباعية”، واتهم مصدر من المجتمعين “تيار المردة” بتسريبها سعياً الى إحباطها. وفي هذا الوقت علمت “النهار” ان اتصالات تجري بين مجموعة من السياسيين لتوسيع جبهة الاعتراض على هذا المشروع بوسائل مختلفة. وهذه الاعتراضات تلتقي مع ما ذهب اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، من دون تنسيق، ففي رأيه ان الحل يبقى في الدستور “من دون لف ودوران. تفضلوا يا سادة الى تطبيقه. هو يقول بانتخاب مجلس شيوخ ومجلس نواب”. ويوجه رسالة هنا: “أنا لن أخالف الدستور فليخالفه غيري. أنا انتظركم هاتوا قانونكم”.
وقد اعترض على المشروع الرئيس ميشال سليمان الذي وجه كتابا الى المسؤولين جاء فيه ان القانون المختلط غير دستوري وقابل للطعن، في حين رأى الوزير والنائب السابق فريد الخازن ان المشروع سينفذ حكم إعدام سياسياً في حق أكثر من ٤٥٪ من القوى المسيحية وهذا ينذر بمزيد من الانشقاق والتفتت الوطني عموماً والمسيحي خصوصاً.
واذا كانت اللجنة الرباعية ستجتمع مجدداً اليوم قبل سفر الوزير باسيل الى جنوب أفريقيا غداً، فانها ستواجه حركة متصاعدة للحزب التقدمي الاشتراكي، وحزب الكتائب في اتجاه الرئيس بري الذي رأى ان اللجنة “غير منتجة حتى الآن “على رغم اعترافه بأنها “تبذل جهوداً للتوصل الى مشروع قانون لكنها ما زالت في حاجة الى بذل المزيد وتقديم جهود اكبر”، ما ينفي التفاؤل الذي ابداه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع.
وفي هذا الاطار، ترى مصادر متابعة ان الصيغة التي قدمها الوزير باسيل لا تتفق والمعايير الموحدة التي ينبغي ان تكون مطبقة في مختلف الدوائر وعدم التمييز بين الناخبين، وان ما يقدمه باسيل لا يوفر معايير موحدة. وتدعوه الى ان يعي جيداً ان ثمة أطرافاً آخرين في البلد سيقولون كلمتهم في هذا المشروع وهم ليسوا محصورين بالنائب وليد جنبلاط.
وعلى جبهة المتفائلين بقرب الاتفاق على صيغة موحدة قبل نهاية هذا الشهر، يجري العمل على تدوير الزوايا والاتفاق على صيغة بمعايير موحدة تجمع بين الأكثري والنسبي، والتأهيل في القضاء لكل المرشحين قبل الانتقال الى النسبية في محافظة أو في ميني محافظة، أي الاتفاق على دوائر انتخابية جديدة يراوح عددها بين 13 و 15. هذا الامر أكده النائب ابرهيم كنعان بقوله “إن العمل جارٍ من أجل توحيد المعايير في القانون العتيد باعتماد دوائر متساوية ومعيار واحد للفصل بين الاكثري والنسبي على ان يتم تطوير هذه الانطلاقة مستقبلاً من خلال تطبيق النسبية الكاملة في المحافظات أو ميني محافظات “كما عندما تمّ الاتفاق في بكركي على اعتماد الـ ١٥ دائرة مثلاً مع النسبية ما يؤمن صحة التمثيل لكل القوى السياسية وحتى للمستقلين”.
وصرح نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان لـ”النهار” إن “الخيار الوحيد الذي بقي متاحاً هو التوصل إلى قانون جديد للإنتخابات، ونحن نتجه جدياً إلى هذا القانون. فلينتظر الجميع التوصل إلى الصيغة النهائية، وسلوك مشروع القانون المسار الدستوري والقانوني، والذي ينص على إرسال الحكومة القانون إلى مجلس النواب ومناقشته، قبل أن يقيّموه ويتخذوا مواقف منه. وكل هذه العملية ستكون علنية وخلال أسبوعين حداً أقصى”.
المطار
على صعيد آخر، تبلغت شركات الطيران العاملة في مطار رفيق الحريري الدولي من اداراتها ضرورة تطبيق القرار المتعلق بحظر سفر رعايا الدول السبع التي شملها الإجراء الاميركي بمنع دخولها الولايات المتحدة الاميركية.
وبدأت الشركات تطبيق هذا القرار على المسافرين من رعايا هذه الدول المتوجهين من بيروت، عبر دول أخرى وفقا لما كانت قد تلقته هذه الشركات من الاتحاد الدولي للنقل الجوي “أياتا” عن هذا الإجراء.
وكشفت مصادر في مطار بيروت لـ”النهار” أن الاجهزة الامنية والرقابية المختصة في المطار بدأت التدقيق في أوراق المسافرين لحمايتهم من الاجراءات المتخذة في المطارات الاميركية، والتي تؤدي في نهاية المطاف الى إعادتهم الى بيروت. وفي سياق متصل، عادت عائلة سورية مؤلفة من ستة أشخاص، من الولايات المتحدة إلى بيروت عبر الدوحة، على متن رحلة للخطوط الجوية القطرية، بعدما منعتها السلطات الاميركية المختصة، في مطار فيلادلفيا من دخول أراضيها.