ماذا بعد “دفن ” المشروع المختلط للوزير جبران باسيل؟ وأي اتجاهات لأزمة قانون الانتخاب قبل المهلة “القاتلة ” الاخيرة الفاصلة عن موعد توجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة في 21 شباط الجاري؟ وهل تبلغ الأزمة فعلاً حدود مواجهة الفراغ بعدما تعهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تكراراً ان يكون خياره في حال عدم التوصل الى قانون بديل من قانون الستين؟
الواقع ان صورة المأزق الانتخابي بدت أمس أمام مرحلة شديدة التعقيد والغموض وسط هذه التساؤلات وسواها، وان تكن الحكومة بلسان رئيسها سعد الحريري سعت الى الحدّ من المخاوف من الاحتمالات الأكثر سوءاً بعدما ترك سقوط المشروع المختلط في الاجتماع الأخير للجنة الرباعية انطباعات سلبية من حيث امكان الدخول في دوامة اسقاط المشروع تلو الآخر من غير ان تلوح أي بارقة لتوافقات عريضة على أي مشروع بديل. وفي ظل هذه الدوامة بدا ان اللجنة الرباعية التي تضم ممثلين لـ”التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” وحركة “امل” و”حزب الله” تتجه نحو آلية عمل جديدة تلحظ تكثيفا لاجتماعاتها بمعدل اجتماع كل يومين واستنفاد البحث في المشاريع البديلة بدءاً باعادة طرح أفكار حول مشروع مختلط جديد “نيو مختلط”.
وكشفت مصادر معنية في اللجنة الرباعية لـ”النهار” ان اللجنة تجد نفسها أمام عشرة أيام حاسمة ستتكثف خلالها اللقاءات والاتصالات والمشاورات على مختلف المستويات للتفاهم على صيغة لمشروع جديد قبل موعد 21 شباط. واشارت الى ان الاجتماع الاخير للجنة مساء الثلثاء في وزارة الخارجية سجل تجاوز المجتمعين الصيغة المختلطة التي طرحها الوزير باسيل بعدما اعتبرها الثنائي الشيعي غير مناسبة وعاد البحث الى الصيغ الأخرى ولا سيما منها طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتناول التأهيل الأكثري على القضاء والانتخاب النسبي على المحافظة. لكن الخلاف استمر على آلية التأهيل بين حصول المرشح على نسبة عشرة في المئة من مجموع الاصوات في القضاء التي يطالب بها الثنائي الشيعي او تأهل المرشحين الاثنين الاولين عن كل مقعد. وبدا واضحاً، كما تقول المصادر، ان “تيار المستقبل ” ليس متحمسا لنسبة التاهيل المتدنية التي يطرحها الثنائي الشيعي. أما المشروع الثاني فهو مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي، وان يكن لم يطرح تفصيلاً في الاجتماع الاخير، يبدو انه موضوع على جدول النقاش، لكن النسبية الكاملة التي يلحظها لا تلاقي استجابة لدى “تيار المستقبل”، فيما يراه الفريق الشيعي المشروع الأنسب لانه يلحظ نسبية مخففة يمكن ان تشكل تسوية بين الجميع. وتقرر في ظل هذه المشاورات البحث عن أفكار جديدة لاعتماد توزيع المقاعد بين النسبي والأكثري تطبق بمعيار واحد على كل الدوائر بحيث يعمل كل طرف على درسها وطرحها في الاجتماع المقبل الذي يفترض ان يعقد اليوم.
الحريري
واشاعت جلسة مجلس الوزراء أمس في السرايا مناخاً من التوقعات الأقل تشاؤما لجهة استبعاد تصاعد المواجهة السياسية حول دوامة المشاريع الانتخابية اذ حرص الرئيس الحريري على القول إن التباين في وجهات النظر بين مختلف المكونات السياسية لا يعني الوصول الى طريق مسدود. واضاف: “يجب الا نيأس من التوصل الى قانون جديد وان نملك القدرة على التضحية للوصول الى قانون لا يثير المخاوف لدى أي مكون”. كما تعمد التشديد على “انني على خط واحد مع فخامة الرئيس عون وأريد ان أطمئن الغيارى الذين يراهنون على تخريب العلاقة بين اركان الحكم الى ان شيئاً من هذا لن يحصل”.
“القوات“
وأبدت مصادر “القوات اللبنانية” ارتياحها الى مسار جلسة مجلس الوزراء التي شهدت تأكيدا من الرئيس الحريري لضرورة إجراء الانتخابات النيابية وفقا لقانون انتخاب جديد منوها بالمناخ الإيجابي داخل الحكومة، وإصرارا على تفعيل الخطة التي وضعتها الحكومة السابقة في مسألة النفايات.
أما لجهة قانون الانتخاب، فقالت المصادر ان”القوات” متمسكة بالمشروع المختلط لثلاثة أسباب أساسية: الأول كون النظام النسبي مرفوضاً لدى فئة من اللبنانيين، والنظام الأكثري مرفوضاً لدى فئة أخرى، فيما المختلط يزاوج بين النظامين النسبي والأكثري. والسبب الثاني كونه معيار صحة التمثيل ويأخذ في الاعتبار هواجس الجماعات في لبنان. والسبب الثالث كونه المشروع الأقل رفضا والأكثر قبولا بين كل المشاريع الأخرى، ولأنه بعد عشر سنين حان الوقت للانتقال من البحث عن أي قانون أفضل إلى إقرار القانون العتيد، خصوصا أن عامل الوقت لم يعد يسمح بمواصلة البحث للبحث، علما أن الرئيس ميشال عون ورئيس حزب “القوات” سمير جعجع لن يقبلا تحت أي ظرف بقانون الستين والتمديد.
التحرك الكتائبي
وفي ظل اللقاء الذي عقده أمس جعجع ووفد من حزب الكتائب، أبلغ مصدر كتائبي “النهار” أن زيارة معراب تأتي مع غيرها من الزيارات المماثلة المقبلة للقيادات الحزبية استكمالاً للجولات التي بدأها وسيتسكملها النائب سامي الجميل مع المرجعيات الرسمية والسياسية.
أما لقاء الوفد الكتائبي مع رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل فقد تم التوافق بين الجانبين على أن يتم بعد عودة باسيل من زيارته الخارجية.
وقال المصدر الكتائبي إن الوفد يحمل الى القيادات موقف الحزب الرافض لقانون الستين ولأي صيغة يمكن ان تنال من صحة التمثيل وشموليته ومن التعددية والتنوع.
واكد ان الكتائب لن تكون في وارد القبول بأي قانون لا يضمن تمثيل الاصلاحيين من احزاب وشخصيات مستقلة ولا يؤمن تمثيل المرأة والمجتمع المدني.