قد يكون التعبير الأكثر دلالة على تصاعد أزمة قانون الانتخاب بوتيرة متدرجة قول احد المسؤولين السياسيين البارزين المعنيين بالمشاورات الجارية لـ”النهار” مساء امس انه يخشى ان تكون أطر معالجة هذه الأزمة خرجت واقعيا من الآن عن سكة المهل التي يلحظها القانون النافذ بما يعني فتح الأزمة على خيارات واتجاهات شديدة الخطورة سياسياً ودستورياً. والواقع أن بلوغ الأزمة سقوفا مرتفعة برز في شكل واضح في المواقف الجديدة التي أعلنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس امام نقابة المحررين ملوحاً في أبرزها باللجوء الى الاستفتاء في حال اقفال الأفق امام قانون انتخاب جديد الأمر الذي من شأنه ان يثير جدلاً سياسياً ودستورياً اضافياً في اطار التعقيدات المتراكمة للأزمة. وعكس كلام الرئيس عون ازدياد التأزم، اذ اعتبر من غير ان يسمي أي طرف ان “لا ارادة لانجاز قانون انتخاب جديد” متسائلاً “كيف يمكن ان نعمر مجتمعاً مستقراً في ظل انتفاء مثل هذه الارادة ؟”. وعن انتقاد البعض لموقفه من الفراغ قال: “لا تخيفونا من الفراغ فلسنا خائفين منه لان لدينا البدائل ويمكننا حل الازمة”. وأعلن انه “في ظل الأزمة القائمة واذا اقفل الأفق قد أطرح الاستفتاء اذ لا مانع منه في الدستور او القانون وليس من مانع لأي حل يقرره ويعتمده الشعب وهناك غيره من الحلول ايضا”.
وعٌلّقت اجتماعات اللجنة الرباعية المكلفة البحث في قانون الانتخاب بعدما وصلت الى الحائط المسدود وعجز كل من الاطراف الاربعة عن إيجاد صيغة جديدة تنقذ المهمة التي اضطلعوا بها. وعلم ان الاتصالات التي استمرت ثنائية وفِي كل الاتجاهات افضت الى الإقرار بأن لا جديد لدى اي من الاطراف الاربعة يستدعي عقد الاجتماع الرباعي.
ويبدو واضحاً ان مرحلة جديدة بدأت بعد الفشل في التوصل الى توافق على صيغة قانون انتخاب. وكشف النائب ألان عون لـ”النهار” ان الفشل في الاتفاق على قانون سيدفع الجميع الى الانتقال الى مرحلة البحث عن كيفية مواجهة هذا الفشل في ظلّ ثلاثة استحالات تمثل أمامنا حتى الآن: استحالة التمديد،استحالة الانتخابات على قانون الستين، واستحالة الاتفاق على قانون.
ورأى عون “انه لا يمكن الحزب التقدمي الاشتراكي الاستمرار في موقع الرفض بل عليهم ان يُقدِّموا بديلاً من رفضهم، هذا مع العلم ان المشكلة لا تقتصر عليهم وحدهم اذ ان افرقاء آخرين لم يتفقوا بعد”. وأضاف: “نحن لم نعد في موقع طرح اي شيء جديد، وقدمنا ما لدينا”.
وعلم ان الثنائي الشيعي لا يزال يراهن على تحقيق اختراق جديد في جدار هذه الأزمة، من خلال الدفع في اتجاه البحث في مشروع قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي شارك في وضعه عدد كبير من المكونات السياسية، بينها الحزب الاشتراكي، ليكون ارضية اتفاق يفترض ان يأتي قبل أو بعد حصول الاشتباك السياسي. والعدّ العكسي لهذا الاشتباك بدأ وقد يبلغ ذروته مع الدخول في المهل القانونية لدعوة الهيئات الناخبة التي تنتهي في ٢١ شباط الجاري.
وازاء الفشل السياسي في الاتفاق على قانون الانتخاب، يبدو ان ثمة قراراً بتجاوز هذا الحائط المسدود بتحقيق إنجاز استحال طوال عشر سنين بإقرار موازنة عامة واعادة الانتظام الى مالية الدولة.
وفِي هذا الاطار، يبدأ مجلس الوزراء الاربعاء المقبل مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لسنة ٢٠١٧ في ظل توافق على الإسراع في مناقشتها وأقرارها وإحالتها على مجلس النواب لتبدأ مسارها التشريعي.
وأكدت مصادر حكومية ان ثمة اتفاقاً سياسياً على اقرار الموازنة حتى وان لم تنجز وزارة المال عملية التدقيق في الحسابات المالية المطلوبة دستورياً لقطع الحساب. وقد اتفق على مخرج دستوري يسمح بإقرار الموازنة باضافة مادة تنص على مهلة إضافية محددة لإنجاز هذه الحسابات.
كذلك علم ان الجلسة الاولى للبدء بمناقشة مشروع الموازنة وفذلكتها ستعقد الاربعاء المقبل في قصر بعبدا على ان تنتقل بعدها الجلسات المتتالية الخاصة بمناقشة تفاصيل بنود الموازنة الى السرايا الحكومية.
غراندي
في سياق آخر، أبرزت زيارة المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي لبيروت والتي بدأها أمس عقب زيارة لسوريا، التفاوت في موقفي لبنان والمفوضية من موضوع “المناطق الآمنة “. فالرئيس عون أبلغ غراندي مطالبة لبنان بتسهيل عودة اللاجئين السوريين الى بلدهم عبر اقامة مناطق آمنة. أما غراندي فاعلن في مؤتمر صحافي انه لا يشجع عودة اللاجئين الى سوريا وانه لم يتم تحديد ما يعرف بالمناطق الامنة بعد وقال انه لن يشجع على هذه العودة الا عند ارساء السلام والاستقرار. واعلن ان الاتحاد الاوروبي في صدد التحضير لمؤتمر في بروكسيل من أجل التوصل الى حلول لقضية اللاجئين على المدى الطويل.