اذا كانت مسيرة العهد تعثرت في اقرار قانون جديد للانتخاب، في غياب اي دور في هذا المجال للحكومة المعنية الاولى بمشروع القانون، فانها تحاول ان تعوض هذا الغياب، بإقرار قوانين ومشاريع حيوية. فبعد مراسيم النفط، وضعت الحكومة في رأس جدول أعمالها لهذا الاربعاء مشروع موازنة 2017 والموازنات الملحقة بها. وقد أبلغت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية “النهار” ان ثمة قراراً بتجاوز هذا الحائط المسدود بتحقيق إنجاز استحال طوال عشر سنين بإقرار موازنة عامة واعادة الانتظام الى مالية الدولة. والامر الذي نفاه مصدر نيابي في لجنة المال والموازنة السبت عبر احدى المحطات التلفزيونية عاد فأكده المصدر لـ “النهار” مشيراً الى وجود توافق سياسي على الإسراع في مناقشة الموازنة وأقرارها وإحالتها الى على مجلس النواب لتبدأ مسارها التشريعي في لجنة المال والموازنة تمهيداً لاقرارها في الهيئة العامة، “لانه من غير المقبول ان يبقى لبنان من دون موازنة” وانه لا يمكن العهد ان ينطلق مع الكم الهائل من التعقيدات وألا ينجح في تفكيك العقد تباعا. وأوضح ان الغاء وثائق الاتصال يدخل في هذا الاطار. وأضاف انه لا يجد سبباً منطقياً لدعوات اطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي للقيام بتحركات اليوم في سبيل تحرير سجناء أو الغاء التعقبات في حق مطلوبين فارين، لان الغاء الوثائق سيعتق كثيرين من عبء الملاحقة.
وقالت مصادر حكومية لـ”النهار” إن ثمة اتفاقاً سياسياً على اقرار الموازنة حتى ولم تنته وزارة المال من إنجاز عملية التدقيق في الحسابات المالية المطلوبة دستورياً لقطع الحساب. وقد اتفق على مخرج دستوري يسمح بإقرار الموازنة باضافة مادة تنص على مهلة إضافية محددة لإنجاز هذه الحسابات. وتوقفت المصادر الوزارية عند موضوع قطع الحساب فقالت إنه سيأخذ إتجاهاً من البحث ممزوجا بالحسابات السياسية وخصوصاً في ضوء موقف لرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان رافض لإقرار هذا القطع ما يعيد فتح دفاتر قديمة متصلة بحكومات الرئيس فؤاد السنيورة. وتوقعت المصادر أن يصل الموضوع الى مجلس النواب ليخضع هناك لتوازنات البرلمان في ظل رغبة لدى مجمل الاطراف في التخلص من هذا الملف المزمن.
في المقابل، شدد كنعان على ان “لا اتفاق سياسياً على تمرير الموازنة بلا حسابات، ولن نكون جزءاً من أي تسوية على حساب المال العام”. وقال: “الأربعاء سيبدأ نقاش الحكومة للموازنة، وجاهزون بإيجابية على أساس الإصلاح ووضع أسس للانفاق ووقف الهدر. فنحن نريد الموازنة، وانا اكثر من يريدها كرئيس للجنة المال مؤتمن على الرقابة الفعلية على هذا الصعيد. وعلى الموازنة ان تنسجم مع الأصول والدستور. ونحن سنناقش الموازنة بالتفصيل، ونريد الإصلاح وضبط الانفاق، ووضع حد للاستدانة وسنطالب باحترام توصيات لجنة المال التي رفعت الى رئاسة مجلس الوزراء على اثر مناقشة مشروع موازنة العام 2010“.
وسيعرض وزير المال الاربعاء مشروع موازنة أعدته الحكومة السابقة، وسيخضع المشروع لمطالبات الوزراء في ضوء الحاجات المستجدة. وسيكون موضوع سلسلة الرتب والرواتب إحدى النقاط التي ستخضع لمناقشة مستفيضة في ضوء الامكانات المتوافرة للنهوض بإعباء الكلفة مع التركيز على موضوع الواردات لا من حيث إستحداث جديد منها بل جباية الوارادات المستحقة للخزينة والمتأخرة بسبب ضعف أساليب جمعها. وستتطرق المناقشات الى قوننة غلاء المعيشة التي تسددها الدولة منذ ثلاث سنوات من دون قانون.
قانون الانتخاب
واذا كان التوافق السياسي سيحكم مسار الموازنة العامة، فانه أيضاً سيرعى مسار قانون الانتخابات النيابية في ظل تراجع أجواء التشنج التي سادت في الايام الاخيرة بعد اقتناع مكونات السلطة بضرورة الاحتكام الى التوافق على مشروع جديد لا يشكل انتقاصاً من أحد ولا يلغي أحداً. وعلمت “النهار” ان المفاوضات والاتصالات قائمة على قدم وساق، ويأمل المعنيون في التوصل الى اتفاق ينطلق من صيغة المختلط ويندفع نحو النسبية أكثر، وسيكون قابلاً للولادة في الموعد المحدد أو في نهاية الشهر الجاري.
واذا كانت المواقف السياسية لا تشير الى هذه المرونة، على رغم ان رئيس “اللقاء الديموقراطي” رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لم يصعّد أمس، لكنه أكد تمسكه بقانون الستين، مبديا مرونة حيال ادخال تعديلات عليه، في مقابل اصرار “حزب الله” على النسبية، رأت مصادر متابعة ان “الاصرار أو تكرار المواقف لا يعني توقف التشاور”، وان التوافق الذي حكم مسيرة العهد منذ الانتخاب والتكليف وتأليف الحكومة سيمضي في مشاريع مقبلة كثيرة.
موفد سعودي
على صعيد آخر، وصل الى بيروت ظهر امس وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في وزارة الخارجية السعودية ثامر السبهان في زيارة رسمية هي الاولى لمسؤول سعودي بعد الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية ميشال عون للرياض في 9 كانون الثاني الماضي.
وأوضحت مصادر وزارية لـ”النهار” ان السبهان الذي باشر إتصالاته السياسية بعيد وصوله سيبحث في ملف العلاقات الثنائية ونقاط البحث التي كانت على جدول القمة اللبنانية- السعودية وطرح آفاق التعاون المشترك وما يمكن المملكة أن تقدمه من مساعدات للبنان في مجالات عدة.