مع ان مجلس الوزراء أطلق في جلسته أمس اشارة الاستعدادات للانكباب على الملف المالي الشائك من خلال عرض أولي لمشروع الموازنة لسنة 2017 الذي قدمه وزير المال علي حسن خليل تمهيداً لجلستين متعاقبتين تقرر عقدهما الاربعاء المقبل، بدا ان سباق الأولويات بين الملفات ذات الطابع الحيوي وازمة قانون الانتخاب سيملي على مجلس الوزراء الاستنفار وعقد جلسات متواصلة ابتداء من الاسبوع المقبل وحتى نهاية شباط الجاري سعياً الى تفاهم على قانون انتخاب جديد . ويرسم الاتجاه الى وضع مجلس الوزراء يده مباشرة على النقاش السياسي في ازمة قانون الانتخاب بلوغ الازمة حدوداً خطرة مع الاقتراب من دخول مرحلة المهل القانونية الملزمة لتنفيذ الاجراءات التمهيدية لاجراء الانتخابات النيابية بموجب القانون النافذ الامر الذي يشير الى امكان انهاء مهمة اللجنة الرباعية التي باتت مقتصرة على ما يبدو على الخبراء .
وكان لافتا في هذا السياق الموقف الجماعي الذي نقله سفراء وممثلو 19 دولة اوروبية برئاسة رئيسة بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان كريستينا لاسن أمس الى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من حيث تشديدهم على وجوب اجراء الانتخابات النيابية في موعدها معتبرين ان الانتخابات البلدية الاخيرة أظهرت ان لبنان يمكنه اجراء انتخابات سلمية وديموقراطية ضمن الاطر الشرعية المعتمدة . وعلمت “النهار” ان السفراء الاوروبيين لم يخفوا في لقائهم والمشنوق ان ثمة تخوفاً لديهم من ان تؤدي مجريات النقاش الجاري حول قانون الانتخاب الى تطيير الانتخابات أو تأجيلها وشددوا على ان تأجيلاً تقنياً ضمن المعقول ومهل قصيرة يمكن ان يكون مقبولاً، مبدين كل الاستعدادات للمساعدة التقنية واللوجستية حسب ما تمليه تغييرات محتملة في قانون الانتخاب . لكن وزير الداخلية سارع الى ابلاغ السفراء ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الوزراء سعد الحريري اكدا في جلسة مجلس الوزراء أمس ان قانوناً انتخابياً جديداً سيبصر النور قبل نهاية شباط الجاري. وقال ان “لا خيار الا اجراء الانتخابات النيابية التي بها يكتمل المسار الدستوري وتتعزز الديموقراطية في لبنان”. واسترعى الانتباه في كلام المشنوق تلميحه الى وجود هامش زمني اضافي في موعد دعوة الهيئات الناخبة اذ قال ردا على التخوف من الفراغ في حال عدم اقرار هيئة الاشراف على الانتخابات ودعوة الهيئات الناخبة قبل 21 شباط إن ولاية المجلس بموجب القانون تنتهي في 20 حزيران وآخر مهلة لاجراء الانتخابات هي الاحد 18 حزيران فتكون المهلة الاخيرة لدعوة الهيئات الناخبة في 18 آذار ولا داعي تالياً للكلام عن فراغ مؤسساتي .
وفي هذا السياق علمت “النهار” ان الوزير المشنوق عرض للرئيس عون عندما التقاه قبل الجلسة كل الخطوات التي تقوم بها الوزارة كما كان اللقاء بمثابة توضيح للمواقف التي عبر عنها وزير الداخلية قبل يومين والتي اثارت التباسات لجهة موقفه من الرئيس عون . وعلم ان المشنوق قال لرئيس الجمهورية انه المرجع الاخير لجميع اللبنانيين وليس رئيس خيار ضد آخر وان الرئاسة هي فوق الجميع وفق الصراعات والكلمة الفصل يجب ان تبقى لها، ملاحظاً انه من الخطأ ان يصور موقفه ضد الرئيس عون .
الموازنة
وفي ما يتعلق بمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة ، استمع مجلس الوزراء من وزير المال علي حسن خليل الى تقرير مفصّل عن السياسات المالية والنفقات والزيادات في النفقات الجارية والاستثمارية في مشروع الموازنة موزعة على قطاعات وخدمة الدين العام وتسديد المترتبات والواردات المقدّرة لسنة 2017 وأبرز الاجراءات الضريبية الجديدة المقترحة. وأكد في ختام عرضه “ضرورة خروج الانفاق العام من الحلقة المفرغة التي يتخبّط فيها على مرّ عقد ، ليشكّل نقطة تحوّل في موضوع ترشيد الانفاق وشرعنته”، معتبراً “أن تصديق الموازنة بات عاملاً مهماً في دعم الثقة بجدية الدولة ونيتها تصحيح الوضع المالي وتعزيز الاقتصاد”.
وقال وزير المال إن المقترحات الضريبية لا تطاول المواطن العادي، وهي التي اقترحتها اللجنة التي درست مشروع سلسلة الرتب والرواتب، وهو مقتنع بأنه يمكن الاستغناء عن الضرائب إذا أوقف الهدر في اماكن كثيرة في الادارات والمؤسسات.
وكانت لازمة النزوح السوري الى لبنان حصة في النقاش، خصوصاً وأنها استهلكت حتى الآن أكثر من 35 في المئة من الناتج المحلي ككلفة مباشرة وكلفة غير مباشرة من آثار على البيئة والبنى التحتية والخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والمواد والخدمات المدعومة ونفقات الأمن والاغاثة وغيرها كما ورد في التقرير.
وتحدث رئيس الجمهورية عن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والامنية التي يتسبّب بها العدد الكبير من النازحين، واشار الى الكلام الدائر عن انشاء مناطق آمنة في سوريا يعود اليها النازحون. فيما شبّه الرئيس الحريري لبنان بمخيم للنازحين مطالباً بأن تشمل المساعدات لبنان بأكمله،ودعا الوزراء الى التعاون مع وزير الدولة لشؤون النازحين لمواجهة الازمة.
السبهان
في غضون ذلك، واصل وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان لقاءاته مع المسؤولين الرسميين والقادة السياسيين في زيارته المستمرة منذ أيام، فالتقى أمس الرئيس امين الجميل ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل كما التقى ليلاً عدداً من الشخصيات في مأدبة عشاء أقامها على شرفه النائب السابق فارس سعيد بينها رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون والنائب بطرس حرب وعدد من المطارنة الموارنة وجمع من الشخصيات.
وفي معلومات لـ”النهار” ان الوزير السبهان أكد في لقاءاته التزام بلاده التعاون مع كل حلفائها، لكنها غير ملزمة التحالفات التي يعقدها اللبنانيون في ما بينهم، وهي حريصة على العلاقات مع الجميع . كما انها تشجع الاعتدال وتدعم العاملين عليه وتشجع الشركة المسيحية – الاسلامية .
على صعيد آخر، أعلنت قيادة قوات “اليونيفيل” امس أنها أجرت والقوات المسلحة اللبنانية تدريباً عسكرياً مشتركاً بالذخيرة الحية حمل اسم “عاصفة الفولاذ “، استخدمت خلاله العربات المدرعة والأسلحة الرشاشة والخفيفة في منطقة تبعد كيلومترا واحدا جنوب المقر العام للقوة الدولية في الناقورة بجنوب لبنان.