كلام كثير ظاهره تعقيدات اضافية لا تلاقي موجة التفاؤل التي يبثها خصوصاً فريق رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يسافر اليوم الى القاهرة في زيارة رسمية لمصر تليها مباشرة زيارة اللمملكة الاردنية الهاشمية، فيما الرئيس نبيه بري يتعافى من الجراحة التي أجريت له، والرئيس سعد الحريري منشغل باحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، وستكون له اطلالتان في المناسبة غداً، الأولى في مهرجان الذكرى، والثانية مساء عبر محطة “أو تي في”. وقبلهما وبعدهما اطلالتان للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، أمس والخميس المقبل، لم يؤجل في الاولى الملف المحلي كما توقع البعض مفسحاً في المجال للحريري للتعبير عن مواقفه، بل بدا كأنه استبق اطلاق اي مواقف راسماً خريطة طريق لعمل الحكومة اذ طالب باعادة العلاقة مع النظام السوري انطلاقاً من ضرورة البحث في ملف اللاجئين السوريين الى لبنان، “ويتطلب ذلك أن تخرج الحكومة من المكابرة وان تتواصل مع الحكومة السورية، وتناقش معالجة أزمة النازحين ووضع خطة واحدة لأن لبنان لا يمكنه حل المشكلة وحده“.
ورأى نصرالله أن النسبية هي القانون الأنسب للانتخابات منطلقاً من المشروع الذي أعدته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ورقة للبحث، على رغم ادراكه رفض “تيار المستقبل” ذلك المشروع بالذات، وقال: “النسبي بطبيعته ليس الغائياً بل يعطي لكل ذي حق حقه، وأتعجب ممن يقول ان النسبية تقصيهم وتلغيهم، وللدروز أقول إن النسبية لا تلغيهم ولا تلغي التقدمي الاشتراكي أو المستقبل بل تعطي كل صاحب حجم حجمه“.
ورفض نصرالله الضرائب الجديدة في مشروع الموازنة قائلاً: “أريد تثبيت مبدأ رفض أي ضرائب جديدة أو رسوم تطال العائلات الفقيرة في لبنان أي غالب الشعب اللبناني، ويجب البحث عن مداخيل معروفة عبر وقف التلزيمات المشبوهة والسرقات والانفاق الذي لا معنى له، الأمر يحتاج الى قرار سياسي شجاع نوفر عبره الكثير من النفقات والهدر ونمنع الفساد ويجب البحث عن أي مكان آخر لدعم الموازنة إلّا جيوب المواطنين“.
وقد وصف مصدر وزاري لـ “النهار” خطاب نصرالله بانه غير مسهل اطلاقاً، بل معطل، ويرفع اللاءات في وجه الحلول الممكنة. فمطالبته باعادة العلاقات مع النظام السوري شرطاً لحل مشكلة اللاجئين تعني ضياع الحل في مفاوضات ثنائية لا حدود زمنية لها بعد اعادة العلاقات الطبيعية، والخروج من الاطار الدولي في هذا المجال ما قد يعرض لبنان لخطر الوقوع في فخ اللجوء الفلسطيني المستمر منذ أكثر من نصف قرن.
ثم ان تمسكه بالنسبية، في رأي المصدر الوزاري، على رغم علمه برفض مكونات لبنانية له، يعني الدفع في اتجاه عدم الاتفاق على قانون جديد ما يعطل الانتخابات في ظل اصرار الرئيس عون على عدم المضي بالستين.
وأما رفض الضرائب فيعني اخراج سلسلة الرتب والرواتب منها، وتالياً تحريك الشارع في وجه الحكومة، لان السلسلة، كما غلاء المعيشة الذي تدفعه الدولة لموظفيها، لم تتأمن لهما المداخيل للتغطية. واعتبر ان الحل الممكن يكون باخراج السلسلة لدرسها جانباً، خصوصاً ان الرئيسين عون والحريري مصران على الانتهاء من درس مشروع الموازنة هذا الاسبوع في جلستين لمجلس الوزراء الاربعاء والخميس، والجمعة اذا اقتضى الامر.
وفي هذا الاطار علمت “النهار” ان اتفاقاً تم مع الرئيس عون على عدم فرض ضرائب جديدة، بل خفض الهدر الى حده الأدنى في محاولة لاجتثاثه، وقد بدأ النائب حسن فضل الله فتح ملفات الهدر في الدوائر الحكومية في دعم لخطة الرئيس عون لمكافحة الفساد، مقدمة لتفعيل لوزارة الدولة لمكافحة الفساد.
عون
وكان الرئيس عون أطلق مواقف من سلاح “حزب الله” خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة CBC المصرية قبيل زيارته للقاهرة وفي مناسبة مرور 100 يوم على توليه الرئاسة، فقال إنه “طالما أن هناك أرضًا محتلة من اسرائيل وطالما ان الجيش اللبناني ليس قويًا كفاية ليحارب اسرائيل وليقف في وجهها فمن المؤكد أننا نشعر بضرورة وجود سلاح المقاومة”، معتبراً انه “مكمّل للجيش اللبناني ولا يتناقض معه والبرهان على ذلك انه لا وجود للمقاومة في حياتنا الداخلية”. وأكد الرئيس عون ان سلاح المقاومة ليس مناقضاً لمشروع الدولة وإلا لما كنا نتعايش معه، بل هو جزء أساسي من الدفاع.
وباستثناء الوزير أشرف ريفي و”لقاء سيدة الجبل”، لم تصدر تصريحات أو تعليقات على كلامه إلّا عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي سألت عن موقف “المستقبل” و”القوات اللبنانية” من هذا الكلام. وفي هذا الاطار صرح وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة لـ”النهار”: “ان المواقف التي أعلنت أمس لا تلزم الحكومة التي لم يرد أي شيء من هذا القبيل في بيانها الوزاري كما أني لا أذكر ان خطاب القسم الذي صفقنا له احتوى على مثل هذا الموقف من السلاح“.
الا ان مصادر بعبدا أوضحت لـ”النهار” ان الرئيس عون لم يتقصد الكلام عن السلاح بل رد على سؤال مطروح، وشرح الفارق بين السلاح في محاربة اسرائيل الذي لا خلاف عليه، والسلاح في الداخل الذي يسبب مشكلة اذا استعمل. وعندما تناول عدم جهوزية الجيش قصد عون ان الجيش ينقصه العتاد الحربي من طائرات حربية وصواريخ ومدافع لمواجهة اسرائيل، لكن الجيش أثبت كفاءته في الاداء في مواجهة الارهاب وفي الامن الاستباقي، وهي كفاية عالية.