لم تنجح كل المساعي التي انطلقت منذ مساء الجمعة مع الرئيس سعد الحريري، واستمرت السبت مع الوزير جبران باسيل صباحاً، ومع السيد حسن نصرالله عصرا، في احتواء الشارع الذي جمع امس متظاهرين ناقمين على معظم السياسات، وخصوصا السياسة الضريبية التي بدأ اقرار بنودها في مجلس النواب، فيما تم تضييع النصاب قبل اقرار سلسلة الرتب والرواتب.
فالسلسلة مؤجلة بحكم الامر الواقع، وبأمر من الرئيس نبيه بري الذي أعاد جدولة الاهتمامات، ووضع قانون الانتخاب في رأس سلم الاولويات، وأيده في الجدولة الامين العام لـ “حزب الله” الذي اعلن عن لجنة ستعيد النظر في الضرائب المقترحة لتوفير التمويل اللازم للسلسلة من دون تحميل المواطنين الاكثر فقراً اعباءها.
بيان الرئيس بري الذي تضمن “اعادة الامور الى نصابها”، وحدد الاولوية لقانون الانتخاب، وتعيين لجنة برلمانية لكشف الفساد والمفسدين، قبل اقرار سلسلة الرتب والرواتب، معطوفا على كلام نصرالله أظهر تنسيقاً شيعياً وتبادلاً للادوار بين طرفي الثنائي، وامساكا بالقرار بما يخدم مصلحة الاستقرار ويدعم رئيس الجمهورية الذي بدا فريقه يتخبط في الازمات المزمنة والتي بدأت تحاصر العهد.
أما المشهد الشارعي، فتوزع أمس بين المختارة صباحاً، وساحة رياض الصلح منذ الظهر. وكانت مفاجأة وسط بيروت في اطلالة رئيس الوزراء سعد الحريري على المتظاهرين الذين تنوعت مشاربهم وانتماءاتهم ومناطقهم، ومنهم من ينتمي الى أحزاب الاشتراكي والكتائب والاحرار، واعداً بان “نكون الى جانب الناس وسنكمل المسيرة معاً، نحارب الفساد ونوقف الهدر، الاهم ألا ينشغل اللبنانيون عن هدف وطني اساسي يتمثل بإقرار قانون انتخاب جديد يتيح اجراء الاستحقاق كأولوية لمنع دخول البلد في المجهول”. لكن الاطلالة الجريئة للحريري لم تمنع بعض المتظاهرين التعرض له، الامر الذي دفع آخرين الى الانسحاب. وعلى رغم بعض المواجهات الخفيفة مع القوى الامنية، لم تتحول التظاهرة أعمال شغب وتخريب، لكنها كما أفاد المنظمون لن تكون يتيمة، اذ ثمة استعدادات لتحركات اضافية، سيحد من اندفاعها عدم انعقاد مجلس الوزراء الاربعاء بسبب سفر رئيس الوزراء، كما عدم توجّه رئيس المجلس الى دعوة هيئة عامة الاربعاء كما كان متوقعاً، اذ سيعاد درس جدول الضرائب والواردات. ويعقد وزير المال علي حسن خليل مؤتمرا صحافيا ظهر اليوم للاعلان عن خطوات جديدة في هذا المجال.
أما في المختارة التي احتشد فيها اشتراكيون وفدوا من كل المناطق، فقد البس النائب وليد جنبلاط نجله تيمور كوفية الزعامة بمبايعة شعبية وسياسية واسعة شارك فيها الرئيس الحريري وممثلون لـ “حزب الله” وحركة “امل” و”التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، كما وفود من سفارات دول عربية، ومسؤولين فلسطينيين.
وشكل الحفل بخطابه السياسي المقتضب والذي أشاد فيه مجدداً بمصالحة الجبل، رسائل سياسية متعددة الاتجاه، أولاها في اتجاه رئيس الجمهورية وفريقه والمؤيدين له من الطائفة الدرزية بان جنبلاط هو زعيم الجبل والدروز ولا يمكن تجاوزه، ولا يمكن اقرار قانون انتخاب من دونه، وانه ايضا يتقن لعبة الشارع التي يلوح بها آخرون. كما وجه رسائل الى فريق 8 اذار، بانه الامين على الخط الوطني المدافع عن قضية فلسطين والمعادي لاسرائيل، وانه أعاد ترتيب اولوياته السياسية ليعيد تموضعه كنقطة التقاء بين الاطراف. ودعا تيمور الى السير مرفوع الرأس، يحمل تراث جده، ويشهر عالياً كوفية فلسطين العربية، وكوفية لبنان التقدمية، وكوفية المقاومين لاسرائيل، وكوفية المصالحة والحوار.
وقالت مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي انها تبلغت من القوى الامنية ان عدد المشاركين في مهرجان المختارة قارب الـ 120 الفا.
قانون الانتخاب
اما في الشق الانتخابي، فان اجتماعاً عقد ليل أمس للبحث في الاقتراح الاخير للوزير باسيل، يسبق سفره صباح اليوم. ومع تركيز الرئيسين بري والحريري على أولوية قانون الانتخاب، رأى السيد نصرالله ان “اللعب على حافة الهاوية بالنسبة الى قانون الانتخاب بات خطيراًً، داعياً الجميع الى “تقديم تنازلات للوصول اليه”.
وقد تم أمس تجاوز المهلة القانونية لدعوة الهيئات الناخبة المحددة بـ90 يوما قبل موعد الاستحقاق. واذا كان القانون اللبناني حدد الاحد الاخير قبل انتهاء ولاية المجلس موعدا لاجراء الانتخابات، فانه يصادف الاحد 18 حزيران. وأعاد وزير الداخلية نهاد المشنوق اعداد الدعوة ووقعها ورفعها الى رئاسة الوزراء لتوقيعها ورفعها الى رئيس الجمهورية المصر على عدم التوقيع في ظل القانون الساري حالياً. لذا بات مسلماً بتمديد تقني لمجلس النواب يريده الرئيس جزءاً من مندرجات قانون الانتخاب الجديد الذي لم يكفّ عن دفع الجميع الى الاتفاق عليه قبل وصول المجلس الى نهاية ولايته.