بدأ حبس الأنفاس الذي أطلقته مناخات جلسة المناقشة العامة للحكومة التي عقدها مجلس النواب الخميس والجمعة في شأن الاتجاهات التي ستسلكها أزمة قانون الانتخاب الذي يقترب من ذرواته وسط اندفاع المحاولات الأخيرة لتحويل جلسة مجلس الوزراء الاثنين الى بداية اختراق في هذه الأزمة وليس شرارة أزمة اكبر على النحو الذي تبارى معظم النواب في التحذير منه. ويبدو واضحاً أن “أسبوع الآلام ” سيتزامن مع محطات يفترض أن تكون حاسمة على صعيد رسم مسار الفرصة الاخيرة لاستدراك مواجهة سياسية تبدو ماثلة بقوة ما لم تبرز مفاجأة تحقيق اختراق في الانسداد السياسي تقود البلاد الى خياري الفراغ أو التمديد باعتبار أن إخفاق مجلس الوزراء في التوافق على قانون انتخاب جديد سيحشر العهد والحكومة وسائر القوى بين هذين الخيارين الشائكين.
ومع أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يرسل خلال يومي المناقشة العامة أي اشارة ضمنية أو علنية الى احتمال دعوته الى جلسة لمجلس النواب الخميس المقبل، كما أوردت “النهار” أمس، فإن مجمل المعطيات يشير الى أن أحداً لن يكون في وارد استباق جلسة مجلس الوزراء الاثنين لئلا يعتبر ذلك تشويشاً أو مساهمة في تعقيد الاوضاع والأجواء عشية هذه الجلسة الحاسمة. لكن ذلك لا يعني في المقابل تجاهل الرسائل الواضحة التي وردت على ألسنة نواب من كتلتي “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” كما بعض النواب الآخرين في شأن التلميح الى تهديد الفراغ المحتمل في مجلس النواب شرعية كل المؤسسات بما عكس الاجواء الخلفية والاستعدادات لاحتمال التمديد في حال بلوغ مجلس الوزراء الطريق المسدود. واسترعى الانتباه في هذا السياق إصرار “حزب الله ” عبر مداخلات نوابه على التمسّك بالنسبية الكاملة مع إبداء مرونة حيال تقسيمات الدوائر، في حين برز موقف متقدم لرئيس الوزراء سعد الحريري من موضوع النسبية أكد فيه أمام البرلمان أمس أن “لا مشكلة لدينا في النسبية الكاملة ونحن حريصون على عدم حصول الفراغ وهذا الموضوع غير قابل للنقاش”.
كما تأكد أمس أن موضوع التصويت على أي صيغة لمشروع قانون انتخابي أخذ حيزاً واسعاً من مشاورات الكواليس وأن الحريري ليس في وارد الذهاب الى مواجهة داخل مجلس الوزراء لأنها ستضع الحكومة على حافة انفجار سياسي خطير اذا أصر الثنائي المسيحي، “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، في نهاية المطاف على الاحتكام الى التصويت فيما يرفضه الأفرقاء الآخرون ومن ابرزهم الثنائي الشيعي والحزب التقدمي الاشتراكي. وبعدما تولى النائب وائل ابو فاعور التعبير عن رفض التصويت في جلسة المناقشة العامة، أكد رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط أمس لـ”النهار” أن “قضية قانون الانتخاب ليست بالتصويت بل يجب ان تتم بالتوافق” باعتبارها من “القضايا الوطنية والحساسة والمصيرية”. وأضاف: “رأينا التصويت الى أين ادى في بعض المعاهدات”.
وفي ردّه على مداخلات النواب في نهاية جلسة المناقشة، حرص الحريري على إضفاء أجواء مبردة للمناخ المشدود حيال قانون الانتخاب فأكد “مسؤوليتنا كحكومة في التوصل الى قانون جديد وتجنيب البلد التمديد أو مخاطر الفراغ”. وقال “رهاني على العودة الى المجلس خلال فترة قصيرة لمناقشة مشروع قانون يكون محل توافق كل المكونات. هذا الموضوع، أعلم أنه موضوع شائك في البلد اليوم، ونحن كنا نعالجه خلال كل هذه المرحلة، قد نكون لم نطرحه على مجلس الوزراء، ولكنكم جميعا تعلمون أن كل القوى السياسية كانت منكبة للوصول إلى قانون انتخاب، بكل إيجابية. وهذه الإيجابية لا تزال موجودة. نحن نريد قانوناً يراعي الجميع، يراعي من لديهم هواجس بالتمثيل، وهذا حق، وخصوصاً في المرحلة التي تمر فيها المنطقة، من تهجير وحروب وقتل وغير ذلك. أنا أعتبر أننا في لبنان جميعنا أقليات، وجميعنا خائف، وعلينا جميعا أن نحمي بعضنا البعض. الأمر الوحيد الذي يحمينا هو وحدتنا الوطنية. ما حصل بانتخاب الرئيس ميشال عون هو ما سيحمي لبنان، وهو الوحدة الوطنية، لا تظنوا أن أمراً آخر قد يحمي البلد”.
وعلم ان الحريري توجّه بعد الجلسة الى “بيت الوسط” يرافقه وزير الخارجية جبران باسيل وعقدا اجتماعاً تناول المساعي الجارية للتوصل الى توافق على قانون الانتخاب.
عقوبات جديدة؟
وسط هذه الاجواء علمت “النهار” أن معلومات عن العقوبات الاميركية الجديدة التي تطاول “حزب الله” طرحت في الاجتماع الشهري الاخير بين مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وجمعية المصارف. ونقل نائب الحاكم محمد البعاصيري العائد حديثاً من الولايات المتحدة الى المجتمعين أن مشروع قانون جديداً تعمل عليه لجان في مجلس النواب الأميركي يتعلق بتشديد العقوبات على “حزب الله” وتوسيعها يحتمل ان يصدر مطلع الشهر المقبل. وأكد ضرورة البدء بالاتصالات على أعلى المستويات لتجنب تداعيات هذا القانون.
ومع ذلك عرفت بيروت ليلاً زاهياً أمس مع “ليلة المتاحف” في احتفاليات واسعة وكان للإعلام جولة في “باص” مع وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري.