قد تكون استعادة الآلية التي اتبعت في انضاج قانون الانتخاب الجديد عشية ولادته في الاعداد لبت مشروع سلسلة الرتب والرواتب في الجلسة التشريعية لمجلس النواب يومي الثلثاء والاربعاء المقبلين مؤشراً ايجابياً من حيث الشكل. ومع ذلك لا يمكن الركون فقط الى هذه الآلية اذ ان الاجتماع الذي ضم الكتل النيابية المشاركة في الحكومة أمس والذي سيعاود الاثنين المقبل لم يخرج بنتائج حاسمة أو مبشرة ببت نهائي لارقام السلسلة كممر حتمي لتوقع تصاعد الدخان الابيض من مبنى البرلمان يوم الثلثاء باعتبار ان بند السلسلة مدرج في مقدم جدول الاعمال وستبدأ منه مناقشات النواب. وابرز ما افضى اليه التحرك النيابي أمس في السعي الى توافق واسع حول ارقام السلسلة ومصادر تمويلها انه رفع هذه الارقام مجددا من منطلق معالجة أوضاع المتقاعدين الامر الذي سيستتبع توسيع الابواب الضريبية ورفع ارقامها بطبيعة الحال.
وضم الاجتماع الذي انعقد في وزارة المال كلاً من وزير المال علي حسن خليل والوزير جمال الجراح والنواب ابرهيم كنعان وجورج عدوان وأكرم شهيب وعلي فياض وخصص لمراجعة بنود سلسلة الرتب والرواتب و”بعض الثغرات والتفاصيل التي كانت تتطلب اعادة نظر من خلال انعكاساتها على مجمل كلفة السلسلة”، كما أوضح وزير المال مبدياً تفاؤله باقرارها الثلثاء المقبل لان هناك “ارادة عند كل من ممثلي الكتل لانجازها”. واعلن ان اجتماعاً ثانياً سيعقد الاثنين المقبل لاستكمال النقاش” ولكي نصل الى جلسة الثلثاء بأعلى درجة من الاجماع على ارقام السلسلة والتفاصيل المرتبطة بها”. ومساء طرح موضوع السلسلة من كل جوانبه في لقاء لرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء سعد الحريري في عين التينة.
وبدا واضحاً ان الكتل النيابية المعنية وجدت نفسها في مأزق التوفيق بين الالتزامات المالية الكبيرة والمناخ الشعبي الذي يمليه الاستحقاق الانتخابي المقبل وهي محاصرة بين كتلة مالية يجب ان تصرف دفعة واحدة لتمويل هذه السلسلة، فيما الهيئات المصرفية والاقتصادية ترفضها مع ضرائبها، علماً ان هذه الضرائب موجعة لكل الطبقات. وعلمت “النهار” أن المجتمعين في وزارة المال اتفقوا على تسوية أوضاع المتقاعدين أسوة بسائر الموظفين، ونوقشت ثلاثة أو اربعة مخارج لإنصافهم، كما نوقش موضوع المعلمين وامكان اضافة درجتين أو ثلاث ليحصلوا على خمس أو ست درجات. وتبادل المجتمعون الرأي في سقف كلفة السلسلة الذي قد يصل الى 1400 مليار ليرة، بعد أن تضاف اليها كلفة سلسلة المتقاعدين والتي قد تبلغ 300 مليار وامكان تقسيطها ليكون في الامكان تمريرها من غير أن يرفع كثيراً السقف المسموح به والمقرّ في قانون الموازنة، وهو 1200 مليار ليرة، تضاف الى كلفة غلاء المعيشة التي تعطيها الدولة من دون تغطيتها بموارد،وهي بقيمة 800 مليار ليرة.وفي موضوع تمويل السلسلة، طالب بعض المجتمعين بإعادة النظر في الواردات التي كان أقرّ بعضها، لجهة درس امكان استبدال تلك التي تصيب كل المواطنين، وخصوصاً رفع الضريبة على القيمة المضافة، الى 11 في المئة. كل هذه العناوين نوقشت وترك القرار في شانها ليدرسه كل فريق داخل كتلته، على أن يبتّ كل الملف في اجتماع الاثنين.
اما العامل الآخر البارز في الاجتماع، فتمثل كما علمت “النهار” في مناقشة المجتمعين قضية قطع الحسابات المالية المفترض انجازها لنشر الموازنة بعد اقرارها في مجلس النواب. وتمسّك رئيس لجنة المال والموازنة ابرهيم كنعان بالموقف الذي يتبنّاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهو تعليق المادة 87 من الدستور، مع الإصرار على رفض الموافقة على قطع حساب مع تحفّظ كما كان يحصل قبل عام 2010. ولكن علمت “النهار” أن وزير المال أبلغ المجتمعين أن عملية التدقيق في الحسابات المالية انجزت من العام 1991 الى العام 2010 وهي وضعت في تقرير مفصّل من 36 ألف صفحة، سيرفعه الى مجلس الوزراء ليقرّر في شأن هذه الحسابات المالية. كذلك علم أن الوزير خليل أكد أنه لا يرفض في المطلق طرح رئيس الجمهورية، ولكنه عبّر عن حذر فريقه من قضية استسهال تعليق الدستور،لاسيما ان هناك صيغاً كثيرة يمكن من خلالها معالجة هذه النقطة، منها التقرير الذي يرفعه بالحسابات المالية،ومنها الصيغة التي تترك قطع الحساب عالقاً حتى انجاز التقرير النهائي لديوان المحاسبة.
الحريري
في غضون ذلك، حدد الرئيس الحريري عناوين موقفه من مسألة النازحين السوريين لدى رئاسته اجتماعاً للجنة التوجيهية العليا للنازحين في حضور الوزراء المعنيين وممثلي الامم المتحدة ومنظماتها وعدد كبير من السفراء الغربيين والعرب. وأكد الحريري دعمه “لعودة سريعة وآمنة للنازحين السوريين ” الا انه شدد “على اننا لن نجبر تحت أي ظرف النازحين السوريين على العودة الى سوريا”. وأوضح “اننا سنتناول هذه المسألة فقط بالتنسيق الوثيق والتخطيط المشترك مع الامم المتحدة ووكالاتها المختصة”.
السفير الفرنسي
وتزامن احياء السفارة الفرنسية أمس العيد الوطني الفرنسي ووصول السفير الفرنسي الجديد في لبنان برونو فوشيه الذي القى كلمته الرسمية الاولى في قصر الصنوبر حيث حدد معالم سياسة فرنسا من دعم لبنان. واكد ان بلاده “عازمة على تقديم الدعم اللازم للبنان”، لافتاً الى انه “من الطبيعي ان يأتي التعاون في مجال الامن في طليعة اولوياتنا “. وتناول بدوره مسألة النازحين قائلاً: “ليس مرادا للاجئين السوريين البقاء في لبنان. العودة المستدامة للاجئين الى بلادهم وكذلك اعادة الاعمار الاقتصادي المستدام لسوريا يتطلبان ارساء سلام مستدام هو ايضا بمعنى اخر حلا سياسيا”.
وفي سياق متصل بقضية عرسال، عاد أمس اهالي العسكريين المخطوفين لدى تنظيم “داعش” الى التحرك واعتصموا في ساحة رياض الصلح مطالبين المسؤولين بالعمل الجدي لاعادة العسكريين.