غداً تحل الذكرى الـ27 للعملية العسكرية السورية التي أطاحت حكومة العماد ميشال عون من قصر بعبدا في 13 تشرين الاول عام 1990 والتي تكتسب بعدين رمزياً وعملياً مختلفين هذه السنة. البعد الرمزي يتمثل في كون المعني الاول بهذه المناسبة اي العماد عون سيحيي الذكرى للمرة الاولى رئيسا للجمهورية انتخب قبل 11 شهراً ونيف بما يعنيه ذلك من دلالات معنوية شخصية وسياسية للرئيس عون وتياره وانصاره. أما البعد العملي والواقعي فيتصل بواقع لبنان كلاً إذ يبدو المشهد الداخلي والخارجي ملبدا بافق حرب باردة تتهدد الاستقرار اللبناني وقد تصاعدت آفاقها في الايام الاخيرة من خلال التهديدات الاسرائيلية للدولة والجيش وادراجهما في خانة واحدة مع “حزب الله” كما من خلال الاجراءات الاميركية غير المسبوقة في حق قادة أمنيين واستخباريين في “حزب الله” خصصت لاثنين منهما للمرة الاولى جائزتان ماليتان كبيرتان.
وسط هذه الافاق الملبدة سيكون من الطبيعي ان تنطلق مع ذكرى 13 تشرين الاول عملية مراجعة اوسع من الذكرى نفسها للسنة الاولى من عمر العهد الذي يطفئ الشمعة الاولى من الولاية الرئاسية في نهاية تشرين الاول الجاري. وتبدو الاجواء الخارجية التي ارتسمت في اليومين الاخيرين كأنها تسابق أو تنافس التأزم الداخلي الذي واكب الملفات الحيوية المفتوحة بدءاً بعاصفة الضرائب وسلسلة الرتب والرواتب مروراً باستحقاق اقرار الموازنة الاسبوع المقبل بلوغاً الى الاستعدادات لاجراء الانتخابات النيابية في ايار المقبل. ومع ان اسبوعين سيفصلان بين ذكرى 13 تشرين الاول وذكرى انتخاب الرئيس عون، فان زحمة الاستحقاقات التي تواجهها البلاد تبدو بمثابة عامل ضاغط اضافي لمعاينة مسار العهد وطبيعة ادارته للامور وواقع علاقاته بالقوى الداخلية وما انجز وما لم ينجز، كما لواقع سياساته حيال الصراعات الاقليمية والتحالفات التي تلعب دوراً مؤثراً في اعادة تحمية لبنان كساحة تنفس لتشابكات الاحلاف.
الموقف الاميركي
وبدا الموقف الاميركي المستجد من خلال اعلان مكافأة مالية كبيرة من أجل معرفة مصير القياديين في ” حزب الله” طلال حمية وفؤاد شكر كأنه نقل مستوى الضغوط الاميركية الى مرحلة جديدة. ذلك ان البلد يتفاعل منذ بعض الوقت على وقع وتيرة اقرار قانون العقوبات الاميركية الجديد على الحزب والمتوقع خلال الاسابيع القريبة، علماً ان مضمونه معروف منذ أواخر الصيف وجرت اتصالات وزيارات لبنانية لواشنطن سعت الى تصويب استهدافاته وتحييد المؤسسات اللبنانية عن العقوبات. الا ان الفصل الجديد المتمثل في تسمية قياديين من الحزب وتحديد مكافأة مالية باهظة بقيمة 12 مليون دولار لهما عشية الموقف المنتظر ان يعلنه الرئيس الاميركي دونالد ترامب محددا استراتيجية ادارته حيال ايران واحتواء نفوذها في المنطقة اكتسب بعداً تصعيدياً واضحاً، علماً انه بدا لافتاً وجود ثلاثة عوامل على الاقل: الاول اعادة التذكير بان ذلك يصادف الذكرى العشرين لتصنيف الولايات المتحدة الحزب منظمة ارهابية ما يعني ان ثمة تاريخاً طويلاً للحزب لا يرتبط بأحداث أو تطورات راهنة بمقدار ما يعود ذلك الى زمن نشأته. والثاني الاشارة الى ان الحزب يشكل تهديدا للامن الاميركي ولامن الشرق الاوسط وأبعد من ذلك. والعامل الثالث ان هذا التطور يستبق اقرار قانون العقوبات الجديد.
ومعلوم ان واشنطن عرضت ما يصل إلى سبعة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تفضي إلى اعتقال طلال حمية قائد وحدة العمليات الخارجية لـ”حزب الله” وما يصل إلى خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن فؤاد شكر وهو أحد أبرز العناصر العسكرية في “حزب الله”.
وحمل مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب نيكولا راسموسن “حزب الله” المسؤولية عن سلسلة من الهجمات في أنحاء العالم.
وصرح مسؤول كبير في “حزب الله” لـ”رويترز” بأن “هذه الاتهامات من الإدارة الأميركية لحزب الله ومجاهديه هي اتهامات مرفوضة وباطلة ولن تؤثر إطلاقاً على عمل المقاومة ضد العدو الصهيوني وضد الإرهابيين والتكفيريين”.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه: “نحن نعتقد جازمين أن هذه الاتهامات تأتي في سياق رد الفعل على الانتصارات الكبيرة التي حققها محور المقاومة في سوريا والعراق ضد الإرهابيين والتكفيريين”.
وحمية مدرج على قائمة الإرهابيين الأجانب منذ 2015، بينما أضيف شكر إليها في 2013.
وتخشى أوساط وزارية معنية ان تستمر عملية التخفي الرسمية والحكومية الجارية حيال المواقف والتطورات الاخيرة المتصلة بلبنان فلا تطرح بوضوح وصراحة على مجلس الوزراء لمناقشة المعطيات المتوافرة عن مدى جدية التهديدات التي تحاصر البلاد خشية اهتزاز الهيكل الحكومي بفعل الانقسام السياسي حول هذه المسائل الجوهرية. لكنها تشير الى ان ثمة وزراء يزمعون اثارة الواقع الخارجي الذي بات يتحكم بالمشهد اللبناني من باب الحض على اتباع ديبلوماسية مختلفة لئلا تتسبب سياسة النعامة بمحاذير سيئة.
الانتخابات
ويتقدم جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم في السرايا البند المتعلق بالتدابير الواجب اتخاذها والاعتمادات المطلوب تأمينها لاجراء الانتخابات النيابية العامة، علما ان المبالغ التي طلبتها وزارة الداخلية تقدر بـ70 مليار ليرة. واوضح وزير الداخلية نهاد المشنوق عقب لقائه أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري ان ليس هناك ما يعيق اجراء الانتخابات في موعدها. واشار الى ان البند المتعلق بالانتخاب في مكان السكن في حاجة الى تعديل اذا لم تكن هناك بطاقة بيومترية. وعن اللقاء الثلاثي الذي عقد في كليمنصو قال المشنوق انه “لقاء ايجابي وبناء ويهدف الى مزيد من الحوار بين كل القوى السياسية لاخذ الاحتياطات اللازمة لان ما يجري حولنا كبير جداً وعلى القوى السياسية ان تكون أكثر قدرة على التماسك والتفاهم”.