Site icon IMLebanon

السعودية: حكومة “حزب الله” حكومة حرب

اذا كان من خلاصة أساسية اضافية يمكن ابرازها بعد ثلاثة أيام من انفجار مفاجأة استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري من الرياض، فهي ان هذه الازمة تشكل سابقة من حيث ملابساتها وظروفها وتداعياتها بحيث يصعب مقارنتها بأي من سابقاتها من الازمات الحكومية أو السياسية أو الوطنية. ففيما تصاعدت الآمال والرهانات على امكان عودة الرئيس الحريري الى بيروت في الايام القريبة تبعاً لما أكده أكثر من نائب ومسؤول في “تيار المستقبل”، بدأ الخط البياني الذي يتبعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مدعوماً من رئيس مجلس النواب نبيه بري وقوى سياسية عدة يتركز على نقطة محورية هي تجميد أي تعامل مع استقالة الحريري كأنها مستنفدة المفاعيل دستورياً بل التعامل معها من زاوية ربط اي اجراء مقبل في شأنها بعودة الرئيس الحريري فقط من دون أي اجراءات أخرى. وبينما برز ذلك من خلال الاجتماع الذي ضمّ مساء أمس رئيس الجمهورية ورئيس المجلس في قصر بعبدا، فان أوساطاً سياسية معنية بالمشاورات السياسية الجارية في كل الاتجاهات قالت لـ”النهار” إن الحركة الكثيفة التي شهدها القصر الجمهوري امس من خلال الاجتماعات التي عقدها الرئيس عون مع القادة الامنيين والعسكريين ومن ثم مع المسؤولين الماليين والمصرفيين سيليها يوم ماراتوني سياسي اليوم في القصر يشرع فيه الرئيس عون في اجراء مشاورات واسعة تهدف الى تحصين البلاد أمام الازمة وحض الجميع على تحمل المسؤوليات الكاملة لمواجهة الازمة بما يمكن لبنان من تجاوزها.
وشددت الاوساط على انه من غير الوارد فتح صفحة التسليم باستقالة الحكومة والبحث في بدائلها أو وضع الخطوات الاجرائية الدستورية التي تمليها الاستقالة قبل حضور الرئيس الحريري الى بيروت واجتماعه مع الرئيس عون. غير ان هذه الاوساط لم تخف تشاؤمها من مسار التطورات الاقليمية المتسارعة وتأثيرها مباشرة وبقوة على الازمة الناشئة في لبنان. ولفتت في هذا السياق الى انه لم يعد في الامكان تجاهل التصعيد الحاد الحاصل بين المملكة العربية السعودية وايران بعد تمدده الاخير نحو الساحة اللبنانية، كما لفتت الى ان هذا التصعيد اكتسب دلالات خطيرة للغاية أمس في ظل اتهام السعودية “حزب الله ” باطلاق صاروخ ايراني من منطقة في اليمن يسيطر عليها الحوثيون على الرياض بما اعتبرته اعلان حرب على المملكة. أضف أن مؤشراً أمنياً آخر برز أمس في شأن استقالة الرئيس الحريري عندما نقلت محطة “العربية” السعودية عن مصادر غربية رصد محاولات تشويش تعرض لها موكب الرئيس الحريري في بيروت قبل ايام من اعلان استقالته. وقالت ان التشويش كان ناجماً عن أجهزة مختصة لتعطيل اجهزة الاواكس والرادار تبين انها ايرانية الصنع وان تعقب الاجهزة كشف قيام القائمين على الرادار بجولات مسح أخرى على مواكب الحريري البديلة والتمويهية.
الملك والحريري
في غضون ذلك، استرعى الانتباه استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الرئيس الحريري أمس في الرياض، وسط تصاعد المزاعم المتصلة بوضع الحريري في اقامته الحالية في الرياض. وأوردت وكالة الأنباء السعودية “و ا س” ان الملك سلمان استقبل في مكتبه بقصر اليمامة الرئيس سعد الحريري وجرى خلال الاستقبال عرض الأوضاع على الساحة اللبنانية. وحضر الاستقبال: وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مساعد بن محمد العيبان، وزير الخارجية عادل الجبير ووزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان.
وصرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لاحقاً بان اتهام السعودية بانها أجبرت الحريري على الاستقالة “لا قيمة له” وأكد ان “في امكان الحريري مغادرة المملكة العربية السعودية ساعة يشاء”.
وأعلن السبهان ليلاً في حديث الى محطة “العربية” ان الملك سلمان “أبلغ الرئيس الحريري تفاصيل عدوان حزب الله على السعودية”. وقال إن “الحديث عن اجبار الحريري على الاستقالة أكاذيب لتشتيت اللبنانيين”. وحذّر من أنّ “السعودية ستعامل حكومة لبنان كحكومة إعلان حرب بسبب ميليشيات حزب الله التي تؤثر في كل القرارات التي تتخذها حكومة لبنان، وعلى اللبنانيين الإختيار بين السلام والإنضواء تحت حزب الله”. وخلص الى أن “الرئيس الحريري وشرفاء لبنان لن يقبلوا بمواقف ميليشيا حزب الله”.
قلق دولي
ووسط الاستنفار السياسي الواسع الذي تشهده البلاد منذ اعلان الرئيس الحريري استقالته، برزت ملامح تصاعد للقلق الدولي على الوضع الناشئ في لبنان. وعبر عن ذلك بيان صدر مساء أمس عن مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان جاء فيه: “إجتمع اليوم أعضاء مجموعة الدعم الدولية في بيروت. أعربوا عن قلقهم عقب إعلان إستقالة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. وأعادوا تأكيد دعمهم القوي والجماعي لوحدة واستقرار وسيادة وأمن لبنان وشعبه. وأشاد أعضاء مجموعة الدعم الدولية بالقادة اللبنانيين على الاستجابة لهذه الظروف غير المنظورة بطريقة هادئة وثابتة. وشددوا على أهمية قيام الجميع بدعم استمرارية مؤسسات الدولة اللبنانية وإجراء الانتخابات في حينها، وفقاً للدستور”.
أما على الصعيد الداخلي، فصرح الرئيس بري عقب لقائه والرئيس عون في قصر بعبدا ان “التفاهم كامل وناجز مع رئيس الجمهورية في الازمة الراهنة ” وأيد “حرفياً “البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية عن الاستقالة، معتبراً انه “من المبكر التحدث عن استقالة حكومة او تأليف حكومة”.
وفي اجتماعه مع القيادات الامنية والعسكرية قال الرئيس عون، كما نقل عنه وزير العدل سليم جريصاتي، إن “الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي خط احمر كما طلب الجهوزية الكاملة قضائياً وامنياً لمتابعة التطورات”.
وفي الاجتماع المخصص لمتابعة الاوضاع المالية أبدى الرئيس عون ارتياحه الى التقارير المالية التي تلقاها أمس عن الحركة الطبيعية للاسواق المالية مع بداية الاسبوع، داعياً الى مزيد من التنسيق بين وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه. وقال وزير المال علي حسن خليل إن الاتصالات السياسية عكست “جواً من الاطمئنان الى حركة السوق المالية وإن انطباعاتنا جيدة ومقبولة والتقديرات ان لبنان من خلال مؤسساته المالية قادر على استيعاب كل التطورات وان اجتماعنا بعضنا مع البعض يطمئن الى استقرار الوضع المالي والنقدي”.