Site icon IMLebanon

عون يرفض الصيغة الحريرية الجديدة

 

علقت آمال كثيفة أمس على تصاعد الدخان الابيض من قصر بعبدا ايذانا بصدور مراسيم تأليف الحكومة الجديدة عقب الاجتماع الذي ضمّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري عصرا والذي سبقه لقاء للحريري ووزير الخارجية جبران باسيل في “بيت الوسط”. لكن اجتماع بعبدا لم يكن نهائياً ولا وضع حداً حاسماً لمأزق معالجة التعقيدات التي تعترض ولادة الحكومة الجديدة، على رغم التطور الجوهري الذي سجل في انجاز الرئيس الحريري تشكيلة حكومية كاملة ومعدلة عن التشكيلة الثلاثينية السابقة مع ابقاء طابع التوازن السياسي ما امكن بين مكوناتها. ذلك ان تقديم الحريري التركيبة الجديدة بعد نحو 103 ايام من تكليفه تأليف الحكومة، بدا بمثابة مؤشر حاسم لاقتراب انهاء عملية التأليف في ظل معطيات ضاغطة بقوة داخليا وخارجيا وخصوصاً على مستوى الاستنزاف الاقتصادي الذي تثار مخاوف واسعة حياله. وبذلك يكون الحريري قد انجز صيغته ورمى الكرة في مرمى الاخرين وفي مقدمهم الحكم.

ومع ذلك لم تلق الصيغة موافقة الرئيس عون الذي أبدى عدداً من الملاحظات عليها والتحفظات عنها حتمت تمديد مرحلة الاستشارات والاتصالات، وكان المؤشر الواضح لهذه التحفظات صدور بيان عن مكتب الاعلام في قصر بعبدا لمح الى رفض عوني بصيغة التحفظ. وقرأت اوساط متصلة بـ”بيت الوسط” بيان بعبدا بانه “رفض مهذب” للتشكيلة الحكومية وقت علمت “النهار” ان التحفظات الرئاسية نشأت عن موضوعين هما توزيع الحصص الوزارية بما يبقي لـ”القوات اللبنانية” أربع حقائب وازنة وللحزب التقدمي الاشتراكي ثلاثة مقاعد وزارية.

واللافت في هذا السياق ان تساؤلات طرحت ليلاً عما يمكن ان يحصل في حال عدم التوصل الى توافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على صيغة معدلة لاحقا مع تلميح الى امكان توجيه رئيس الجمهورية رسالة الى مجلس النواب. ولاحظت اوساط معنية ان بعبدا حصرت مسألة المعايير والاسس لتاليف الحكومة برئيس الجمهورية متسائلة اين تكون قد ذهبت والحال هذه نتائج الاستشارات التي اجراها الرئيس المكلف؟

أوساط بعبدا

لكن مصادر قصر بعبدا امتنعت عن الادلاء بتفاصيل حول توزيع الحقائب الوزارية على الكتل كما وردت في الصيغة التي قدمها الحريري. وأشارت الى تضمن بيان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية أربع نقاط يفهم منها ان بعبدا متحفظة أو لديها بعض الملاحظات وهي: أولاً اشارة البيان الى ان الصيغة مبدئية يعني انها ليست مكتملة، ثانياً ان الرئيس عون أبدى بعض الملاحظات وهذا يعني أكثر من ملاحظة، ثالثاً تذكير البيان بالمعايير والاسس التي حددها عون سابقاً، رابعاً تحدث البيان عن استمرار التشاور بين الرئيسين عون والحريري ما يعني ان لا خلاف ولكن لا تفاهم بعد على الصيغة.

وأوضحت مصادر متابعة للاتصالات لـ”النهار” ان الملاحظات التي ابداها عون يمكن وصفها بانها جوهرية وتتصل بتوزيع وزارات الخدمات على الاطراف وتوزيع وزراء الدولة بالاضافة الى الموقف من التمثيل الدرزي. وقالت إن المسودة الجديدة هي اكثر دقة وواقعية من المسودة الاولى ولا تزال تحتاج الى مشاورات اضافية. واضافت ان وزارات الخدمات هي ست وزارات تتوزع مناصفة على المسلمين والمسيحيين والامر يتعلق الان بتوزيع حقائب المسيحيين وعلى الاكثر تمثيلا.

وصرح الرئيس الحريري بعد لقائه الرئيس عون أنه سلمه “صيغة حكومية وقد تشاورنا بها، وباتت الصيغة موجودة، وأساسها كما قلت في كل المشاورات ان لا أحد منتصرا فيها على احد، بل ان الحكومة هي حكومة وحدة وطنية يقدم فيها كل الافرقاء التضحية بشكل ما، وقد انطلقت على هذا الاساس بهذه الصيغة”. وقال: “اننا نتشاور راهنا وسنكمل المشاورات”.

 

وسئل هل وافق الرئيس عون عليها، فأجاب: “كلا، لانه لا يزال هناك الحديث عن الاسماء، ومع الافرقاء حول الوزراء “.

 

وردا على سؤال عن الخطوة التالية بعد المشاورات مع الافرقاء وما اذا كان جواب الرئيس سلبياً، قال: “هل تريدون استباق الامور، دعونا نبقى ايجابيين، والصيغة المقدمة اليوم مبدئية، دعونا نرى اذا كان بامكاننا الوصول الى نتيجة”.

وعن سؤال آخر قال: “اكيد ستكون هناك مشاورات مع فخامة الرئيس. ان هذه الصيغة، وبكل امانة، لا يملكها أحد الا فخامة الرئيس وانا ولم تناقش مع أحد. أخذت الافكار من القوى السياسية واستخلصت هذه الصيغة وجئت بها الى فخامته، ما يعني انها غير موجودة الا لدى فخامته وسعد الحريري”.

وفي وقت لاحق، صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية البيان الاتي: “تسلم فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد ظهر اليوم من دولة الرئيس المكلف سعد الحريري صيغة مبدئية للحكومة الجديدة. وقد أبدى فخامة الرئيس بعض الملاحظات حولها استناداً الى الاسس والمعايير التي كان حددها لشكل الحكومة والتي تقتضيها مصلحة لبنان. وسيبقى فخامة الرئيس على تشاور مع دولة الرئيس المكلف تمهيدا للاتفاق على الصيغة الحكومية العتيدة “.

 

ملف “الاونروا”

في غضون ذلك، لم تحجب تطورات عملية تاليف الحكومة التحرك اللبناني في موضوع تمويل وكالة “الاونروا” بعد قرار الادارة الاميركية وقف التمويل الاميركي للوكالة. وطالب رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس باجتماع عاجل لجامعة الدول العربية من أجل اصدار قرار بتمويل “الاونروا” بديلاً من القرار الاميركي. كما ان وزير الخارجية جبران باسيل عقد اجتماعا موسعا مع سفراء 15 دولة مضيفة ومانحة ومعنية بملف الاونروا وأبلغهم رفض لبنان القرار الاميركي ومطالبته المجتمع الدولي بعدم القبول بوقف اعانة الفلسطينيين، لافتاً الى ان القرار الاميركي “يعاكس قرارات الامم المتحدة التي بنيت عليها عملية السلام واتت كنتيجة لتهجير الفلسطينيين”.