اجواء الحوار والانفتاح سادت كل الاوساط وشكلت بكركي محجة لكل الاقطاب السياسيين من الرئيس امين الجميل والعماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط الذين التقوا معا في الصرح، والسيد نادر الحريري الذي نقل الى البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اجواء جلسة الحوار الاولى بين “المستقبل” و”حزب الله”، الى وفد من الحزب برئاسة السيد ابرهيم امين السيد. واذا كان موضوع رئاسة الجمهورية هو الموضوع الابرز في كل اللقاءات، فليس ثمة ما يوحي بأن هناك ايجابيات في هذا الملف، اذ اكد الحزب مجددا تمسكه بترشيح عون للرئاسة الاولى. ونقل عن السفير البابوي قوله ان كلامه فسر خطأ، علما بأن مصادر ديبلوماسية كانت أبلغت “النهار” أن ما قاله السفير البابوي قريب من المنطق، وان اي تحرك جدي في اتجاه الانتخابات الرئاسية لن تبرز نتائجه قبل الربيع المقبل. ووصفت اللقاءات الجارية بانها تفيد في تنفيس الاحتقان الداخلي وتحصين الداخل، وتهيئة الاجواء لمواجهة اي تطور يطرأ على الحدود الشرقية اذا ما سيطرت “داعش” على الجهة المقابلة، اما من حيث تأثيرها في الملف الرئاسي فتبقى حاليا “حركة بلا بركة”. ورأت ان كلام السفير البابوي، على رغم تراجعه عنه، يمكن ان يكون اشارات او قراءة واقعية اذا لم يكن معطيات ومعلومات استمدها من الدوائر الفاتيكانية.
وعلمت “النهار” ان اللقاء الذي جمع في الميلاد ببكركي، الرئيس الجميّل والعماد عون لم يكن منسقا، إذ ان الاخير عقد خلوة مع البطريرك الراعي قبل القداس بعدما حضر الى الصرح مع أعضاء “تكتل التغيير والاصلاح” ونحو 150 كادرا من “التيار الوطني الحر”. وارتأى البطريرك بعد القداس ان يجمع القطبين المارونيين ما داما وجدا معا. وصادف ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وصل فجأة الى بكركي قبل نهاية القداس بنحو ربع ساعة، فكان أن انضم الى الجميل وعون فتحوّل اللقاء بروتوكوليا. وعلى هامش اللقاء، دار حديث مقتضب بين الجميل وعون تخلله تأكيد لضرورة تحريك الامور والالتقاء مجددا إذ لا يجوز ان تبقى الامور كما هي حاليا.
كذلك علمت “النهار” ان البطريرك أبلغ كل من التقاهم في مناسبة الميلاد، وهم رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ووفد “حزب الله” وممثل الرئيس سعد الحريري فضلاً عن الجميّل وعون، ان لبنان لا يستطيع أن ينتظر أكثر مما انتظر حتى الان من دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشيرا الى ان المعلومات التي لديه تفيد ان حال الاستقرار الراهنة لن تستمر في حال استمرار الشغور في الرئاسة الاولى. وأكد، دحضا لكل ما يقال، أن لا مرشح لديه ولا فيتو منه على أي مرشح بإستثناء من هم غير اكفياء لتولي هذا المنصب، وهو سيكون مع أي مرشح يحمل الثوابت الوطنية ومبادئ بكركي التاريخية. واوضح البطريرك انه إذا اتفق الاقطاب الموارنة الاربعة على مرشح من بينهم فسيؤيده، وإذا ما اتفقوا على مرشح من خارجهم فسيؤيده أيضا. وأبدى استعداده للاستجابة لأية مبادرة من خارج الطائفة المارونية اذا أراد أصحابها أن تكون برعاية البطريرك لانتخاب رئيس للجمهورية. وفي هذا الاطار أبلغ البطريرك عون وغيره من المرشحين أنه لا بد من تقويم مرحلة الترشح حتى الان واستخلاص العبر منها إذا لم تكن سالكة. وشدد على انه لا يدعو الى انسحاب أي مرشح من أجل الانسحاب، متخوفاً من ان اطرافا يبلغون المرشحين كلاً على حدة أنهم معه من أجل تضييع الفرصة للوصول الى مرشح جدي ونهائي. وقد استرعى الانتباه ان وفد “حزب الله” أبلغ البطريرك أن مرشح الحزب “حتى الان” هو العماد عون. كما كانت مشاركة السفير الاميركي ديفيد هيل في قداس الميلاد لافتة. في المقابل، عبّر الراعي عن اقتناعه بـ “دور مسهل” للحزب في الانتخابات.
عون – جعجع
وفي شأن اللقاء المرتقب لعون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، علمت “النهار”، كما أوردت الخميس، ان التواصل قائم بشكل فاعل، وان المواضيع المختلفة ستكون مدار بحث بين ممثلين للطرفين، بما يمهد للقاء للزعيمين لا يكون مجرد صورة، بل يثمر بعض التفاهمات. وقالت مصادر مطلعة لـ”النهار” ان الموضوع الرئاسي سيبقى شائكا، لان جعجع يطمح من التواصل مع عون الى اقناعه بالبحث عن مرشح ثالث، لكن عون غير مستعد حتى الساعة للتخلي عن هذه الورقة والتنازل عن حقه في الترشح.
من جهة أخرى، علمت “النهار” ان الرئيس الجميل تلقى اتصالا من ولي ولي العهد السعودي الامير مقرن بن عبد العزيز في مناسبة الاعياد، وتخلل الاتصال حديث عن التطورات وخصوصاً الانتخابات الرئاسية، وتشجيع على الاتفاق الداخلي على مرشح، وترحيب بزيارة الجميل للسعودية.
العسكريون المخطوفون
وفي ملف العسكريين المخطوفين لا جديد، في ما عدا حركة لقاءات يقوم بها ذووهم في اتجاه كل المرجعيات السياسية، لضمان دعم مطالبهم، وأبرزها المقايضة، من كل الافرقاء في الحكومة، وتحدث أمس الوسيط الجديد نائب رئيس بلدية عرسال احمد الفليطي الى “المركزية” فقال: “إن المطالب التي نقلتها من “داعش” وصلت الى الحكومة، وسيحدَّد موعد لاجتماع خلية الازمة قريباً، وهي التي تبت الامر. وسأنقل الجواب الى “داعش” فور تبلغي اياه “. وأضاف ان “لا جديد يذكر في الملف، ولم أبلغ رسمياً أي جديد، ربما لاننا في فترة أعياد”.
وعن اعلان وزير العدل أشرف ريفي انه يعوّل على دور للفليطي، قال: “لا دور شخصياً لي في الموضوع. أنا وسيط، حضرنا عرضا أقنعت به “داعش”، ويبقى ان نقنع الحكومة اللبنانية به”، رافضا الخوض في تفاصيل هذا العرض.
وعن تعاون محتمل مع الوسيط الاخر الشيخ وسام المصري، قال الفليطي: “لا أعرف الشيخ المصري ولا تواصل بيننا. ولكن اذا كان لديه دور ايجابي فنحن نباركه، ففي نهاية المطاف، المهم النتيجة لا الوسيط”.
وعن امكان تواصله مع “النصرة”، أكد أن “لا تواصل حاليا مع أحد، لا “داعش” ولا “النصرة”.