Site icon IMLebanon

الحريري “يُغامر” بمهلة عشرة أيام؟

 

اذا كانت الاطلالة التلفزيونية للرئيس المكلف سعد الحريري ليل أمس بدت للبعض بمثابة مؤشر لاقتراب حلحلة أزمة تأليف الحكومة، فإن المعطيات العملية لم تبد كافية بعد للجزم بأن نهاية الأزمة صارت قريبة. ولم يكن أدل على ذلك من ظاهرة رمي بالونات الاختبار التجريبية التي تكررت أمس في توقيت حمل دلالات قبل ساعات قليلة من موعد الاطلالة التلفزيونية للرئيس الحريري بحيث سربت فجأة “معلومات” عن لقاء قصر بعبدا أول من أمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري تتصل بصيغة معدلة لبعض الحصص الوزارية ولا سيما منها لحزب “القوات اللبنانية” سرعان ما تبخر اثرها بعدما تبين ان “القوات” لم تتبلغ شيئاً عنها وتالياً انتفت صحتها.

 

ومع ذلك تبدو الأيام والاسابيع المقبلة مرشحة لأن تشهد وتيرة مختلفة للاتصالات والمساعي والجهود السياسية لتجاوز الانسداد الحاصل في عملية تأليف الحكومة نظراً الى مجموعة معطيات يجري تداولها على نطاق واسع منذ أيام. فثمة مناخ جديد يسود الأوساط السياسية وخصوصاً تلك القريبة من خط 8 آذار ويتصل بربط الأزمة الحكومية اللبنانية بعوامل اقليمية غالبة، الأمر الذي دفع بعض هذه الجهات الداخلية الى توقع اختراق في أزمة تأليف الحكومة اللبنانية قبل الرابع من تشرين الثاني المقبل موعد بدء سريان القرار الاميركي حظر استيراد النفط الايراني بمعنى ان ايران كما سهلت واضطلعت بدور مؤثر في اختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد ستكمل في المسار نفسه في لبنان.

 

ولكن ثمة في المقابل جهات أخرى تعزو امكان حلحلة الأزمة قريباً، في حال حصولها، الى العامل الاقتصادي والمالي في الدرجة الأولى باعتبار ان المعطيات الحقيقية التي تتصل بالواقعين الاقتصادي والمالي باتت توصف بانها بالغة الخطورة وان ثمة مؤشرات دقيقة جداً تتخوف من اقتراب الواقعين من تجاوز الخطوط الحمر في وقت لم يعد بعيداً. وهذا الأمر لن يمكن جميع المراجع والمسؤولين والقوى السياسية تجاهل خطورته والتصرف بما تمليه خطورة الوضع بدءاً بتسوية لتأليف الحكومة التي سيكون عليها الانصراف بسرعة الى وضع جدول أولويات عاجلة تكتسب الطابع الانقاذي الاقتصادي والمالي وتمنع احتمالات التدهور.

 

في أي حال، بدا الرئيس الحريري واضحاً في التحذير من صعوبة الوضع الاقتصادي وضرورة استعجال تأليف الحكومة لدى تلميحه الى مهلة أسبوع أو عشرة أيام لانجاز تأليف الحكومة. وبدا التزام الحريري هذه المهلة بمثابة مغامرة هدفها ممارسة ضغط قوي على الجميع لحضهم على التسوية تحت وطأة تصاعد الأخطار الاقتصادية. وافتتح الحريري الحلقة الاولى من برنامج “صار الوقت ” الذي باشرت بثه محطة “ام تي في” التلفزيونية والذي يقدمه الاعلامي مارسيل غانم فدعا جميع القوى الى التضحية بطموحاتها من أجل تأليف الحكومة وقال: “علينا جميعاً ان نضحي لنقوم بالبلد. كلنا يجب ان نضحي. بعد انتخاب الرئيس ميشال عون بدأنا باطلاق عجلة الاستقرار وعلينا بالروحية نفسها اطلاق العجلة لتشكيل الحكومة”. وأوضح ان طموحات الأفرقاء بعد الانتخابات النيابية هي التي تقف وراء تأخير تشكيل الحكومة، نافياً نفياً مطلقاً “وجود أي تدخل خارجي من قريب او بعيد” لعرقلة تأليفها. وشدد على ان “البلد ليس في حاجة الى الخلافات على الوزارات وأنا مستعد للتضحية بوزارات لان الاقتصاد لم يعد يحتمل”. وإذ كرر الدعوة الى التضحية “تمنى أيضاً على فخامة الرئيس ان يضحي لأنه حامي الدستور ويريد تشكيل الحكومة”.

 

 

وتحدث عن “ايجابيات واقعية” لتشكيل الحكومة، معلناً “انه خلال أسبوع أو عشرة أيام ان شاء الله سنخرج بحكومة نأمل في انها سترضي اللبنانيين على قاعدة ان الجميع سيكونون ممثلين فيها”. ولفت الحريري الى ان “لدينا تحديات كبيرة جداً في الاقتصاد والموازنة ومالية الدولة ولكن ليس في الليرة وعلينا العمل ليلاً ونهاراً في الاقتصاد”. وأكد انه لن تكون حكومة بمن حضر أو حكومة أكثرية، مضيفاً ان حديثه الاخير مع الرئيس عون كان ايجابياً وان رئيس الجمهورية سيسافر في زيارة الى الخارج كما ان لديه هو أيضاً زيارة خارجية “ولكن ساقوم بمشاورات مع الجميع لتأليف حكومة وفاق وطني تحمي الوطن”. ثم قال: “أعطينا أنا ورئيس الجمهورية فرصة للمفاوضات واتفقنا على ضرورة ايجاد الحل في أسرع وقت”. وأبدى استعداده “لإعطاء “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” وغيرهما من كيسي ولكن يجب ان يمشي البلد”. واسترعى الانتباه قول الحريري أنه في حال تولى “حزب الله” وزارة لها اتفاقات وبرامج دولية فان هناك امكانات ان تتوقف المساعدات عن هذه الوزارة”.

 

تشكيلة “اختبارية”

 

وقبيل المقابلة التلفزيونية للرئيس المكلف، سربت معلومات مفادها ان رئيس الجمهورية لا يمانع بفي منح “القوات اللبنانية” منصب نائب رئيس الوزراء من دون حقيبة وهو ما فاجأ الرئيس الحريري خلال لقائهما أول من أمس. وجاء في هذه المعلومات ان المقاعد التي عرضت على “القوات اللبنانية” هي التربية والثقافة والشؤون الاجتماعية إضافة الى نائب رئيس الوزراء من دون حقيبة.

 

لكن “القوات اللبنانية” سارعت الى التوضيح عبر دائرتها الاعلامية أن “الترويج لاخبار من هذا النوع لا يهدف سوى إلى محاولة رمي مسؤولية تأخير التأليف على القوات اللبنانية”، واكدت انه “لم يُطرح على “القوات اللبنانية” أي صيغة حكومية جديدة. ولا تريد “القوات” من أحد، مشكوراً، التنازل عن مقاعد وزارية لمصلحتها، وفي كل الأحوال ان المقاعد الوزارية هي ملك الكتل النيابية تبعاً لأحجامها وليست ملكاً لأحد”. وأضافت: “لا تريد “القوات” ان تتمثل في الحكومة سوى بالحجم الذي أعطاها إياه اللبنانيون في الانتخابات الاخيرة. فـ”القوات” حصلت على ثلث الصوت المسيحي في لبنان ككل، وبالتالي من حقها الطبيعي، ومن دون منة من أحد، ان تحصل على ثلث التمثيل المسيحي في الحكومة العتيدة إن على مستوى عدد الوزراء أو نوعية الحقائب، ولن ترضى ببعض الفتات من هنا وهناك كما يروّج له في التركيبة المزعومة”.

 

ويعقد رئيس “التيار الوطني الحر” وزير الخارجية جبران باسيل مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم في مقر التيار بمبنى ميرنا الشالوحي، عقب اجتماع للمجلس السياسي يتحدث فيه عن موقف التيار و”تكتل لبنان القوي” من الملف الحكومي، منذ إنطلاق مساره مع تكليف الرئيس الحريري حتى اللحظة. وأفادت مصادر قريبة من باسيل أنه “سيتناول في كلامه كل ما طرح من أمور مرتبطة بملف التشكيل، بينها المطالبة العونية بمعيار موحد للتأليف واحترام نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، إضافة إلى حصة رئيس الجمهورية، في محاولة منه لوضع النقاط على الحروف لمرة نهائية”، موضحة أن توقيت المؤتمر، بعد ساعات من اطلالة الحريري، لا يعني أن باسيل سيرد عليه، ومؤكدة أن التواصل بين الرجلين مستمر”.

 

لقاء للحريات

 

على صعيد آخر، تفاعلت أصداء منع “لقاء سيدة الجبل” من عقد خلوته في فندق “البريستول” وقرر “اللقاء” ومعه أحزاب وشخصيات عقد لقاء موسع للرد على سياسات القمع ورفع الصوت حماية للحريات. وأصدر “اللقاء” بعد اجتماعه أمس برئاسة النائب السابق فارس سعيد بياناً قال فيه إن “حزبي الكتائب اللبنانية والوطنيين الأحرار و”لقاء سيدة الجبل” والجمعيات واللقاءات والشخصيات الوطنية والناشطين السياديين وأهل الفن، دعوا إلى لقاء موسّع في بيت الكتائب المركزي الخامسة والنصف بعد ظهر الأربعاء المقبل، رفضاً للقمع السياسي وتمسكاً بالحريات العامة وحرية العمل السياسي، في مناسبة الحصار الذي فُرض على لقاء سيدة الجبل”.