Site icon IMLebanon

في ذكرى تفجير مرفأ بيروت… نبتدي منين الحكاية؟!

 

في 4 آب 2020، انفجرت كمية تُقارب الـ 2750 طناً من نترات الأمونيوم المُخزّنة في مرفأ بيروت، مما تسبب في مقتل 221 شخصاً على الأقل، وإصابة أكثر من 6000 شخص، وإلحاق أضرار بالممتلكات بقيمة حوالي 15 مليار دولار أميركي، وخسائر اقتصادية هائلة، فضلاً عن ترك آلاف الأشخاص بلا مأوى. ويُعتبر انفجار مرفأ بيروت أكبر انفجار غير نووي في العالم.

بتاريخ 5 آب 2020 أكد وزير الداخلية محمد فهمي أن التحقيق في انفجار المرفأ سيكون شفافاً وسيستغرق 5 أيام والمسؤول سيحاسَب.

تحقيق الـ 5 أيام صار عمره عدّة سنوات… ولا نزال ننتظر ولا نعرف الحقيقة، ونتيجة التحقيق حتى الآن هي صفر ولا جديد فيها… وهي أيضاً «لا مين شاف ولا مين دِري»… و«لا حِسّ ولا خبر»!

لكن اتضح أن جميع المسؤولين على اختلاف درجاتهم ومواقعهم، وكذلك الأجهزة الأمنية، كانوا يعلمون عن نترات الأمونيوم، ما عدا الناس الغلابة الذين سقطوا ضحية الانفجار!

كما اتضح أن الكلّ يعلم… وأن الكلّ لم يفعل شيئاً! وكنا نعتقد واهمين أننا نعيش في جمهورية موز فإذ بها جمهورية أمونيوم!

وقد كلّفت الحكومة مجلس الإنماء والإعمار الإشراف على عملية هدم إهراءات القمح في مرفأ بيروت في نيسان 2022 لكن لم يتم التنفيذ، واندلع حريق في المرفأ بتاريخ 10 أيلول 2022 رغم وجود القوى الأمنيّة، وافتراض إتمام جرد على جميع محتويات المستودعات للتأكّد من عدم وجود أي مواد متفجرة أو حارقة، فهل كانت هذه محاولات لطمس أمر ما؟

توهّم اللبنانيون أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سوف «يشيل الزير من البير» ويُنصف الشعب اللبناني المنهوب المظلوم، وينتقم لضحايا مجزرة مرفأ بيروت، ويُساند المُنتفضين في عملية نسف الطغمة الحاكمة عن بكرة أبيها.

لكن عوضاَ عن هذا فإن خططه وتحركاته أدّت عمليّاً إلى خلق تسوية تُبقي على الفاسدين، مع تحسينات في الشكل والمظهر وليس في الأداء والمضمون!

ولقد أنجز ماكرون مهمته في لبنان… زار فيروز، واستحصل على عقد للشركة الفرنسية CMA Terminals لإدارة وتشغيل مرفأ بيروت لمدة 10 سنوات!

زيارات ماكرون والمسؤولين الفرنسيين، والضغط الدولي، والحديث عن وديعة قطرية، وعن مؤتمرات دوليّة لإنقاذ لبنان، وعن عرض ألماني لإعادة بناء المرفأ… كانت جميعها أكاذيب وإشاعات!

أما بخصوص مسار التحقيق في مجزرة مرفأ بيروت… نبتدي منين الحكاية؟!

ضاع الوقت الثمين واللبنانيون يتساءلون هل سيتابع القاضي فادي صوان ملف انفجار المرفأ، أم سيبَقى هذا الملف عالقاً في مستنقع الارتياب المشروع؟!

بعدها أصدرت محكمة التمييز الجزائية قراراً يقضى بقبول طلب نقل الدعوى من يد القاضي صوّان وإحالتها إلى قاضٍ آخر، بوجود وزيرة للعدل مستقيلة، وحكومة لن تتألف في المدى المنظور، وهذا له مدلول واحد هو أن حقيقة انفجار المرفأ لن ترى النور!

بعد ذلك تم تعيين القاضي طارق بيطار، وتبعها مسرحيات مدروسة واختلاق معارك تتعلق بقضية التحقيق، وبدا أن هدفها إطلاق سراح الموقوفين! ووقعت سلسلة غامضة من الاغتيالات، كما تمّ العمل على فرط لجنة أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت!

تُرى على من ستقع القُرعة في انفجار المرفأ، ومن هو كبش الفداء؟! وهل سيُظهر التحقيق يوماً من هو المسؤول عن تفجير المرفأ، أم أنه من قبيل الصدف سيجدون أنه مات تحت الردم!

خلاصة الأمر أن نظاماً سياسيّاً فاسداً فاجراً حاقداً مجرماً قاتلاً فجَّر العاصمة بيروت في 4 آب 2020… وأنصار النظام وحلفائه يحاولون جاهدين وبشتّى الوسائل، تعطيل التحقيق والإفلات من الإدانة والعقاب.

مع إعلان حداد وطني وتعطيل رسمي في ذكرى فاجعة انفجار المرفأ الجمعة في 4 آب 2023، نسأل أين أصبح التحقيق الجنائي ومَنْ دفنَ الحقيقة؟!

وأخيراً نُطمئن ضحايا تفجير مرفأ بيروت، والجرحى والأهل المفجوعين، والمشرّدين والمنكوبين: صار عندكم يوم عطلة رسميّة، وطابع بريد تذكاري!