IMLebanon

اعلان «النوايا» فتح طريق الفخامة

اذا كانت «ورقة التفاهم» بين «التيار الوطني الحرّ» و«حزب الله» وضعت الجنرال ميشال عون على سكة الرئاسة الاولى فان ورقة «اعلان النوايا» التي جاهد كل من النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل والاعلام ملحم رياشي على انجازها شكلت «البولدوزر» الذي شق الطريق امام الجنرال ميشال عون الى الكرسي الاولى مدججاً بالفخامة وفق الاوساط المسيحية المقربة من الطرفين فيما يشبه العرس الوطني الجامع، لان وحدة المسيحيين تُشكل بوابة العبور الى الوحدة الوطنية، مع انتهاء مقولة «ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم» بوصول «الرئيس القوي الى سدة الرئاسة، لا سيما وان الشارع المسيحي عانى الكثير من الاحباط منذ المقاطعة للانتخابات النيابية عام 1992، حيث همش المسيحيون واخرجوا من السلطة بتدبير من نائب الرئيس السوري آنذاك عبد الحليم خدام الذي لعب دوراً بارزاً على الرقعة اللبنانية واضعاً في طليعة اهدافه اغلاق الطريق بين بكركي ودمشق لينتهي مع بدء الحروب السورية متوارياً عن الانظار في ازقة العاصمة الفرنسية ومطلوباً للعدالة من القيادة السورية التي كانت ولية نعمته ايام حكم الرئيس السوري حافظ الاسد.

وتضيف الاوساط نفسها ان ورقة «اعلان النوايا» التي مسحت اللوح الاسود في العلاقات بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحرّ» تشكل دستوراً لدى الفريقين الى حد ان احد المراجع الروحية المسيحية يعتبر الاخلال بها خطيئة مميتة ومن ينقض التزامه بها من كلا الطرفين يجب ان يرمى بالحرم الكنسي، فهي كانت الحجر الاساس في صناعة الرئيس العتيد واثبتت ان قوة المسيحيين لا تكمن بعددهم بل بوحدتهم وان الاخطار الخارجية التي تهددهم مع نهوض الفكر الظلامي التكفيري الممثل «بداعش» ومشتقات «القاعدة» كفيلان بمواجهتها وسحقها طالما هم موحدون، لان الخطر الحقيقي عليهم يتجسد في خلافهم اذا حصل والدليل على ذلك انهم منذ فتنة 1860 لم يتعلموا درساً واحداً بفعل صراع ديوكهم على القيادة وتفرقهم  كلما دقت ساعة الرئاسة منذ مطلع  الاستقلال مع توزع المرشحين الموارنة على صناع الطبق الرئاسي في عواصم القرار، ما جعل من الشغور رئيساً للجمهورية اثر نهاية عهد الرئيس اميل لحود طيلة 7 اشهر وتكرر المشهد الدرامي مع نهاية عهد الرئيس ميشال سليمان الذي صنع في «مؤتمر الدوحة» وتربع الفراغ سعيداً في القصر الجمهوري طيلة سنتين ونصف الى حد توقع فيه المراقبون ان يكون سليمان آخر رئيس ماروني في لبنان.

وتشير الاوساط الى ان وحدة الصف المسيحي  حول ورقة «اعلان النوايا» قلب المعادلة في لعبة صناعة الرئيس والدليل على ذلك انسحاب رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع وترشيحه لعون مسجلاً سابقة تاريخية لم يتوقعها احد مسقطا فيها مقولة «صراع الديوك» من جهته وانتاج رئيس صنع في لبنان من جهة اخرى ليؤسس لمرحلة الصناعة الوطنية رئاسياً بعيداً عن الصناعات الخارجية كما اعتاد اللبنانيون عليها في اختيار المرشح الرئاسي الذي تتقاطع مصالحهم حوله، في انعطافة تاريخية لم تحصل سابقاً، وسيظلل التوافق العوني – القواتي عهد الرئيس عون في مسيرة الشراكة بين الطرفين في الحكم، لاطلاق ورشة الحوار الوطني من خلال العمل على نسف الاحتقان السني – الشيعي وارساء الاستقرار على الحلبة الداخلية، فعلاقة عون مع «حزب الله» وما يجمع بينهما من ثقة كفيلة بذلك لا سيما وان «حزب الله» حريص على نجاح العهد، وعلاقة جعجع بالرئيس سعد الحريري مبنية على اسس راسخة واذا ما اجتمعت العلاقتان سيكون النتاج الطبيعي لهما انطلاق ورشة الحوار السني – الشيعي لان خلافهما في هذه المرحلة الاكثر استثنائية في تاريخ المنطقة سيكون المسيحيون الخاسر الاكبر فيها.