هل يجوز لصحافي أن يسترق السمع إلى حديث عالي النبرة يجري خلف الأبواب الموصدة؟
وهل يمكن اعتبار ما يتم تسجيله خلسة بين وزير كثير العثرات والعراضات ونائب يقدّر حجمه السياسي مضروباً بثلاثة، أو بين رئيس اتحاد نزق ونقابيين وتعميم فحوى التسجيل على مواقع التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية، من المسائل المتعارضة مع الأخلاق الإعلامية والشرعات المهنية؟
وهل ما يُحكى في المجالس السياسية الخاصة، على أهميته، مصيره أن يبقى طي الكتمان الشديد ومن الأسرار الكبرى أو أن الإفشاء “يفش” الخلق أيّا تكن المخاطر؟
أي صحافي لا يتمنى السطو على محاضر اجتماعات ساترفيلد ـ بري؟
وهل “لطش” ملف على قدر كبير من الأهمية عن طاولة مجلس الوزراء ونشر مضمونه في صحيفة عريقة عمل محمود أو فعل سرقة؟
وهل قرصنة جوليان آسانج لآلاف الوثائق السرية والبرقيات من وزارة الخارجية الأميركية والبنتاغون ونشرها على موقع ويكيليكس سبق صحافي؟
تبدو الإجابة المبرمة على هذه الأسئلة معقدة أو بالأحرى مشوبة بالتردّد. فالقارئ اللبناني، أي قارئ، لا يأبه كثيراً لقراءة مقررات مجلس الوزراء بقدر ما يستطيب قراءة محضر التقاصف الكلامي (المفترض) بين الوزيرين وائل أبو فاعور وسليم جريصاتي.
والمُشاهد المسيّس وغير المسيّس ينتظر من الوزير جبران باسيل خبطة، أقلّه في الأسبوع مرة، من مستوى خبطة “محمرش” التي ما زالت تتصدر الـ”توب 10″ رغم مضي 20 شهراً عليها وكادت تتسبب بمضاعفات خطيرة.
وكل من تمنى يوماً الإطلاع على ما يضمره السياسيون اللبنانيون وما يبخّون من سموم وما يبثونه من أخبار و”لقلقات”، وجد في محاضر ويكيليكس شيئاً من أمنياته وغابت عنه أشياء. تعرّف إلى الوجه الآخر لمجموعة من الوزراء والنواب والقيادات الذين “فضفضوا” أمام السيد فيلتمان وكبار الزوّار الأميركيين وباحوا بما يعتمل في دواخلهم …
مما تعلّمناه على أساتذة كبار في عالم الصحافة أن القارئ ينتظر من الصحافي أن يجيب، من خلال ما يكتبه، عن تساؤلات لا أن يطرح هو أسئلة. لكن لم يقل لنا “كبارنا” كيف نجيب بـ”نعم” و”لا” على سؤال واحد.