قانونان، في لبنان، يتعذّر قيام إجماع حولهما: قانون الإنتخابات النيابية وقانون الإيجارات. هذا ما أثبتته التجارب المستمرة منذ عقود طويلة، وهذا ما تؤكد عليه التجرية الحالية. فباعتراف الجميع لن يكون إجماع على أي صيغة من الصيغ المقترحة لقانون الإيجارات، ولا حتى المعدّلة الأخيرة. مع فارق أنّ هذا التعديل الأخير لم يرض (كلياً) أياً من طرفي الإيجار: لا المؤجر ولا المستأجر.
والحال إياها في الصيغ، كلها، التي تتضمنها مشاريع القوانين واقتراحات القوانين ذات الصلة بقانون الإنتخاب. فمن المستحيل أن نرى إجماعاً على قانون الستين، ساري المفعول حتى تعديله أو حتى تبديله بقانون جديد. ولو شئنا أن نعدّد الأطراف السياسية لوجدنا آراء مختلفة جداً من هذا القانون.
وكذلك هي المواقف من النسبية الكاملة، سيّان أكانت في الدائرة الصغرى (القضاء) أو الدائرة المتوسطة (قضاءان أو ثلاثة أو المحافظة) أو الدائرة الكبرى (لبنان كله دائرة واحدة). وإذا كان الإعتراض على قانون الستين يحمل في طياته كثيراً من «المراوغة» لدى بعض الأطراف، فإن المعترضين على النسبية المطلقة لا يراوغون ولا يداهنون. فهم يرفضونها (أيضاً) رفضاً مطلقاً.
وفي مختلف الصيغ الأخرى تبرز إعتراضات قد تتجاوز عدد التأييدات. سيان أكانت الدائرة فردية أو على أساس النسبية الجزئية: المختلطة مع الأكثرية، أو القانون الأرثوذكسي، أو (نظرية الرئيس نبيه بري) المرحلة الأولى على قاعدة القانون الأرثوذكسي ثم على قاعدة وطنية شاملة…
ولكل من أصحاب الموافقة وأصحاب الإعتراض اراؤهم التي يسهبون في عرضها ولم تعد بخافية على أحد لكثرة ما يجري تداولها، كل يوم… ولعلّ بعض النظريات يدفع الى ترداد القول المأثور: «الجمرة ما بتحرق إلاّ مطرحها»… وأيضاً: «اللي بياكل العصي مش متل اللي بيعدّها». ولعلّ في موقف الزعيم وليد جنبلاط ما ينطبق عليه هذان المثلان السائران. فلقد أمضى رئيس كتلة جبهة النضال سنوات، وعقوداً، وهو يتفرج على الجمرة الإنتخابية تكوي الطيف المسيحي، وعلى العصا الإنتخابية تلهب ظهر الطيف المسيحي… ولم يكن ليعترض بكلمة، بل لعله كان المستفيد الأكبر… وإلاّ من أين له هذا؟ والـ«هذا» تعني هذا الكم الوازن من النواب المسيحيين الذين هم في كتلته النيابية… فهل هؤلاء جاءوا بأكثرية الأصوات المسيحية في مناطقهم؟ الجواب معروف. فلماذا يعترض على حال مماثلة أو حتى أقل وجعاً؟!.
لقد بنى وليد بك إتصالات موفديه الى الرؤساء والفاعليات على أن أربعة نواب دروز من أصل ثمانية سيصلون بأصوات غير درزية في القانون النسبي… فهل فاته أن أكثر من ثلثي النواب المسيحيين (من المذاهب المسيحية كلها) يصلون الى الندوة بأصوات غير المسيحيين… وهو الأدرى لأنه يقبض على عدد منهم كما أسلفنا أعلاه.
أما أن يتراجع سيد المختارة عن المشروع المشترك بينه وبين تيار المستقبل والقوات، فهذا أمر كان متوقعاً.