IMLebanon

صواريخ مضادة للطائرات إلى سوريا.. سباق تسلُّح أم قرار حرب!

للمرة الأولى منذ بدء الأزمة في سوريا، وقّع الرئيس الأميركي باراك أوباما على قانون ميزانية الدفاع لعام 2017، الذي يجيز إمداد “الحلفاء في سوريا” بصواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، بعدما صوّت الكونغرس، بغرفتيه، على القانون. وهو أمر لو حدث، سيؤثر بشكل كبير في مجريات الحرب الدائرة هناك، سياسياً وميدانياً.

الرئيس المُنتخب دونالد ترامب، لم يعلن بعد، بوضوح، عن خططه إزاء الأزمة السورية عموماً، وإزاء الجماعات المسلّحة، خصوصاً. فالسمة الغالبة على خطط إدارته المقبلة هي الغموض. ترامب يتحدث عن طبيعة التعاون مع روسيا للقضاء على “داعش”، فيما مستشار الأمن القومي في إدارته، مايكل فلين، يعتبر أنّ حرمان الجماعات المسلّحة من الدعم، أو محدودية هذا الدعم، كان سبباً أساساً في تنامي التنظيمات المتطرّفة.

وهي، ربما، مؤشرات الى إمكانية توجّه الإدارة الجديدة نحو تسليح الجماعات “المعتدلة” في مواجهة الدولة السورية، شرط القتال ضد “داعش” إلى جانب التحالف الأميركي. فواشنطن لن تجد، في نهاية المطاف، بديلاً عن الجماعات المسلّحة، وعلى رأسها “النصرة”، حليفاً على الأرض لتحقيق المكاسب الميدانية وحمايتها واستثمارها.

الأزمة السورية، ستشكّل التحدّي الأبرز والأكثر تعقيداً لإدارة ترامب، فور تولّيه منصبه رسمياً. وقد بادر الكونغرس، وإدارة أوباما الديمقراطية، إلى إجازة تزويد الجماعات المسلّحة بأسلحة فتاكة، بهدف وضع الرئيس الجديد أمام أمر واقع، سيشكّل إحراجاً كبيراً لإدارته، سواء قبله أو رفضه. إذ سيكتشف سريعاً، أنّ قتال “داعش” وحده، ليس كافياً لتحقيق الأهداف الأميركية.

وسيجد نفسه عرضة لضغوط مختلفة، داخلية من بعض أعضاء إدارته، وخارجية من الحلفاء، وعلى رأسهم الخليجيون والأتراك، يطالبونه بالمبادرة إلى تعديل ميزان القوى على الأرض في سوريا.

هؤلاء يعتقدون أنّه بعد نجاح الجيش السوري وحلفائه في تحرير حلب، وإخراج المسلّحين منها، باتت الحاجة ملحّة إلى تزويد “الحلفاء الموثوقين” في سوريا بأسلحة نوعية، على رأسها الصواريخ المضادة للطائرات، وإرسال المزيد من المقاتلين المدرّبين لتشغيلها.

بعد إخراجهم من المدن الكبرى، والمناطق ذات الكثافة السكانية، التي كانت تؤمّن للمسلّحين غطاءً ودروعاً بشرية، يحتمون خلفها، باتت المواجهة مع الجيش السوري وحلفائه أكثر صعوبة وتعقيداً. والبديل لتعويض الجماعات المسلّحة خسارة الغطاء البشري، هو تأمين غطاء جوّي. وهذا ممكن عبر وسيلتين:

الأولى، إنشاء منطقة عازلة، تتمتع بحظر جوّي. وهي خطوة ستؤدّي الى صدام مباشر مع روسيا، التي ستطارد الجماعات الإرهابية، وتحديداً “النصرة” في كلّ الأراضي السورية، فضلاً عن أنّ الحظر الجوّي، قد يحتاج إلى ضرب الدفاعات الجوّية الروسية والسورية. وهذا أمر غير وارد، حتى الآن، في استراتيجية أيّ رئيس أميركي.

الثانية، تزويد الجماعات المسلّحة بصواريخ مضادة للطائرات، خصوصاً تلك المحمولة على الكتف. وهذا أيضاً، أمر مستبعَد، بسبب وجود قرار استراتيجي بعدم تزويد تلك الجماعات بأسلحة مصنّفة استراتيجية وكاسرة للتوازن، في الحالة السورية.

إسرائيل تخشى تسرّب هذه الأسلحة إلى جماعات “غير منضبطة”، وربما إلى قوى معادية مثل حزب الله، ما سيشكّل تهديداً خطيراً لطائراتها الحربية ومروحياتها.

كما أنّ روسيا، قد ترد، على هكذا تطوّر، بتزويد السوريين والإيرانيين، وربما العراقيين واليمنيين، بنوعيات متطوّرة من الأسلحة. في كلّ الأحوال، فإنّ أيّ سباق، روسي – أميركي، الى التسليح، سيُغرق المنطقة بأنواع خطرة من الأسلحة، تهدّد الطيران الأميركي والروسي والتركي، والطيران المدني في سوريا والعالم. وهو تطوّر غير وارد لدى الطرفين، ولا قدرة لهما على احتوائه.

يعتقد البعض أنّ الأمر سيقتصر على عدد محدود جداً من الصواريخ، في منطقة محدودة، يُرجَح أن تكون إدلب لاستنزاف القوات الروسية، وإجبارها على التراجع.

هذا السلاح، يُستبعد أن يدخل إدلب (حيث يتوقع أن تدور معركة كبرى)، من دون علم تركيا وموافقتها، فهي منطقة نفوذها الرئيسة في سوريا. وبالتالي، ستعمد موسكو إلى ردّ متناسب، قد يصل حدَّ تزويد حزب العمّال الكردستاني بأسلحة نوعية، بينها صواريخ مضادة للطائرات، وهذا كفيل بإقناع الأتراك بخطورة خطوة كهذه.

الأميركيون، من جهتهم، لا يشكّون في أنّ حيازة أيّ “جماعة معتدلة” هذا النوع من الأسلحة، يعني، بالضرورة، وصوله إلى “داعش”، ليصبح تهديداً حقيقياً لطائرات التحالف الأميركي.

ولكن في واشنطن مَن يعتقد بأنّ القوات الكردية، خصوصاً “قوات سوريا الديمقراطية” هي الجهة التي يمكن الوثوق بحيازتها هذا السلاح. لكنّها خطوة ستواجَهُ، أولاً، برفض الكرد استخدامه ضد الطائرات الروسية والسورية، وبالتالي لا معنى لتزويدهم به. وثانياً، ستصطدم برفض تركي حاسم، غير قابل للنقاش، إذ يعني تهديداً خطيراً للأمن القومي التركي برمّته.

يبقى أنّ سلاحاً كهذا في سوريا، يقتضي وجود قوات خاصة أميركية وغربية لاستخدامه، وهو قرار كبير وخطير، يعني أنّ قراراً أكبر قد اتُخذ بالصدام المباشر مع روسيا وحلفائها، وليس في الأجواء ما يشير إلى إمكانية الإقدام على هذه الخطوة في المدى المنظور، ولن تكون واردة، إلّا في حال قررت الولايات المتحدة خوض الحرب بنفسها ضد الدولة السورية ومحور “المقاومة”.