IMLebanon

مكافحة الفساد بين بشير الجميِّل وإميل لحود

 

في بداية عهد الرئيس ميشال عون، سُمِّي وزيرُ دولةٍ لمكافحة الفساد هو الوزير نيقولا التويني، كانت تجربة فاشلة ومتعثرة، وخرج التويني كما دخل لأنّ وزارته لم تكن لديها هيكلية أو صلاحية للعمل أو للتحرك، وشكَّل هذا التعثر أول «نقطة ضعف» لـ»العهد القوي». لم يشهد العهد خطةً لمكافحة الفساد، ولا خارطة طريق لذلك، بل كانت هناك «خبطات» لم توصِل إلى أي نتيجة:

 

لم يدخل أحدٌ إلى السجن، إلا في ما ندر، ولم يُستردُّ قرشٌ من الأموال العامة علماً أنّ أهم مفاعيل مكافحة الفساد هي إدخال فاسدين إلى السجن واسترداد أموال عامة، وطالما أنّ هذين المؤشرين لم يتحققا، فهذا يعني أنّ مكافحة الفساد بقيت عنواناً من دون ترجمة.

 

الفشل والتعثر في مكافحة الفساد، كانا سمة العهود المتلاحقة منذ ما بعد «الطائف» حتى الأمس القريب:

 

في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي، عُقِدَت جلسات متلاحقة لمجلس الوزراء بعناوين إصلاحية. أدّت تلك الجلسات آنذاك إلى إقالة عدد لا بأس به من الموظفين، من مختلف الرتَب، لكنّ المفاجأة تجلّت في أنّ معظمهم عادوا إلى مراكزهم بفعل قرارات من مجلس شورى الدولة.

 

في عهد الرئيس إميل لحود، كانت شهيرة «كبسة» الرئيس إلى مركز الضمان الإجتماعي في بدارو حيث «ضبطَ» موظفين يأكلون الفول الأخضر، ضمن الدوام، المفاجأة أنهم بعد مغادرة الرئيس مبنى الضمان، عادوا إلى أكل الفول.

 

في عهد الرئيس ميشال عون، كان الإصلاح ومكافحة الفساد عنوانين كبيرين لكن بإنجازات أقل من متواضعة. مكامن الهدر في أكثر الإدارات والوزارات، صاحبة الميزانيات الأعلى، بقيت قلاعاً لم يجرؤ أحدٌ على طرق أبوابها: من مجلس الإنماء والإعمار إلى وزارة الأَشغال إلى وزارة الطاقة، إلى الصناديق والمجالس، من مجلس الجنوب إلى صندوق المهجرين، واللائحة تطول… من خلال العهود المتعاقبة، بقيت عملية مكافحة الفساد اسماً على غير مسمَّى، لا تعوز الحكومات القوانين بل»هيبة الدولة»، تحققت هذه «الهيبة» عند انتخاب الشيخ بشير الجميِّل رئيساً للجمهورية، كان التزام الدوامات مفاجئاً للجميع سواء في لبنان، حتى في المناطق النائية، أم في السفارات اللبنانية في الخارج حيث عاد الموظفون في السفارات إلى المواظبة على الحضور «على الوقت».

 

اليوم، بين توقيفات مصلحة تسجيل السيارات والآليات، والدوائر العقارية، هل يمكن تلمُّس بداية جدية لمكافحة الفساد؟ من المبكِر الإجابة عن هذا السؤال، لأنّ السوابق لا تشجِّع، فإذا كانت الأمور بخواتيمها، فإنّ ما يجري من تحقيقات وتوقيفات، لم يصل إلى خواتيمه بعد.

 

في الإدارة الرسمية، موظف برتبة مدير عام، أقيل من منصبه في مطلع عهد الرئيس إميل لحود، لكنّ مجلس شورى الدولة أصدر قراراً بإعادته إلى منصبه، الا أن مرجعيته السياسية التي عينته والتي اختلفت معه لإبعاده، رفضت إعادته إلى المديرية التي كان فيها، فوُضِع بتصرف رئيس الحكومة، منذ أربعة وعشرين عاماً وما زال يتقاضى راتبه. هل هذا هو الإصلاح ومكافحة الفساد والتطهير الإداري الذي يريدونه؟