لا يزال اللقاء الذي دعت إليه “القوات اللبنانية” موضع تجاذبات وتفسيرات سياسية، في ضوء القراءات المتناقضة حيال الحضور والمشاركين فيه، كما لجهة المواقف التي أعلنت في بيانه الختامي. وفي هذا الإطار، أشار النائب السابق في تكتل “الجمهورية القوية” أنطوان زهرا لـ “الديار” إلى أن “الحضور كان مقبولاً جداً، على عكس ما يعلنه المنزعجون من اللقاء والحاضرين ولذا يستهدفونه، علماً أنه إذا كان فاشلاً فلماذا يحملون همّه، وإذا كان ناجحاً فهذه خطوة وطنية مطلوبة، علماً أننا نلاحظ أن كل الإتجاهات، وبما فيها الحكومية، حتى لو أنها تعيش تحت ضغط حزب الله، تُجمع على عنوان تطبيق القرار 1701 كاملاً وليس انتقائياً كما حصل في العام 2006، لأن الحزب لم يهتم في القرار 1701 إلا بالحصول على وقف لإطلاق النار لوقف الحرب يومها، ولكنه بعد ذلك تعامل معه وكأنه لم يكن، وجرى العمل على وضع الأهالي بوجه اليونيفيل، والإعلان أن الجيش غير قادر على حماية لبنان”.
وأكد أن “لقاء معراب شدّد على وجوب أن يكون مقابل الإلتزام اللبناني إلتزام “إسرائيلي”، وهو من المسلّمات التي لا تستوجب أي بحث، أي أن هذا القرار ينطبق على الطرفين وليس على طرف واحد، ومصلحة لبنان أكبر من مصلحة “إسرائيل” لتطبيقه، لأنه رغم كل شيء وللأسف، لا توازن بالأضرار بين لبنان و”إسرائيل”، لأن لبنان يدفع الثمن الأعظم، في وقت أن “إسرائيل” مدعومة من أميركا وأوروبا وتحصل على تمويل منهما لتقاتل ولتعقد معاهدات سلام، بينما في لبنان ما من طرف يأخذ على عاتقه دفع الأضرار التي حصلت من حرب الجنوب، ولذا فهم سيقومون بالتسوّل لإيجاد من سيعوِّض الأضرار، لأن الجميع في هذه المرحلة يحمّلون حزب الله مسؤولية فتح الجبهة في الجنوب، تحت حجة وحدة الساحات ومساندة غزة، ورأينا نتيجة هذا الدعم”.
وبالتالي، رأى أن “اللقاء كان أكثر من ضروري، وحصل على عجل ولم يُحضّر له بشكل هادئ، لأننا وصلنا إلى مراحل في غاية الخطورة، وربما كان من الممكن أن يكون الحضور أفضل، ولكن من لم يحضروا ليس لديهم حجة كي لا يحضروا، إلا ربما ما سرّبه وليد جنبلاط أنهم لا يريدون أن يكون سمير جعجع زعيم هذا اللقاء، رغم أنه لم يكن الهدف، واختيرت معراب لأسباب أمنية لا أكثر ولا أقل، وكان من الممكن أن يكون في مكان آخر، وكلنا ندرك كم هو مستهدف الدكتور جعجع أمنياً وبشكل دائم”.
وحول من يأخذ على “القوات” اليوم أن لا حليف لها، يسأل: “هل مشاركة “الكتائب” و”الأحرار” تظهر أنها معزولة مسيحياً؟ والشخصيات المستقلة التي حضرت تظهر عزلة “القوات”؟ وأيضاً الشخصيات السنّية الوازنة، وإن كانت لم تكن بحجم “تيار المستقبل”؟ فهناك مرحلة من العمل السياسي في لبنان يبدو أنها انتهت، فالشهيد رفيق الحريري رحمه الله، وما استمر من بعده لأمد متوسط وغير طويل، فإن التشرذم السنّي واضح وجلي ولا مرجعية واحدة، وبالتالي مشاركة رموز ونواب محترمين يؤكد أن المقاطعة الوحيدة كانت من الحزب “التقدمي الإشتراكي”، ووليد جنبلاط لديه أسبابه بتموضعه الحالي، والحذر الذي يتميّز فيه بكل خطواته، وحرصه على عدم استفزاز حزب الله، فالمعني بتطبيق ألـ1701 هو الحكومة اللبنانية وحزب الله، لذا يمكن فهم مقاطعة جنبلاط، أما الباقون هم شخصيات ربما كان هاجسها أن تكون هي في الصدارة، وفي هكذا لقاء لا أحد في الصدارة”.
وهل من لقاءات أخرى لتوسيع دائرة المعارضة، أوضح أن “المعارضة تقوم بالتنسيق على المستوى النيابي، وهناك جهد أطلقه الشيخ سامي الجميل منذ شهور لتوسيع المعارضة، والإتصالات جارية في كل الإتجاهات في هذا السياق، والإجتماع في معراب لم يكن ضمن هذا السياق، بل كان تحت عنوان الـ 1701 والقرارات الدولية، وإن لم تُذكر جميعها، إنما ألـ 1701 كاملاً يتضمن الطائف والـ 1559، و1680 وصولاً إلى 1701، ويتضمن كل المسار بما فيه تسليم السلاح وترسيم الحدود البرية، فكل هذه التفاصيل واردة في متن القرار 1701، وبالتالي، فإن التركيز عليه هو تركيز على كل القرارات الدولية ذات الصلة، بما فيها إتفاق الطائف الذي أرسى تركيبة سياسية جديدة، وكان في وقته لو طُبٌق كان مشروعاً لإنهاء كل الحروب في لبنان والتأسيس للسلم الأهلي وإعادة بناء الدولة”.
وعما إذا كان هناك مخاوف لدى “القوات” من حصول تفاهم سياسي في الإستحقاق الرئاسي كما حصل في نقابة المهندسين في بيروت أخيراً بين الرئيس نبيه بري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، رأى أن “التوقعات كلها مفتوحة، إنما ما يهمّ “القوات” هو إجراء انتخابات الرئاسة وفق الدستور، ومن يفوز سيكون رئيس جمهورية لبنان، والمهم بالنسبة لنا هو الإلتزام بالدستور، وعدم إرساء تقاليد أو أعراف تتفوّق على الدستور، لأن بدعة الحوار من أجل انتخاب الرئيس، هي للقول إن طاولة الحوار هي أعلى من الدستور، وهذا ما لن نقبل به بأي حال من الأحوال”.
وأمّا بالنسبة للحوار فقال زهرا إن “الحوار يحصل حول المواضيع الوطنية، حتى ولو كانت تتناول الدستور ومناقشة الثغرات فيه وإمكانية تعديلها، وليس حول تطبيق الدستور لأنه يبقى الحكم والمرجع في كل شيء حتى لحظة تعديله، وقبل ذلك لا يتم الحوار حول تطبيق الدستور لانه واجب وطني ولا يحتاج إلى واسطة للحوار”.