حملت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى بيروت، مجموعة من الرسائل الحازمة والمحذرة في آن، للمسؤولين والطبقة الحاكمة من خطورة بقاء الوضع على ما هو عليه، في ظل الظروف البالغة الصعوبة التي يمر بها البلد. فهي زيارة تكتسي أهمية بالغة في هذا الوقت العصيب على اللبنانيين، حيث سيحاول الأمين العام للمنظمة الدولية، حث القيادات السياسية على السير في عملية الإنقاذ، تفادياً لمزيد من الانهيارات على مختلف الأصعدة، لأن المجتمع الدولي ضاق ذرعاً بمماطلة المسؤولين في هذا الباد، وإضاعتهم الفرص التي اتيحت لهم من أكل الإنقاذ، في حين علمت «اللواء» أن غوتيريس أعرب عن ارتياحه ل»إعلان جدة»، داعياً القيادات الرسمية إلى الاستجابة لما يتضمنه من قرارات تصب في مصلحة لبنان الذي لن يخرج من هذه المحنة، إلا بتجاوز انقسامات مسؤوليه من أجل مصلحة بلدهم .
وتأتي زيارة الأمين العام للمنظمة الدولية، في وقت رفعت الولايات المتحدة الأميركية من سقف ضغوطاتها على بعض المسؤولين اللبنانيين، في مؤشر بالغ الأهمية، يوحي بأن واشنطن لم تغير قيد أنملة ما سبق للإدارات الأميركية المتعاقبة، أن فرضته من عقوبات مستمرة، وتحديداً على «حزب الله» ومن يدورون في فلكه، ،إن إدارة الرئيس جو بايدن تعمل بالتنسبق مع الجانب الفرنسي وحلفائها الأوروبيين على انتهاج سياسة أكثر تشدداً مع القيادات اللبنانية التي تسببت بإفقار الشعب اللبناني، ووسط توقعات بزيارة الوسيط الاميركي لترسيم الحدود آموس هوكشتاين إلى لبنان في النصف الأول من كانون الثاني، لاستكمال البحث في ما توصلت اليه مفاوضات ترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، يتواصل الضغط الأميركي، السياسي والمالي على «حزب الله»، بتأكيد وكيل وزارة الخزانة الأميركية للإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، أن بلاده لن تسمح للحزب بالسيطرة على النظام المالي في لبنان، وهو موقف اعتبرته مصادر مالية بأنه موجه ضد محاولات «حزب الله» وحليفه «التيار الوطني الحر»، الدفع باتجاه إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لتعيين بديل منه يدور في فلك هذا الفريق .
وفي ظل هذه الأجواء القاتمة، وفيما يمنع «حزب الله» الحكومة من الاجتماع، إذا لم توافق على شرطه بإقالة المحقق العدلي في «المرفأ» القاضي طارق البيطار، بات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في وضع لا يحسد عليه، بعدما لم تنجح كل محاولاته للحصول على موافقة «الثنائي» بعقد جلسة لمجلس الوزراء، وهو ما لم يوافقه عليه رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يحبذ أن يدعو الرئيس ميقاتي إلى جلسة للحكومة، بصرف النظر عن موقف حليفه «حزب الله» وحركة «أمل» . وقد اعتبرت مصادر نيابية «عونية»، أن «استمرار الرئيس ميقاتي في سياسة المهادنة مع الثنائي الشيعي، سيدفع الأخير إلى التصلب في موقفه أكثر فأكثر، وبالتالي المضي في عملية عرقلة عقد جلسة لمجلس الوزراء، حتى تحقيق هدفه في إزاحة المحقق العدلي في «المرفأ» القاضي طارق البيطار». أما مصادر رئيس الحكومة، فتشدد على ضرورة فصل الملف الحكومي عن الملف القضائي، وإن كان هناك من يشير إلى بروز مؤشرات عن تباينات بين الرئيسين عون وميقاتي، بشأن موضوع الدعوة لعقد جلسة للحكومة .