IMLebanon

أنور خوجة لبنان

لم يعد ينقص الأمين العام، ليتمم تحدياته الكبرى، سوى تحدي العولمة المالية. فبعد “ابنوا دولتكم لنرَ” المحلية، ووصف القادة العرب بالكسالى والتنابلة، واتهام السعودية بالاعتداء على البحرين واليمن، إقليمياً، “تصدى” في خطابه، ما قبل الأخير، للعولمة المالية، داعياً الدولة اللبنانية لتكون طليعة معركته معها. وكعادته، في القيادة عن بعد، التي سبق بها نظرية أوباما في إدارة الصراعات الدولية، اعترف بأنه وحزبه لا يتعاملان مع النظام المصرفي المحلي، وتالياً العالمي، أي أنهما لن يتضررا من أي اجراءات دولية، وبقيادة أميركية، ضد النظام المصرفي اللبناني، واعترف بتلقي الأموال من طهران، مباشرة، متجاهلاً معنى العمالة في ذلك.

اعتاد الأمين العام، في كل خطبه، تبيان انفصاله العميق عن الدولة وقراراتها، الى حد نقضها، والتمهيد لهدمها، وإنهاء دورها. فقبل ذلك، أدت مواقفه “الطليعية” الى ضرب القطاع السياحي اللبناني بخطبه العنترية ضد دول الخليج، وتوجت مخاوف أهل المنطقة من زيارة لبنان بعد موسم خطف أبنائهم، لا سيما في البقاع في العام 2012، وإطلاقهم في مقابل جزية مالية لبيئة سطوته. فالاستهانة بمصالح اللبنانيين عموماً، ليست بجديدة عليه، فلقد هددت مواقفه، وعملياته، في السابق، مصائر اللبنانيين في كل مكان، من أميركا الى أوروبا، والعالم العربي. وليست بغائبة عن الذاكرة، أفواج منهم غادرت الخليج، بسبب مواقفه الاستفزازية، التي تجاهل فيها مصالحهم، كتشبيهه دور “قوات درع الجزيرة” في البحرين “بالمشروع الصهيوني”، وتهديد أهل الخليج بـ”البركان”.

تجاهل الأمين العام، باستمرار، أن 60 في المئة من تحويلات اللبنانيين الى بلدهم تأتي من الخليج العربي، وأن 500 ألف لبناني يعملون في دورته الاقتصادية، وأن استثمارات أبنائه في لبنان تمثل 80 في المئة من اجمالي الاستثمارات، وأن بلدانه تستقطب 20 في المئة من الصادرات اللبنانية.

أحيا الأمين العام، في خطابه ما قبل الأخير، في ذاكرتي، اسم أنور خوجه، زعيم ألبانيا الشيوعية المؤسس، الذي عزل بلاده عن دول العالم أجمع: بدأ بمعاداة الغرب بقيادة “الامبريالية” الأميركية، فور انتهاء الحرب العالمية الثانية، ثم الاتحاد السوفياتي عام 1961، بعد وفاة ستالين، “الأب الحبيب”، فالصين، التي تحالف معها ضد خروتشيف، ثم غضب منها لـ “خيانته” إثر زيارة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون لبيجينغ، عام 1971، واتهمها بـ “التحريفية”، كما موسكو، وصارت بلاده، وحدها، في رأيه، من يطبق الماركسية –اللينينية، وعزلها عن العالم الخارجي، وحظر المساعدات الدولية،

لا سيما من الغرب.

أنور خوجة، خاض الحرب ضد احتلال الفاشية الإيطالية لبلاده، ثم ضد “التحريفية” السوفياتية، فالصينية، وعندما سقط جدار برلين، وانهار المعسكر الاشتراكي، ومعه نظام أنور خوجة، بقيادة رامز عليا، اكتشف العالم للتخلف الاقتصادي والاجتماعي قعرا هو ألبانيا.

هل هذا ما يعدنا به الأمين العام؟