IMLebanon

القلق يقضّ مضاجع الدروز ولا أجوبة واضحة لدى قادتهم

تعيش الطائفة الدرزية، وفق قراءة لاوساط درزية عليمة، حالة من القلق لم يسبق ان مرت بها في تاريخها على الرغم مما عانته منذ الف عام الى اليوم من صراعات بدأت مع الصليبيين والبيزنطيين ثم انتقلت الى عصر الفتاوى التكفيرية اضافة الى معاناتها في حقبة العثمانيين والغزوة المصرية لابراهيم باشا لبلاد الشام ثم صراعات داخلية عبر محطتين الاولى معركة عين دارة بين القيسيين واليمنيين ادت الى تهجير نصف الدروز الى سوريا، والثانية حرب البشيريين الشهابي والجنبلاطي على العائلات الدرزية والتي ادت الى ضرب نفوذ هذه العائلات ثم ختمها بشير الشهابي بالحرب على سميّه الجنبلاطي وانتهت وانتهت باعدام الشيخ بشير جنبلاط وبدء تدهور النفوذ الدرزي في جبل لبنان في فترة قياسية اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان الدروز سبق وامتدت دولتهم ايام فخر الدين المعني الثاني من تدمر وحلب الى صفد في فلسطين حتى تبدى لنا كم كان الانحدار مريعا اذا ما قارناه بوضعية الطائفة الحالية، رغم ان الدروز اليوم تضيف الاوساط ليسوا شركاء حقيقيين في السلطة لا سيما في سوريا حيث يمثلهم في الحكومة وزير هو منصور عز الدين الذي ينظر اليه الدروز بانه ليس ابن البيئة لجملة اسباب ودوافع لا مجال لذكرها، اضافة ليس لهم في سوريا اي موقع امني سياسي وعسكري في تركيبة الحكم.

اما في لبنان، تتابع الاوساط ، فالوقائع تؤكد ان لا «شراكة» حقيقية للدروز في السلطة اللهم اذا استثنينا السنتين الماضيتين حيث استفاد حينها النائب وليد جنبلاط من الصراع السني – الشيعي وشكل بيضة القبان داخل الحكومة، لكن الدروز لم يشعروا عمليا بنتائج ايجابية لهذا الدور، والان تنتشر في اوساط مشايخهم الكبار وقادتهم هواجس ومخاوف كثيرة اذ لا احد يمكنه الاجابة عنها، خصوصا ان ما يسمى بمحور الممانعة والمقاومة لا ينظر الى الدروز كشركاء معه وفي المقابل محور التكفير يكفرهم كما يكفر غيرهم من المذاهب الاسلامية والمعتدلين السنة في وقت ان طائفة الموحدين لا تريد الذهاب باتجاه العروض الاسرائيلية التي تنهال عليهم خصوصا من دروز فلسطين.

واشارت الاوساط الى ان المخاوف الحالية تثقل كاهلهم امام هذه الوقائع:

اولا: في سوريا ثمة تساؤلات واقعية وموضوعية فهل من خطة لحماية المناطق الدرزية لا سيما في جبل الشيخ والقنيطرة التي اصبحت في غالبيتها بيد جبهة النصرة؟ وهل من خطة لحماية السويداء التي تواجهها من الغرب «جبهة النصرة» في درعا ومن الشرق الصحراء التي تصل الى العراق حيث تسيطر عليها «داعش».

ثانيا: ما هو وضعهم امام اي تسوية مستقلة ان من جنيف -1 وجنيف -2 او موسكو -1 وموسكو -2؟ وما هو دورهم في هذا البلد الذي خدموه وحرروه خلال ثورة 1925 وضربوا يومذاك العروض الفرنسية عرض الحائط لاغرائهم بانشاء دولة خاصة بهم واختاروا سوريا وكثيرون منهم يعتبرون ان الجميل لم يرد لهم؟

اما في لبنان، تتساءل الاوساط، اولا: ماذا سيكون مصير الدروز في حال جرى اتفاق سني – شيعي لادارة لبنان على مدى ثلاثين سنة مقبلة؟ وهم حتما يرفضون ان يكونوا مواطنين درجة ثانية في بلد اسسوه ودافعوا عن كل حبة تراب من اجله بنقطة دم، وفي النهاية من غير المسموح لهم حتى بوزارة اساسية وشبابهم، وهنا الخطورة، يهاجرون ولولا ابواب الخليج المفتوحة للعمل امامهم باعداد خيالية فما كان مصيرهم؟ ثانيا: اين سيكونون في اي مواجهة مستقلة مع التأكيد على ان خيارهم هو الدولة والجيش؟ ولكن يدركون جيدا الواقع المرير والعلاقة المقلقة بينهم وبين محور المقاومة اذ لم تتم المبادرة الى معالجة عميقة لتلك الاوضاع والهواجس، وقد اكتفوا بمعالجات سطحية لا قيمة لها. ومن هذا المنطلق، وازاء هذه الحالة، تنتشر كالفطر جماعة تتسلح وتتجند وتنتظر مشروعا لاستعمالها، وهذا هو الخطر الحقيقي.

وسألت الاوساط: هل يبادر اصحاب المشاريع المختلفة في المنطقة الى طمأنة مليون درزي ينتشرون في مثلث استراتيجي في لبنان وسوريا وفلسطين والجولان، وهذا مسؤولية عربية، ومشكلة الدروز انهم لم يجدوا حتى الان جوابا من قياداتهم ان من النائبين وليد جنبلاط وطلال ارسلان، الى الوزير وئام وهاب، اذ هم غير قادرين على الاجابة عن تلك الهواجس وعندما يقوم المواطن الدرزي بمراجعة قيادته معبرا عن قلقه يجدهم هم قلقين اكثر منه وليس لديهم اجوبة واضحة، وهذا ما بدأ يظهر عبر حالات مناطقية كبيرة اصبحت محور اهتمام لافت. وعليه، هل يبادر محور المقاومة الى تفهم تلك الحالات قبل ان تتفاقم، خصوصا وان الدروز يعتبرون ان الصراع طويل في المنطقة والدول المركزية سقطت والجيوش تعاني والجميع يفتش عن حماية ذاتية، فهل من اصحاب عقول استراتيجية لمعالجة هذا الواقع عبر مبادرة حقيقية لا سطحية بل الدخول الى عمق ولب المشكلة.؟