يعتقد سياسيون أنّ مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي الى تكثيف جلسات الحوار بين قادة الكتل النيابية وموافقة هؤلاء على هذا التكثيف إنّما يعكس تلقيه معطياتٍ خارجية مشجِعة على توصّل هذا الحوار الى النتائج المرجوة، وفي مقدّمها الاستحقاق الرئاسي.
يقول هؤلاء السياسيون إنّ هناك معطيات داخلية استجدّت أيضاً ودفعت برّي والمتحاورين الى تكثيف جلسات الحوار لكي تبدأ بالإنتاج لأنّ كلَّ فريق أدلى بدلوه في الجلسات الثلاث الماضية ولم يعد هناك من بد إلّا البدء بالمقاربة بين المواقف المتباعدة انطلاقاً من البند الاول في جدول الأعمال وهو «رئاسة الجمهورية».
فموافقة المتحاورين منذ البداية على الاستمرار في جلساتهم اسبوعياً عُدّت مؤشراً الى رغبتهم بالتوصل الى اتفاق، على رغم البَوْن الشاسع بين مواقفهم وأولوياتهم، خصوصاً الأولوية بين انتخابات رئاسة الجمهورية التي يتمسك بها فريق «14 آذار» وقانون الانتخاب والانتخابات النيابية اللذين يتمسّك بهما فريق «8 آذار» وحليفه رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون.
وموافقتهم الآن على تكثيف جلساتهم الحوارية هي مؤشر جديد الى رغبتهم وجدّيتهم في الوصول الى اتفاق، على رغم الانطباع المتكوّن لدى البعض بأنّ هذا الحوار يُراد منه إمرار مرحلة انتقالية الى حين تبلور التوافق الاقليمي المطلوب على الافراج عن الاستحقاقات اللبنانية التي رُبطت به، نتيجة إضاعة فرص عدة لاحت لإنجاز الاستحقاق الرئاسي ملبنَناً.
المتفائلون من السياسيين يرون في تكثيف جلسات الحوار والبحث في انتخابات رئاسة الجمهورية بغية تمكين المتحاورين من الاتفاق على إجرائها، أنّ القيّمين على هذا التكثيف يأخذون في الاعتبار معطياتٍ إقليمة ودَولية إستجدّت وتبعث على التفاؤل بدنوّ آجال الحلول للأزمات التي يشهدها الاقليم بدءاً من الأزمة السورية اللصيقة بلبنان التي ينشط الروس ميدانياً وديبلوماسياً لمعالجتها في ظلّ موقف أميركي يبدو أحياناً متماهياً معهم على رغم ما يصدر من كلام عن وزير الخارجية الاميركي جون كيري.
ويرى هؤلاء المتفائلون أنّ المحطة الحوارية التي ستشهدها سلطنة عمان أواخر الشهر الجاري بين أطراف الأزمة اليمنية ربما حملت هي ايضاً بعض المؤشرات الى أنّ حلاً لهذه الازمة بدأ يقترب خصوصاً بعد عودة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الى عدن، ما يُؤشّر الى احتمال حصول توازن ميداني يدفع الافرقاء المتنازعين الى التحاور للتوصل الى حلّ للأزمة التي يبدو أنها كلما طالت كلما ازدادت تعقيداً.
ويبدو أنّ المتفائلين بوصول الحوار اللبناني الى اتفاق يستندون الى المعطيَين المستجدَين السوري واليمني اللذين يعكسان في مطاويهما إيجابيات ربما ستتبلور في الايام والاسابيع المقبلة، فيما يُحتمل توصل حوار عين التينة الى اتفاق على بند رئاسة الجمهورية، خصوصاً أنّ همساً يدور منذ اسابيع في بعض الأوساط السياسية اللبنانية عن احتمال انتخاب رئيس جديد قبل نهاية السنة الجارية، وتحديداً بين تشرين الثاني وكانون الاول المقبلين.
ويقول المتفائلون أيضاً إنّ الاتفاق الذي أوشَك حصوله على ترقية بعض الضباط في المؤسسة العسكرية الى رتبة لواء، وفي مقدمهم قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، بما يطيل سنوات خدمته لسنة ونصف السنة، ما يلبّي مطلب عون، هو أيضاً من المؤشرات الداخلية الى احتمال نجاح الحوار عبر تكثيف جلساته لأيام متتالية، وكذلك من المؤشرات الى بدء المتحاورين بالبحث عن رئيس توافقي.
والى كلّ ذلك يقول المتفائلون إنّ تبدلاً حصل في الأولويات في معالجة الازمات الاقليمية لدى العواصم الكبرى، وخصوصاً لدى موسكو التي انطلقت في حراكها إزاءَ سوريا من اقتناع لديها مفاده أنّ معالجة الأزمة السورية هي المدخل الاساس لحلّ كلّ أزمات المنطقة، وقد سمع وفدُ اللقاء الوطني برئاسة الوزير السابق ورئيس حزب الاتحاد عبد الرحيم مراد هذا الموقف الروسي صراحة من مستشار الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي التقاه في موسكو أخيراً، مشدِّداً في الوقت نفسه على انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية وإيجاد حلّ للأزمة اللبنانية.