IMLebanon

أيّ تغيير ينتظر لبنان بعد الإنتخابات الأميركية؟

تنتظر المنطقة العربية ولبنان نتائج الانتخابات الاميركية، بعد 8 سنوات قضاها باراك أوباما في البيت الابيض، مُتّبعاً سياسة ادارة الأزمة، وقد واجهت إدارتا اوباما، حدثاً كبيراً في العالم العربي تمثّل في انطلاق ثورات «الربيع العربي»، التي كانت أشبه بسقوط جدار برلين في أواخر التسعينات من القرن الماضي، لكن مع اختلاف كبير في النتائج.

ينتظر لبنان نتائج الانتخابات الأميركية، بعد غيابه الطويل عن طاولة الاهتمامات الاميركية، إلّا في ما يتعلق باستقراره الأمني والنقدي، علماً أنّ واشنطن كما غيرها من الدول الكبرى راقبت من بعد الفراغ الدستوري في سدة الرئاسة لمدة سنتين ونصف سنة، ولم تقم بأيّ مبادرة، باستثناء تلك التي قامت بها فرنسا مع ايران، والتي فشلت في انتخاب رئيس للجمهورية، وفي كل ذلك كانت الولايات المتحدة الأميركية غائبة كلياً عن المشهد، وباتت صورة الموفد الاميركي ريتشارد مورفي الذي زار الرئيس السوري حافظ الأسد عام 1988، حاملاً مبادرة لانتخاب رئيس الجمهورية، صورة من الخيال البعيد.

لم يكن اليأس الأميركي من الحالة اللبنانية وليد تلك اللحظات، بل انّ هذا اليأس ترجم في مرحلة ما بعد العام 2005، خصوصاً بعد السابع من ايار، التي أيقن بعدها الأميركيون ان لا وجود ولا فرصة لنجاح القوى السيادية في استعادة الدولة، ومن المعروف أنّ الديبلوماسية الاميركية دعمت قبل الفراغ الرئاسي في تلك المرحلة وبعده، انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحداً، لكن قوى «14 آذار» لم تجرؤ على الذهاب الى هذه الخطوة، كما انّ تلك الخطوة لم تنل غطاء الكنيسة.

كانت إدارة جورج بوش قد راهنت على الملف اللبناني ووضعته في سلم الاولويات، حتى أنّ عدد الاتصالات الهاتفية التي أجراها بوش بالرئيس فؤاد السنيورة في فترة قصيرة، قد تجاوزت البروتوكول والمتعارف عليه، إذ لم ينل أي رئيس دولة حليفة للولايات المتحدة هذا التميّز، لكن كل تلك المرحلة انهارت بعد السابع من أيار، وانسحب الاميركيون من الملف اللبناني، بطريقة تشبه انسحابهم منه عام 1983، بعد تعرّض مقرهم في بيروت لتفجير انتحاري، وسقوط المئات من جنود المارينز بين قتلى وجرحى.

في مشهد الانتخابات الرئاسية الاميركية اليوم، معالم أساسية بما يعني السياسة الاميركية التي ستتبع تجاه المنطقة، والابرز فيها إدارة العلاقة المتفجرة في المنطقة بين السعودية وحلفائها العرب وايران، من اليمن الى العراق وسوريا ولبنان وسائر مناطق الاشتباك.

فعلى وجه التحديد، سيكون المدخل الى تحديد كثير من خطوط هذه السياسة، طريقة تعاطي الادارة الجديدة مع ايران، سواء بالتزام الاتفاق النووي من دون تعديل كما تريد هيلاري كلينتون، أو بفرض قيود جديدة على ايران، جرّاء توغّلها خارج حدودها، ما يؤدي الى تخريب الاستقرار في المنطقة، وإشاعة الفوضى، وهذا ما سيقوم به دونالد ترامب، الذي بنى برنامجه الانتخابي في السياسة الخارجية على انتقاد «لا توازن» الاتفاق النووي مع ايران، فيما يروّج فريق عمل ترامب عن حتمية العودة الى دعم المعارضة الايرانية، التي امتنع اوباما عن ملاقاتها عام 2009.

واذا كان المؤشر الاول بالنسبة الى المنطقة مرتبطاً باعتماد سياسة أكثر تشدداً مع ايران، فإنّ التداعيات اللبنانية لهذه السياسة لن تترجم على شكل إعادة ترسيم توازن جديد أقله في مرحلة ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية، فهذا التوازن مرشّح للاستمرار، في ظل الانسحاب الاميركي الذي ترجم على شكل تلزيم للملف اللبناني مرة لفرنسا وأخرى للسعودية، امّا الالتزام الوحيد فهو الاستمرار في المطالبة بتنفيذ القرارات الدولية ولو من حيث الشكل، وتأمين الاستقرارين المالي والأمني، لأنّ بهما تتفادى أي ادارة اميركية جديدة، تلقّف أزمة جديدة تضاف الى الازمات المفتوحة في سوريا والعراق وليبيا واليمن.