IMLebanon

أي حكومة يريدون

 

لطالما نظر الغرب الى الديمقراطية على انها المستحيل الشرقي الرابع، بعد الغول والعنقاء والخلّ الوفي، بمعنى ان للديمقراطية في الشرق، مفاهيم وأنماطا واستعارات وقولبة، تبعدها عن جدّها الروحي أرسطو، فخر الاغريق ورمز فلسفتهم، وتحوّلها الى ماء ليأخذ شكل الإناء السياسي أو الاجتماعي الذي يوضع فيه…

الديمقراطية بمفاهميها اللبنانية، تختلف عن سواها بقابليتها للتكيّف مع مصالح النافذين، الذين غالبا ما يأخذون منها الاسم، ويهملون الجوهر.

فالى جانب العديد من المعوقات المعرقلة، لتشكيل الحكومة بدءا بالأحجام ومرورا بالأسماء والحقائب، ظهر على السطح الخلاف حول الصيغة الحكومية الأفضل لحالة التنوّع اللبناني، السياسي والطائفي، الرئيس المكلف سعد الحريري وحلفاؤه الأقربون متمسّكون بحكومة الوحدة الوطنية، المدعومة بالموقف الدولي المعبّر عنه بقرار مجلس الأمن. وفريق التيار الوطني الحر وحلفاؤه في محور الممانعة، يفضّلون حكومة أكثرية ومعارضة، انسجاما مع الرؤيا الديمقراطية الصحيحة…

الى ذلك يريد هذا الفريق احتساب الأكثرية والأقلية على قاعدة النسبية التي اعتمدت في قانون الانتخابات… فيجيبهم الفريق الآخر بالموافقة على هذه الحسبة، انما على أساس حكومة وحدة وطنية.

وفي هذه الحالة ترتفع حصة القوات اللبنانية التي حققت ما يزيد عن ثلث الأصوات التفضيلية في الدوائر الانتخابية ذات الغالبية المسيحية، من أربعة وزراء كما هو مقبول من الجهات المعنية، الى خمسة، اضافة الى وزارة سيادية على الأقل، لترتفع مع هذه الحصيلة صرخة الوزير جبران باسيل، الذي يرى في ذلك نفخا للأحجام ومبالغة في تقدير الأوزان!…

وثمة حالة ثالثة، رصدها غبطة البطريرك بشارة الراعي، وتتمثل بالافراط في استعمال السلطة السياسية، واهمال الاقتصاد وإفقار الناس وايقاع الدولة في عجز خطير، رافضا ممارسة الظلم من خلال عدم تطبيق قرارات مجلس الشورى، كما ردّ التأخر في تشكيل الحكومة الى غياب فضيلتي التجرّد والتواضع من جانب المسؤولين.

وبالطبع، هناك مسبّبات أخرى لاعاقة تشكيل الحكومة بعضها ارادي والبعض الآخر خارج الارادة، لكن ما يزيد الدسم سمّا، ان قوانا الداخلية، بدل ان تعالج ذاتيا ما هو بارادتها، تستخدم عجزها الارادي لتغطية، المعرقلات الاقليمية المحكومة للمعايير والمصالح الدولية السائرة في ركابها. وذلك ليس مستحيلا في حال صفت النيّات وصفت النفوس وأحسن المعنيون تقدير الرمزية الوطنية لعيد الجيش الذي يحتفل به بعد غد، الجيش الذي يشكّل الغطاء الذهبي للاستقرار الوطني بمختلف وجوهه الأمنية والسياسية، وضمنا الاقتصادية، بل الاحتياط الاستراتيجي للدولة اللبنانية بكل مكوناتها والمقومات.

وهل ما هو أهمّ، من ان تتوافق القوى السياسية على تقديم التشكيلة الحكومية عيدية للبنانيين، بمناسبة عيد الجيش؟

ثمة قول مستعار، لأحد المفكرين: لبنان كنز، لكنه مغطّى بغبار اللبنانيين…