IMLebanon

أيّ قانون.. وأيّ إصلاح؟

مشروع القانون الانتخابي المطروح لا يُعتبر القانون الأمثل، الذي يُرضي طموح الأجيال الشابة، الراغبة في التغيير والتطوير، والتخلص من هذه الطبقة السياسية الفاسدة.

ما أعلن عن المشروع العتيد، تقسيماته تضمنت الكثير من الشوائب، وبنوده لم تخل من نواقص، لأنها لم تأخذ بعين الاعتبار أدنى متطلبات توسيع قاعدة الممارسة الديمقراطية.

في تقسيم الدوائر، نكتفي في هذه العُجالة بنموذجين من الشوائب العديدة في المشروع، الاول: تقسيم بيروت إلى دائرتين، والثاني: ضم صيدا إلى جزين والزهراني!

تقسيم بيروت إلى دائرتين يفصل بينهما خط التماس الكريه إبان الحرب، يُعيد إلى ذاكرة اللبنانيين عامة، وأهالي بيروت وساكنيها خاصة، المشهد الأسود الذي ساد طوال سنوات الفتنة، وقسّم العاصمة إلى بيروتين: بين شرقية وغربية.

وكأن المطلوب بعد زهاء ثلاثة عقود إلا قليلاً، على انتهاء الحرب العودة إلى الواقع المرير الذي حاول تدمير العاصمة، بما تمثله من قلب للوطن، يختصر ألوان النسيج اللبناني، الطائفي والسياسي والمناطقي، فضلاً عمّا يعنيه هذا التقسيم من تباعد بين أبناء العاصمة، بعد ضرب إطار الانصهار الوطني الذي يجمع بينهم، والإصرار على فرز أصوات المواطنين حسب انتماءاتهم الطائفية والمذهبية، وبالتالي إفساح المجال، مع الوقت، لنمو التناقضات وتضارب المصالح، بما يؤدي، يوماً ما، إلى دفن الوحدة الوطنية، والطلاق مع العيش المشترك، وانعزال أهالي كل منطقة ضمن حدود طوائفهم ومذاهبهم!

هل بهذا التقسيم المناقض لكل مفاهيم الوحدة الوطنية والشراكة بين اللبنانيين، نحافظ على وحدة العاصمة، ونعزز الانتماء إلى دولة المواطنة، التي يحلم بها شباب لبنان، الذين لم يغادروا بعد الوطن، كما فعل الكثير من أترابهم؟

هذا التقسيم هو وصمة عار على جبين كل من يوافق عليه، لأنه يؤسّس، ليس لتقسيم العاصمة وحسب، بل لتغليب سياسة الانعزال والشرذمة على الانفتاح والوحدة، اللذين لا غنى عنهما، إذا كنا نريد أن نحافظ على الشركة.

ماذا يمنع غداً، على خلفية هذا التقسيم، الغلاة والمتطرفين من هذا الطرف أو ذاك، أن ينادوا بتقسيم بلدية بيروت بين شرقية وغربية؟

هل نكون بمثل هذه الأفكار الخرقاء نحمي الاعتدال، أم نمهّد الطريق لتيارات التطرّف، المسيحي والإسلامي، على السواء؟

* * *

إذا كان البعض يزعم أن تقسيم بيروت إلى دائرتين هدفه «حماية الصوت المسيحي من الأكثرية الإسلامية» – كذا – فلماذا لم يُطبّق هذا المعيار على حماية الصوت الصيداوي مثلاً، من «طغيان» أصوات جزين والزهراني، حيث يتضمن المشروع ضم الأقضية الثلاثة في دائرة واحدة؟

ألا يعني ذلك اختلال المعايير، ووجود صيف وشتاء على سطح واحد.. هذا في حال بقيت السقوف متماسكة ولم تسقط على رؤوس الجميع!

* * *

أما بالنسبة لمضمون المشروع المطروح، فقد جاءت بنوده خالية من أي خطوة إصلاحية حقيقية، ومتجاهلة بالكامل لمطالب هيئات المجتمع المدني، والأجيال الشابة، خاصة بالنسبة لنقطتين جوهريتين:

الأولى: تجاهل الكوتا النسائية، التي طبقتها الكثير من الدول الديمقراطية الغربية في مراحل معينة، لكسر الطوق الذكوري من جهة، وتشجيع العنصر النسائي على خوض المعترك السياسي.

الثانية: عدم إبداء أي اهتمام بالمطلب الشبابي المزمن، بتخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة، وإشعار الأجيال الجديدة بمسؤوليتها في تحديد الخيارات الوطنية، والمشاركة في صناعة مستقبلها.

ماذا يبقى من شعارات وطموحات الإصلاح والتغيير إذا كان قانون الانتخابات يتجاهل المرأة التي تشكّل نصف المجتمع، ويُقصي أجيال الشباب الذين يزيد تعدادهم عن ثلث الناخبين؟