IMLebanon

أي شرق أوسط بعد النووي الإيراني؟

أصبح الاتفاق النووي مع ايران حقيقة جيو – استراتيجية، بعدما حصّن الرئيس اوباما نفسه ضد أي محاولات ممكنة من معارضي الاتفاق بعد ان اعلن 41 عضوا في مجلس الشيوخ موافقتهم على الاتفاق الامر الذي يعطيهم القدرة على استخدام الاجراءات البرلمانية لمنع تصويت المجلس (يتطلب تعليق الاجراءات البرلمانية 60 صوتا وهذا لم يعد متوفرا) وبذلك لن يضطر اوباما الى استخدام حق النقض ضد القرار. مجلس النواب باكثريته الجمهورية سيصوت ضد الاتفاق هذا الاسبوع، ولكن هذا لا يعني شيئا من دون مجلس الشيوخ. هذا الاسبوع، هيلاري كلينتون ايدت الاتفاق، كما جدد بعض المرشحين الجمهوريين هجماتهم عليه، لكن الاتفاق سوف يصير ساري المفعول قبل نهاية الشهر الجاري.

السؤال الان هو: كيف ستتغير موازين القوى في الشرق الاوسط بعد الاتفاق؟ هذا الاتفاق يأتي على خلفية توتر سني – شيعي، وسعودي – ايراني غير مسبوق، وهو توتر ينعكس على نزاعات المنطقة من اليمن الى العراق، الى سوريا الى لبنان. دول مجلس التعاون الخليجي “باركت” الاتفاق على مضض ولم تدخل في نزاع مع الرئيس اوباما عكس اسرائيل، على أمل ان تحصل من واشنطن على دعم عسكري واستخباري نوعي. وقد تزامن ذلك مع رغبة سعودية في فتح الاسواق السعودية لاستثمارات اميركية في مختلف القطاعات كي لا يبقى التعاون الثنائي مرتبطا بقطاع النفط في الدرجة الاولى، نظرا الى القلق من “تحول” الولايات المتحدة تدريجا من منطقة الخليج الى شرق آسيا.

والاتفاق النووي عزز مكانة ايران الاقليمية والدولية. ورأينا سباقا بين المسؤولين السياسيين والاقتصاديين في الغرب لزيارة طهران وتوقيع صفقات معها. وتستطيع ايران ان تقول لشعبها وجيرانها ان الغرب يعترف بدورها الكبير في المنطقة ويتفاوض معها بطريقة تعكس ذلك. ومن شأن الاموال الايرانية التي سيفرج عنها بعد الغاء العقوبات – على الاقل 60 مليار دولار – أن تنعش اقتصاد ايران وتعزز من قدرتها على مساعدة حلفائها من حزب الله في لبنان (بعدما خفضت طهران مساعداتها له هذه السنة) الى الحوثيين في اليمن.

ويبدو ان التفاهم الاميركي – التركي الاخير على سوريا، قد ساهم، اضافة الى عوامل أخرى، تبديد أي آمال اميركية في تعاون اميركي – روسي يشمل اقناع موسكو ايران بتسوية تحفظ بعض نفوذها في سوريا، ولكنها تشمل رحيل

الاسد. هذه الامال تبخرت في ضوء التعزيزات العسكرية الروسية التي صاحبها تجديد الالتزام الايراني ببقاء الاسد في السلطة.

الاتفاق النووي سوف يدفع مختلف القوى في المنطقة الى اعادة النظر في أولوياتها بعد تحسن مكانة ايران، على رغم التحديات الكبيرة التي لا تزال تواجهها في المنطقة.