IMLebanon

أي إدارة أميركية جديدة تتعامل أفضل مع الأزمة السورية  

على الرغم من الضغوط الأميركية والروسية لإعادة إحياء وقف العداءات في سوريا وتثبيت الهدنة، لإعادة إطلاق التفاوض الأسبوع المقبل، تؤكد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، ان الوضع السوري سيراوح مكانه، وان التعامل الأميركي معه لن يشهد أي جديد من الآن وحتى انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما فعلياً في نهاية هذه السنة.

إلا أن تعامل أي رئيس أميركي جديد مع الأزمة السورية، وفقاً للمصادر، سيبقى أفضل من تعامل الادارة الحالية معها، هذه الادارة التي نجحت في الداخل الأميركي وفشلت تماماً في التعاطي الخارجي لاسيما في أزمات المنطقة.

الرئيس الأميركي باراك أوباما أراد فعل شيء للأزمة السورية في الشأن الانساني على الأقل، لكن النظام لم يتجاوب، الأمر الذي أربك الموفد الخاص للأمم المتحدة لحل الأزمة ستيفان دي ميستورا وجعل مصير مهمته على المحك في ظل عدم التزام النظام بمقتضيات الحل. والآن كل المؤشرات تدل على صعوبة التئام الحوار في العاشر من الجاري كما دعا الروس، وتدل أيضاً على الرغبة في استكمال الحرب على حلب، بعد محاصرتها منذ أشهر. فضلاً عن أن المعارضة لن تقبل بالذهاب الى التفاوض في ظل وضع حلب هذا وعدم الالتزام بوقف النار. حلب كانت تتم محاصرتها منذ الحملة الروسية العسكرية داخل سوريا، ومن جهات عدة، وجرت محاولات لإقفال الممر منها الى تركيا، إلا أن الأخيرة تدخلت لمنع ذلك.

الأميركيون لا يريدون فعل شيء في سوريا، لكنهم لا يريدون إظهار ذلك، لذلك، يحاولون ضمن الحد الأدنى الممكن مع الروس وهو الهدنة والمساعدات الانسانية. إنما تمت مواجهة توجههم من خلال حصار حلب وقصفها، وفشل الهدنة، وعدم وجود ايجابية من النظام في التفاوض حتى في المجال الانساني، لم يقدم شيئاً. والأميركيون كانوا يفضلون ألا يدخل الروس الى سوريا عسكرياً، الا انهم أمام أمر واقع في ذلك، بالتزامن مع عدم رغبتهم في ارسال قوات أميركية لإسقاط النظام. انهم يتعاملون مع الواقع كما هو. والروس انسحبوا جزئياً من سوريا للضغط على الرئيس بشار الأسد للدخول في التسوية السياسية، لأنه لا هو ولا إيران يريدان وقف الحرب والتوصل الى تسوية وانتقال سياسي بعد الدخول في هدنة. وكان الطرفان الأخيران يريدان البدء بمعركة حلب في شباط الماضي، فقام الروس بانسحاب للضغط عليهما لوقف الحرب، وايصال رسائل الى كل الأطراف المعنيين، بأن التسوية ممكنة وان الروس هم لاعب أساسي في المنطقة وعلى المستويين الاقليمي والدولي، وانهم ليسوا مثل إيران التي تريد الحرب كل الوقت.

والأميركيون لم يحصلوا على مكاسب في الآونة الأخيرة في أي مكان، ولا حتى في أوكرانيا. وليس هناك من عملية انتقال سياسي فعلي، والروس عادوا وقدموا ببعض المعدات الى سوريا وهم في بعض المفاصل ينطلقون في منطقة النظام للمناورة، ولا يزال هناك تفاوت في وجهات النظر مع الأميركيين حول مفهوم المنظمات الارهابية، وتشكيل وفد التفاوض. ما يهدد التفاوض ليكون لعبة في يد النظام، وليس عملية سياسية لها أهدافها الواضحة.

وتشير المصادر، الى أن لا اتفاق أميركيا روسيا حول الوضع السوري يتسم بالنهائية والتكامل، على عكس ما يتم الترويج له من كلا الطرفين. انما ما حصل هو ايحاء بوجود تفاهم، بعدما استطاع الأميركيون والروس التلاقي في مكان ما وحول أفكار محددة من أبرزها السعي لوقف الأعمال العدائية واحترام وقف النار. انما لا اتفاق على الأساسيات، بدءاً بمصير الرئيس الأسد، وصولاً الى لوائح المعارضة التي يفترض أن تفاوض. ذلك أن الروس يريدون أن يضموا بالقوة معارضتي موسكو والقاهرة الى وفد المعارضة. وعمد الروس الى حذف منظمات عدة من اللائحة لأنهم اعتبروها ارهابية.

وما يعزز هذا الجو، هو أن الروس، وفقاً للمصادر، ليس لديهم مشكلة في استمرار صراعات في المنطقة، تمتد لوقت طويل على أن تحتدم في أوقات معينة، وأن تخف حدتها في أوقات أخرى. إنما سوريا ستكون حكماً مختلفة في نتائج أية سياسة من هذا النوع معها. والاستمرار في هذا المنطق العسكري، حيالها، سيكلف أثمانا باهظة قد لا يستطيع أي طرف تحملها لوقت طويل، وهذا ينطبق على التعامل مع قضية ناغورنو كاراباخ. والروس يريدون أن يكونوا لاعباً دولياً في محيطهم الجغرافي، وبعد المشاركة العسكرية الروسية في سوريا عمد الرئيس الأميركي الى إعادة استقبال نظيره الروسي. وروسيا عادت وأدخلت معدات عسكرية الى محيط حلب في الآونة الأخيرة. والصراع سيبقى قائماً، وقبل اندلاع معركة حلب غادرها نحو 30 ألف نسمة.