IMLebanon

أي موقف رسمي وأية مواقف شخصية؟

ليس من المتوقع، مهما يكن نوع التحقيق، كشف الأسرار الكاملة وراء وقائع واضحة في الظاهر: ما حدث ولم يحدث في غزوة عرسال يوم ٢ آب ٢٠١٤ وما بعده. وما حدث ولم يحدث أيضا في صيف ٢٠١٧ في معركة الجرود، بحيث انتهى النصر العسكري الى صفقة بين حزب الله وكل من النصرة وداعش والسماح بخروج الارهابيين الى ادلب والبادية السورية وعلى أيديهم دماء الشهداء من العسكريين المخطوفين وسواهم. فالعودة الى محاضر مجلس الوزراء تعيد التذكير بالموقف المعلن لكل طرف، لكنها لا تكشف الأسرار التي قادت أصحاب المواقف الى اتخاذها، ولا تحدد الأهداف التي كانت المواقف في خدمتها. والبحث في السجالات والبيانات والخطب عما قاد الى الصفقة يصطدم بكون المعطيات اللبنانية المعلنة قناعا لمعطيات اقليمية يصعب اعلانها.

وليس من السهل حلّ اللغز في الاختلاف والاختلاط والتطابق بين الموقف السياسي الرسمي للحكومة وبين المواقف الشخصية للرؤساء والوزراء. فالنأي بالنفس عن الصراعات وخصوصا عن حرب سوريا هو الموقف الرسمي كسياسة للحكومة كما قال الرئيس سعد الحريري ردا على دعوات الى التنسيق مع دمشق وقيام وزراء بزيارتها. لكن حزب الله يلعب دورا كبيرا في الحرب ويرى ان انتصار محور المقاومة والممانعة سينعكس على لبنان وكل المنطقة. وحين تحدث الحريري الذي يمثل الحكومة ويتكلم باسمها حسب الدستور عن الموقف من دمشق وعودة النازحين، فان حزب الله اعتبر ان هذه مواقف شخصية لا تعبّر عن موقف الحكومة، واقترب من اتهامه ب تجاوز الدستور.

حتى عندما اعترف رئيس الحكومة بأن قرار السماح لارهابيي داعش بعبور الحدود اتخذه هو والرئيس ميشال عون، فان وزراء كشفوا ان الأمر لم يتم عرضه ونقاشه واقراره في مجلس الوزراء. ولا شيء يمنع الحريري من أن يرد بالمنطق الذي ردّت به المستشارة الألمانية انغيلا ميركل على منافسها في الانتخابات مارتن شولتز. ففي النقاش التلفزيوني الأخير بين المتنافسين اتهم شولتز المستشارة بأنها فتحت حدود ألمانيا أمام النازحين من دون تنسيق مع الشركاء والجيران في الاتحاد الأوروبي. وكان رد ميركل انه في حياة مستشار، فان هناك لحظات عليك أن تتخذ فيها قرارا سريعا.

 

والواقع ان المواقف الشخصية تبدو أقوى من الموقف الرسمي. فالخلافات والانقسامات عميقة وحادة وخصوصا في القضايا الاقليمية. وهي تزداد عمقا وحدّة مع التحولات في المنطقة. ومن الصعب عمليا أن تكون للحكومة سياسة رسمية يلتزمها المشاركون فيها إلاّ على ورق البيانات الوزارية.