IMLebanon

أي اسرائيل ثانية وأي سايكس – بيكو؟

 

 

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يطالب رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البارزاني بإلغاء نتائج الاستفتاء على الاستقلال كشرط للحوار مع بغداد. وهو يعرف ان هذه دعوة الى الرفض. فلو جرى الوفاء بالوعود والتفاهمات التي قادت اليها الحوارات في مختلف العهود، بصرف النظر عن الحروب، لما وصل الكرد الى الاستفتاء. ولو وضع البارزاني نتائج الاستفتاء خلفه لخسر ماء الوجه وثقة شعبه وقضيته وذهب الى الحوار بلا أوراق تفاوضية كالذاهب الى الحرب بلا سلاح. وليس في أجواء التهديدات والاجراءات العقابية التي بدأ تطبيقها عراقيا واقليميا ما يفتح الباب الى حوار مثمر. لكن الكرد المستعدين لدفع ثمن المغامرة يراهنون على فرصة مفتوحة للاستقلال وسط الخطر.

والواقع ان رافضي الاستفتاء والاستقلال يحتاجون الى حجج أقوى من حجتين شائعتين تتكرران كلما طالب أي مكوّن بأن يمارس حق تقرير المصير الذي صار نوعا من القانون الدولي بعد الحرب العالمية الأولى. الحجة الأولى هي التحذير من قيام اسرائيل ثانية. والثانية هي استهجان التغيير في حدود سايكس – بيكو، لأنه بداية مسلسل لا أحد يعرف أين وكيف ينتهي في مؤامرة اسمها بلقنة المنطقة.

ذلك ان الكرد على أرضهم وليسوا محتلين لأرض سواهم. والدعم الاسرائيلي لاقليم كردستان وانفصاله ليس أمرا يقود حتما الى اسرائيل ثانية في ثوب دولة كردية. فضلا عن ان الدول العربية مجتمعة، لا فقط مصر والأردن والسلطة الفلسطينية كأطراف اتفاقات ومعاهدات مع اسرائيل، تعرّض بموجب مبادرة السلام العربية السلام والاعتراف باسرائيل مقابل انسحابها الى حدود ٤ حزيران ١٩٦٧، أي التطبيع مع اسرائيل الأولى.

وعلى مدى قرن، والصوت الأعلى في المنطقة هو صوت الرفض لحدود سايكس – بيكو والسعي لالغائها في اطار وحدة عربية لم تتحقق، ثم في اطار أمة اسلامية يتصارع فيها مشروعان هما الولاية والخلافة. وفي كل الأحوال كان الراديكاليون والحالمون يقللون من قيمة الوطنيات في الدول ويرونها عقبة في وجه القومية في الدولة – الأمة. والنتيجة ان البديل من الوطنية لم يصبح القومية بل الطائفية والمذهبية والإتنية والقبلية. وما قاد اليه العجز عن تفكيك حدود سايكس – بيكو لمصلحة الأمة هو الحرص والبكاء عليها بعد البكاء منها.

واذا كان الكرد على الطريق الى تغيير سايكس – بيكو في العراق، فان التغيير داخل الدول ضمن حدود سايكس – بيكو شغّال في بلدان عدة. وما يرافق التغيير الداخلي الذي تفرضه حروب سوريا والعراق واليمن وليبيا هو رسم حدود النفوذ الاقليمي والدولي في تلك البلدان.