IMLebanon

أي تسوية سياسية  وأي حرب على داعش ؟

محادثات جنيف-٣ تواجه ما اصطدمت به مفاوضات جنيف-٢ قبل عامين: صراع المصالح في توظيف الحرب والتسوية. ففي الخطاب خلاف على الأولويات. وفي العمق رهان على حل عسكري يحدد نوع الحل السياسي. وفي المؤتمرين مرجعية خطية للتفاوض على تطبيق خارطة طريق بين ممثلين للنظام والمعارضة من دون أن يحضر السوريون ولادة أي منهما على أيدي القوى الاقليمية والدولية. لكن المرجعية هي مجرد عامل من بين عوامل عدة تتحكم بمسار التفاوض، وإن تمسك كل طرف بالاحتكام اليها. من بيان جنيف-١ الذي تبناه مجلس الأمن بقرار فتح باب جنيف-٢ الى قرار المجلس الرقم ٢٢٥٤ الذي تبنى بيان فيينا مع الاشارة الى بيان جنيف-١ وجاء جنيف-٣ للتفاوض على تنفيذه.

ذلك أن ما أدى الى انهيار جنيف-٢، أقله في الظاهر، هو اصرار وفد النظام على اعطاء الاولوية المطلقة للحرب على الارهاب، واصرار وفد المعارضة على اعطاء الأولوية للتفاوض على اقامة هيئة حكم انتقالي حسب بيان جنيف-١. ولم ينجح الموفد الدولي الأخضر الابراهيمي في مقترح التفاوض بالتوازي على الملفين. والسيناريو نفسه يكاد يتكرر في جنيف-٣. وفد النظام عاود التشديد على اعطاء الأولوية لمحاربة الارهاب، وسط معادلة في دمشق خلاصتها ان كل من حمل السلاح ضد الحكومة ارهابي. والاولوية الملحة بالنسبة الى وفد المعارضة هي للملف الانساني، من فك الحصار الى وقف قصف المدنيين مروراً باطلاق المعتقلين، قبل البحث في العملية السياسية. وليس لدى الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا سوى الاستنجاد بواشنطن وموسكو.

والمشهد سوريالي في تراجيديا وطنية وانسانية. فالروس والأميركيون يتبارون في عدد الطلعات الجوية التي تقصف مواقع الارهابيين. والتحالف الدولي الذي تقوده أميركا للحرب على الارهاب، وبالذات على داعش، ينهي اجتماعاً في روما لتقويم الوضع تاركاً للوزير جون كيري اختصار مناخ المناقشات بتكرار ما قاله الرئيس باراك اوباما منذ سنوات، وهو ان محاربة الارهاب معركة طويلة المدى.

والسؤال هو: ما الذي يجعل تحالفاً من ستين دولة تقوده أميركا وآخر من أربع دول تقوده روسيا عاجزين عن القضاء على تنظيم ارهابي مثل داعش؟ هل هو كون وظيفة داعش لم تنتهِ بعد أم للهرب من التسوية السياسية لأن وظيفة حرب سوريا لم تنتهِ بعد؟ أليست التسوية السياسية هي الطريق الأقصر للنجاح في الحرب على الارهاب، من خلال المناخ الوطني الذي تخلقه وحشد القوات البرية التي من دونها لا مجال للقضاء على داعش مهما تكن قوة القصف الجوي؟ –