لا شيء يوحي ان الرئيس فلاديمير بوتين يصغي لأصوات التحذير من الوقوع في افغانستان سورية أو يتجاهل سياسات الرهان على التوريط. فهو يضرب تاركاً للخصوم والشركاء وحتى للحلفاء التكهن بما في الفصول التالية من سيناريو التدخل العسكري الروسي المباشر في حرب سوريا. وليس أكثر من الحوافز التي دفعته الى الانخراط المباشر سوى الجوائز التي حسب أنها في انتظاره. ومن الآن الى اليوم التالي، فان موسكو حققت معظم الأرباح التي أرادتها، وبقي أن تدفع ثمن الربح أو تجد نفسها تواجه احتمالات الخسارة وكلفتها. وليس قليلاً عدد اللاعبين الذين يتصرفون على أساس انهم من الرابحين أصحاب الجوائز، والذين يتخوفون من ان يكونوا بين الخاسرين.
ذلك ان ما فعلته موسكو هو تغيير قواعد اللعبة، لا تغيير اللعبة بصرف النظر عن مصير البعض من اللاعبين. لكن ادارة الحرب ليست في يد روسيا وحدها، ولا بالطبع في يد أي طرف محلّي أو اقليمي أو دولي باعتراف الرئيس باراك أوباما الذي ينتقد طبيعة الغارات الروسية ويتصرف كأنه رابح مع روسيا اذا ربحت واذا خسرت.
ومن السهل الغرق في سجال حول طبيعة الأهداف التي تقصفها الطائرات الروسية وحجم الاهداف المقصوفة لداعش بينها. لكن من الصعب الهروب من واقع اللعب مع داعش وتوظيف وحشيته في خدمة قوى عدة، والذهاب بعد عام من استراتيجية اوباما اضعاف داعش ثم القضاء عليه الى ما دون الاحتواء. وحتى تحت القصف الروسي، فان داعش وجد لديه من الوقت والاهتمامات ما يجعله يدمر قوس النصر التراثي في تدمر.
والمسألة الآن هي ان تكون او لا تكون ساعة القرار دقت للقضاء على داعش. والسؤال هو: الى أي حد يمكن الاستمرار في مهمة مستحيلة هي البحث عن حل سياسي بمفاعيل الحل العسكري؟ فمنذ بدء الحرب والكل يقول ان الحل في سوريا سياسي لا عسكري. وعلى مدى اربع سنوات، فان كل محور اعطى الاولوية للخيار العسكري. وليس الخلاف على تفسير بيان جنيف-١ سوى تعبير عن الاصرار على حل سياسي بشروط الانتصار في الحرب.
والنتيجة هي لا حل سياسياً ولا حل عسكرياً. فهل يكون الانخراط الروسي المباشر محاولة اخرى في تجارب الحل السياسي بمفاعيل الحل العسكري أم نقلة نوعية لدفع الجميع الى تقديم تنازلات من اجل حل سياسي حقيقي؟ وماذا لو كانت اللعبة حالياً هي الحل الجغرافي؟