Site icon IMLebanon

أيّ رئيس يبقى قويّاً بعد طول انتظار وبعد اقتراب الوضع الاقتصادي من الانهيار؟

إذا كان المسيحيون يتحملون مسؤولية تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية لأن نواباً يمثلونهم لا يحضرون جلسات الانتخاب لأسباب شتى، فان هيئة مكتب مجلس النواب تتحمل هي أيضاً هذه المسؤولية لأن عليها بعد اتفاقها على أن يتم انتخاب الرئيس بحضور ثلثي عدد النواب ولو خلافاً لرأي عدد من رجال القانون، ان تجتمع وتقرر الزامية حضور النواب جلسة الانتخاب أو عدم الزامية حضورهم حتى من دون عذر مشروع، فليس من المنطق اشتراط حضور ثلثي عدد النواب جلسة انتخاب الرئيس من دون اشتراط الزامية حضور النواب الجلسة وإلا أصبح كل استحقاق رئاسي معرضاً للتعطيل من جانب كل من يستطيع ذلك وكلما لم يعجبه مرشح للرئاسة.

لذلك فلا خروج من أزمة الانتخابات الرئاسية إلا باعتماد الآتي:

أولاً: أن يدعو البطريرك الكاردينال الراعي النواب المسيحيين الى اجتماع في بكركي لا للبحث في الاتفاق على مرشح أو مرشحين للرئاسة وهذا بات من الصعب التوصل اليه، إنما للاتفاق على حضور جلسة الانتخاب تأميناً للنصاب، وإلا كان من يتغيب من دون عذر مشروع ولا يكون عذره أقبح من ذنب كالقول إن “الديموقراطية” كما يفهمونها تسمح لهم بذلك، في حين أن الديموقراطية لم تمارس على هذا النحو في أي انتخاب رئاسي، وإلا كان هذا الانتخاب معرضاً للتعطيل في كل استحقاق، ويكون النواب المسيحيون المعطلون خصوصاً جعلوا نواباً مسلمين يفعلون مثلهم ويعتبرون هذا التغيب حقاً وقاعدة سبقوهم اليهما، فهل يقوم سيد بكركي بواجب انقاذ لبنان من لعبة التجاذبات في استحقاق مهم للحؤول دون ابقاء أعلى منصب ماروني في الدولة شاغراً الى أجل غير معروف، وشغوره يعرض كل المؤسسات للشلل ولا من يحاسب، ووضع اسم كل من يتغيب عن اجتماع بكركي على لائحة “الخيانة الوطنية”، كما سبق للبطريرك نفسه أن وصف المتغيبين، ووضع اسماء من يحضرون جلسة انتخاب الرئيس على لائحة الشرف.

ثانياً: ان تدعى هيئة مكتب المجلس الى اجتماع تبت فيه موضوع حضور النواب جلسة انتخاب ليس رئيس الجمهورية فقط بل رئيس المجلس أيضاً، وهل يحق للنواب التغيب من دون عذر مشروع أم لا، فاذا تقرر ان يكون الحضور الزامياً فلا يبقى استحقاق انتخاب رئيس المجلس وانتخاب رئيس للجمهورية عندئذ لمصالح خارجية، إذ لا يعقل أن يكون انتخاب الرئيس مشروطاً بحضور الثلثين ولا يكون حضور النواب الجلسة الزامياً لقطع الطريق على كل من يحاول تعطيلها لأي سبب.

الواقع لو ان المتغيبين عن جلسة انتخاب الرئيس سئلوا عن أسباب تغيبهم لقال بعضهم في العلن إنهم يريدون العماد ميشال عون رئيساً من دون سواه، لكن ما لا يقولونه حياء ويبقى في سرّهم لئلا يعاب عليهم ذلك، هو انهم يريدون أن تكون الكلمة لايران في هذه الانتخابات، وهي كلمة لا تقولها إلا في ضوء محادثاتها حول برنامجها النووي وحول دورها في المنطقة وحدود نفوذها فيها. واذا سئل العماد عون ونوابه عن أسباب تغيبهم عن جلسة الانتخاب فيقولون إنهم يريدون رئيساً قوياً، وهذه الصفة لا تنطبق إلا على عون أولاً وعلى الدكتور جعجع ثانياً. ولكن ما العمل إذا كان كل منهما لا يحظى بتأييد الأكثرية النيابية المطلوبة إلا اذا انضم اليها نواب كتلة النائب وليد جنبلاط، وهؤلاء لا يؤيدون سوى المرشح الذي تنطبق عليه صفة الوفاقي؟ فهل يعقل أن تبقى البلاد بلا رئيس في انتظار كلمة ايران أو في انتظار التوصل الى تسوية سعودية – ايرانية كتلك التي تمّ التوصل اليها عند تأليف الحكومة الحالية؟ وهل يعقل أن يظل نواب مسيحيون وتحديداً نواب “تكتل التغيير والاصلاح”، يتغيبون عن جلسات الانتخاب وحضورهم كافٍ لتأمين النصاب الى أن تقتنع الأكثرية النيابية بانتخاب عون أو جعجع لانهما هما الأقويان، واي رئيس يبقى قوياً بعد طول انتظار واقتراب الوضع الاقتصادي من الانهيار؟ وهل بات انتخاب الرئيس في لبنان بمثابة تعيين خلافاً للديموقراطية والدستور وهو ما تخلصت منه دول عربية بثورات حتى وإن لم تؤت ثمارها بعد، وكيف يمكن استعادة حقوق المسيحيين وتنفيذ مشاريع “اعلان النيات” ولا رئيس للبنان؟!