هل تغيّرت المعطيات للتفاؤل بطيّ صفحة الشغور
وأي رئيس سيُنتخب في حمأة الإشتباك السعودي – الإيراني؟
الأجواء الإيجابية التي يحاول رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون وفريقه السياسي إشاعتها عن قرب اتخاذ رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري قراراً بإعلان دعم ترشيح عون لرئاسة الجمهورية، لا تبدو واقعية لاعتبارات عديدة، فالرئيس الحريري لم يقل كلمته بعد عن موضوع ترشيح عون أو عدمه، ما يعني أنه مستمر في دعم ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، إضافة الى أنّ مواقف القوى السياسية الأخرى وتحديداً رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لا توحي بأن الطريق معبّدة أمام النائب عون للتربّع على كرسيّ الرئاسة في بعبدا والشاغر منذ ما يقارب السنتين ونصف السنة.
وإذا كان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» مستمراً في سياسته الانفتاحية الجديدة التي ترجمها أمس، بحضور الوزيرين الياس بوصعب وآرتور نظاريان جلسة الحكومة، بعد الرسائل الايجابية التي وجهها الى تيار «المستقبل» ورئيسه، فإن لا شيء أمكن تسجيله من شأنه أن يغيّر واقع الحال الرئاسي ويفسح في المجال أمام تصور مرحلة جديدة، إلاّ بعد أن يقول الرئيس الحريري كلمته في نهاية المشاورات التي يجريها في لبنان والخارج، مع استبعاد تبلور معطيات إيجابية تتصل بالشأن الرئاسي في المرحلة الحالية، مع اشتداد الصراع الإقليمي وتحديداً في ما يتصل بارتفاع حدّة الاشتباك السّعودي – الإيراني الذي من شأنه أن ينسف أي تسوية لبنانية لإخراج المأزق الرئاسي من عنق الزجاجة، خاصة وأن كل ما يحاول فريق 8 آذار إشاعته عن أن المملكة العربية السعودية تؤيد انتخاب عون رئيساً للجمهورية بعيد من الواقع، طالما أن الرياض لم تقل موقفها بوضوح من هذا الملف، ما يعني أن لا ضوء أخضر سعودياً أو عربياً حتى الآن للسير بعون الذي عليه أن يفعل الكثير لإقناع الآخرين بتأييده وهو الذي لا يحظى بالدعم المطلوب حتى من قبَل فريق 8 آذار نفسه.
وفي رأي أوساط معنية بالاستحقاق الرئاسي، فإنه ورغم الحراك الذي يقوم به الرئيس الحريري وما تركه من حيوية واضحة متصلة بالملف الرئاسي على الصعيد الداخلي، إلاّ أن التأثير الأهم يبقى للعامل الخارجي في تحديد اسم الرئيس العتيد، سواء كان عون أو غيره.
وهذا يعني أن هناك صعوبة في التوافق على أي مرشح، إذا لم يحظَ بمباركة إقليمية ويكون مقبولاً من القوى المؤثّرة على الساحة اللبنانية، وحتى الآن وطالما أنه لم يحصل مثل هذا التوافق الإقليمي على الرئيس اللبناني الجديد، في ظل حمأة الأزمة في المنطقة، فإن باب الحل في لبنان سيبقى موصداً وستستمر عملية تقطيع الوقت بأقل الخسائر الممكنة، ريثما تتّضح الصورة في الإقليم وتسمح الأوضاع بانتخاب الرئيس بغطاء خارجي يوفّر على اللبنانيين عناء الاستمرار في الشغور وتعطيل المؤسسات, وهذا وحده سيدفع «حزب الله» الى إزالة العقبات من أمام الانتخابات الرئاسية لإعادة الاعتبار الى هذه المؤسسات والتوافق بعدها على تشكيل حكومة وحدة وطنية وإقرار قانون عادل للانتخابات النيابية يعيد إنتاج السلطة ويفعّل الحياة السياسية.