IMLebanon

أي اسباب تعيق انطلاق الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله»؟

لا يزال غائبا الرد الإيجابي من «تيار المستقبل» وزعيمه الرئيس سعد الحريري على تحية أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وعلى ما يبدو فإن التردد الذي يعيشه التيار ولعبة توزيع الأدوار التي من خلالها يتم إطلاق المواقف ونقيضها إزاء هذه التحية لا يدل سوى على أن هناك احتمال كبير أن تضيع الفرصة المتاحة المتوفرة أمام لبنان واللبنانيين لكسر حالة الجمود والدخول في حوار جدي لحلحلة القضايا العالقة والتي يأتي على رأسها موضوع إنهاء حالة الشغور الرئاسي. هذا ما قالته أوساط سياسية بارزة في 8 آذار. مضيفة بأن إضاعة هذه الفرصة الثمينة هو أمر غير مقبول ويدل على خفة سياسية في مرحلة خطيرة لا تحتمل أي استخفاف في مقاربة القضايا الوطنية خصوصا أن أتاحة هذه الفرصة قد لا يتكرر في المدى المنظور نظرا إلى الاوضاع الملتهبة في المنطقة والمرشحة نحو المزيد من المواجهات الساخنة على أكثر من ساحة إقليمية ودولية من شأنها ان تحمل معها ارتدادات وانعكاسات سلبية على لبنان الشعب والجيش والمقاومة والكيان والحرية والسيادة والعيش الوطني المشترك.

الأوساط أضافت بأنه على الرغم من بعض المناخات الإيجابية التي نتجت عن مواقف الرئيس سعد الحريري بعد أحداث طرابلس الأليمة، إلا أنه يمكن الجزم والتأكيد إستنادا إلى ما يدور في كواليس الأروقة السياسية المغلقة إلى ان تطورات الحوار بين المستقبل وحزب الله ما تزال ضمن مربع «راوح مكانك» حتى اشعار آخر، أي أن هذا الحوار وعلى الرغم من بعض الجهود الجارية لتحريك عجلة انطلاقته الضرورية إلا أنه لا يزال تعتري دربه عوائق عديدة تحول دون انطلاق هذا الحوار في الإتجاه المطلوب الذي تحتاجه البلاد في هذه الظروف الصعبة التي ما تزال محفوفة بخطر التتفجيرات الإرهابية والإغتيالات السياسية وفق المعطيات الأمنية التي ما تزال تحذر من وقوع عمليات إرهابية كبيرة في البلاد، ما يعني أن هناك حاجة ملحة لمواجهة هذه التهديدات الإرهابية التكفيرية بجبهة سياسية داخلية موحدة متماسكة قادرة على تحصين الساحة الداخلية لتكون أكثر قوة في دعم الجيش والأجهزة الأمنية في الحرب على الإرهاب التي وبحسب الأوضاع المحيطة بلبنان وجواره فأن هذه الحرب لا تزال في بداياتها وتحتاج إلى نفس طويل وجهوزية سياسية وأمنية لبنانية داخلية لمواجهة شتى مخاطر هذا الحرب الشعواء خصوصا ان الأحداث الاخيرة التي وقعت في لبنان قد دلت بشكل واضح على مدى خطورة المخططات الإرهابية التي تستهدف لبنان بوحدته وأمنه وعيشه الوطني المشترك والدليل على ذلك ما حصل في طرابلس والذي كاد أن يتحول إلى كابوس أمني رهيب لولا قدرة الجيش وشجاعة وبسالة ضباطه وجنوده في ضرب الإرهاب استباقيا وبالتالي تعطيل تنفيذ مخططاته الإجرامية على أرض الواقع في لبنان.

ولفتت الأوساط عينها الى أن هناك أكثر من إشارة تدل على أن الفريق الآخر ما يزال غير جاهز للحوار بسبب عدم قدرته على التحرر بالحد الأدنى عن املاءات وشروط حلفائه الإقليميين الذين يريدون ابقاء الأوضاع في الساحة اللبنانية على حالها أي ضمن وضعية ربط النزاع مع بقية الملفات الساخنة الأخرى على أكثر من ساحة إقليمية خصوصا في سوريا والعراق واليمن والبحرين… وبسبب أيضا استمرار رهانات البعض في الفريق الآخر على متغيرات ومتحولات في المنطقة لن تأتي، ما يعني ربط مصير لبنان وأمنه واستقراره وسلمه الأهلي بعواصف المنطقة الهوجاء التي لا يعلم أحد ما هي سيناريوهاتها وإلى ماذا ستفضي نتائجها على صعيد رسم خريطة توازنات القوى الإقليمية للمرحلة المقبلة.

وشددت الاوساط على أن ابقاء الوضع الراهن على حاله، أي معلقا على ما يريده بعض الخارج من جهة وما تمليه رهانات ومغامرات البعض العبثية الخاسرة من جهة أخرى، دونه عواقب وخيمة لأن هذا الوضع سوف يسمح مجددا بتمدد الخطر الإرهابي التكفيري بإتجاه لبنان، كما أنه سيؤدي إلى ابقاء الإحتقان السني – الشيعي في أعلى درجات التوتر والإحتقان في ظل الخطاب المذهبي التحريضي المتفلت الذي يصب الزيت على نيران العصبيات المذهبية المتطرفة والمنغلقة… وهذا الأمر يعني استمرار هشاشة الأوضاع السياسية والأمنية الخطيرة القابلة للإشتعال والإنفجار في أي لحظة طالما أن أسس تثبيت الإستقرار الداخلي لا تزال غير متوفرة… وبطبيعة الحال فأن المدخل الاساسي لتثبيت الأمن والإستقرار وحماية السلم الاهلي المحلي في لبنان لا يمكن أن يكون إلا من خلال الحوار الذي يؤدي إلى تفاهمات سياسية تسمح بالحد الأدنى بتنظيم الخلافات ووقف مسلسل الشحن والتحريض المذهبي الخطير، بالإضافة إلى فتح الأبواب أمام وضع الحلول الممكنة للملفات والقضايا السياسية والحياتية والمعيشية والإقتصادية العالقة والتي لا خلاف على حلها إلا من باب النكايات والمشاخنات السياسية المعروفة التي تعرقل وتعطل و تحول دون بلورة مسار وضع هذه الحلول الضرورية والملحة للمواطن اللبناني على سكة التتنفيذ والتطبيق.

واكدت الاوساط ان الأماني وحدها لا تكفي لتحييد لبنان عن الأهوال المحيطة به، بل أن هذا التحييد لا بد من ترجمته بمواقف وخطوات سياسية على أرض الواقع من شأنها أن تترجم تحقيق مصلحة لبنان وشعبه في هذه المرحلة الإنتقالية الضبابية الخطيرة التي تمر بها المنطقة بأسرها، ومصلحة الوطن العليا تقتضي اليوم أن يحفظ لبنان رأسه من ما يجري حوله، وحفظ رأس لبنان لا يمكن أن يتحقق من دون حوار جدي وعميق بين تيار المستقبل وحزب الله من أجل تحصين الساحة المحلية وسحب فتيل الفتنة المذهبية السنية – الشيعية التي تحاول القوى المتربصة شرا بلبنان أي اسرائيل والإرهاب التكفيري استدراجه من أجل عودة لبنان ليكون الساحة المستباحة المفتوحة أمام شتى الصراعات الطائفية والمذهبية والسياسية التي من شأنها أن تقوض نموذج لبنان في الحرية والإنفتاح والتعدد والتنوع الحضاري في منطقة الشرق الأوسط، بحيث أن اسرائيل بما تمثل من نموذج لعنصرية الدولة التي تمارس شتى أنواع الإجرام والقهر والتمييز العنصري البغيض بحق الفلسطينيين على أساس الهوية اليهودية، وبحيث ايضا أن الإرهاب التكفيري بما يمثل من نموذج لنشر الفكر الظلامي الأصولي البربري الرافض لأي اختلاف والحاضر لممارسة شتى أنواع القتل والفتك والإبادة على أساس الهوية الإسلامية المشوهة بحق الآخر، كلاهما ينظر إلى لبنان التعدد والتنوع والعيش الوطني المشترك على أنه نموذج معادٍ يتعارض ويتناقض من توجهات وطروحات وجوهر تكوين كل من الإرهاب الإسرائيلي والتكفيري على حد سواء في المنطقة.