IMLebanon

أي خارطة طريق  لمرحلة ما بعد الحرب؟

الرئيس ايمانويل ماكرون يحاول، بعد وراثة الجمهورية الخامسة، تقليد مؤسسها الجنرال ديغول، أقله بتكبير اللعبة. ديغول اعترف بان فرنسا لم تعد قوة عظمى، ولذلك يجب ان تكون لها سياسة عظمى. وماكرون يعمل باساليب عدة ليكون له موقع بين الكبار وتكون فرنسا حاضرة في مصير اوروبا والعالم. فهو يعيد النظر في مقاربة بلاده لحرب سوريا وأزمتها معترفا بأن موقف سلفه فرنسوا هولاند المتشدد لم ينجح في تغيير شيء في دمشق. وهو يضيف الى ذكرى الثورة الفرنسية ذكرى مرور مئة عام على مشاركة اميركا في الحرب العالمية الاولى فيدعو الرئيس دونالد ترامب الى احتفالات ١٤ تموز. لا بل يعلن الاتفاق مع ضيفه على رسم خارطة طريق لما بعد الحرب في العراق وسوريا.

واذا كان ماكرون يوصف بانه شعبوي متنور، فان ترامب شعبوي متهور. ومن المفارقات ان يقود لقاء باريس بين الرئيسين الاميركي والفرنسي الى التفكير بشكل كبير في ترتيب مرحلة ما بعد الحرب، في حين ان أقصى ما اتفق عليه ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء هامبورغ هو وقف النار في جنوب سوريا كمطلب ملح للاردن واسرائيل. اذ يصعب حتى على بوتين الذي يدير اللعبة العسكرية والسياسية وترامب المنخرط في حرب العراق وسوريا ان يرسما سيناريو نهاية الحرب. ومن باب الامنيات والعلاقات العامة حديث ماكرون وترامب عن سيناريو ما بعد الحرب.

ذلك ان الوقائع على الأرض في العراق وسوريا والحسابات الباردة في واشنطن وموسكو وباريس تفرض الكثير من التأني والحذر على الذين يتحدثون عن خرائط واتفاقات سرية تحت عنوان لقاء هامبورغ. فالرئيس الفرنسي المندفع لضمان موقع كبير له ولبلاده يصطدم في الطريق الى اكتساب الخبرة بالتضاريس السياسية الصعبة في الشرق الاوسط. والرئيس الاميركي الذي تلاحقه الفضائح، بحيث يبدو كأنه فضيحة تمشي على قدمين مثقل بأحمال تحول دون التوسع في الاتفاقات مع الرئيس الروسي المثقل هو ايضا بأحمال في اوكرانيا والعلاقات مع اوروبا واميركا والمحكوم بالتفاهم مع ترامب واحماله.

فضلا عن ان حرب سوريا المحتدمة في البادية على الطريق الى المعارك في دير الزور والبوكمال بعد الرقة لطرد داعش مرشحة لأن تهدأ قليلا، لكن الهدوء ليس نهاية للحرب. ومحادثات جنيف لا تزال تدور حول امور تقنية من دون تفاوض جدي على تسوية سياسية.

واللعبة الفعلية ليست في استانة ولا في جنيف. والظروف معقدة بالنسبة الى تفاهم اللاعبين الكبار على تسوية تضمن مصالح القوى الاقليمية قبل مصلحة السوريين.