IMLebanon

أي دور لمصر عربياً.. وماذا عن العلاقة مع ترامب؟

القاهرة تحترم «حزب الله» لبنانياً.. وتتحفّظ سورياً

أي دور لمصر عربياً.. وماذا عن العلاقة مع ترامب؟

لعلها المرة الأولى منذ فترة طويلة التي تؤدي فيه مصر دورها الخارجي الحالي.

وإذا كانت القاهرة قد عاشت مرحلتها الذهبية خارجياً مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فإن انكفاءها الى الداخل في مرحلتي الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك قد أفادها للالتفات الى مشاكلها الاقتصادية، وان كان ذلك على حساب تصدّرها للمشهد العربي.

يأتي اليوم الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي في محاولة للعودة بمصر إلى تأدية دور خارجي رئيسي في المنطقة العربية، وخصوصاً في المشرق العربي. وتنطلق مصر لتأدية دورها من ثقتها الكاملة في موقعها الاستراتيجي، إيمانها برصيدها التاريخي في المنطقة، إدراكها إمكانياتها الداخلية وخاصة جيشها الوطني إضافة الى قناعتها بأن تراجعها الاقتصادي ليس سوى تراجع عابر..

وحسب المتابعين للسياسة المصرية، فإن القاهرة ترى أن في إمكانها أداء دور رئيسي في المنطقة التي تواجه حالياً كما في المستقبل خطر الإرهاب بوصفه التحدّي الأول الذي يواجه الشعوب العربية. وانطلاقاً من هنا، فإن مقاربة القاهرة تتمثّل في الحفاظ على الثوابت التالية للدول العربية: وحدة أراضي تلك الدول، الحفاظ على مؤسساتها، حفظ جيوشها، محاربة التطرف، مواجهة الانقسامات المذهبية وتقديم رؤية قومية.

تشمل هذه المقاربة قضايا كبرى في المنطقة، ولعل أهمها سوريا واليمن شرقاً، وليبيا غرباً.

ففي تلك الدول، دفعت تلك المقاربة إلى خلاف بين مصر ودولة رئيسية كالسعودية التي ساءها ما فسّرته دعماً مصرياً للرئيس السوري بشار الأسد، ورفض القاهرة المشاركة في غزو عسكري تحت قيادتها في اليمن. بينما يتمثل الهاجس المصري في تحوّل هذين البلدين الى مرتع للتطرف الإسلامي الذي سينتقل حكماً الى دول مجاورة لن تكون مصر بعيدة عنه.

وإذا أضفنا ذلك إلى رفض القاهرة فكرة التحالف الإسلامي التي طرحتها الرياض بوجه الأسد، وخصوصاً مؤتمر غروزني الذي جاء نتيجة توافق روسي مصري عبّرت المناورات العسكرية الأخيرة بين الجانبين عن التطور الكبير فيه، فإن من الواضح أن الفجوة المصرية السعودية قد كبُرت.

أما في ليبيا، البوابة الغربية لمصر والهامة جداً، لأمنها القومي، فإن القاهرة تخشى من تحوّل الحدود الليبية إلى ممر سهل للحركات المتطرفة نحو الداخل المصري، وبينما قدّمت دعمها للواء خليفة حفتر، فإنها تعتبر مقاربتها للملف الليبي، جزءاً مما تعتبره دفاعاً عن أمنها القومي.

على ان كل ذلك، حسب المتابعين، سيترافق مع تقدّم كبير على صعيد العلاقة بين مصر والقوة الدولية الأكبر، أي الولايات المتحدة الأميركية، مع وصول مرشح «الحزب الجمهوري» دونالد ترامب الى الرئاسة.

والواقع أن الغزل بين ترامب والسيسي قد بدأ منذ فترة. ويرى ترامب في السيسي الرجل المناسب والأقوى لمكافحة التطرف، ويتفق الجانبان على «خطورة» تنظيم كـ «الإخوان المسلمين» الذي يعتبر ترامب بأنهم يقدّمون صورة «مجملة» للتطرف الإسلامي.

وينتظر ترامب من السيسي عملاً دؤوباً على خط مشيخة الأزهر لتطوير الخطاب الديني والتنسيق مع المرجعيات الإسلامية لمواجهة التيارات المتطرفة. ويشير البعض إلى أن الرئيس الأميركي الجديد قد يترجم إعجابه للسيسي، الذي كان الزعيم العربي الأول الذي يقدّم له التهنئة بانتخابه، بزيارة مصر لتكون الدولة العربية الأولى التي يزورها.

على أن الخلاف المصري السعودي الذي تحوّل خلافاً مصرياً خليجياً، باستثناء العلاقة مع الإمارات الداعمة للسيسي، لن يكون لمصلحة العلاقة مع إيران. وبينما تمثل رغبة الانفتاح على طهران سبباً إضافياً للخلاف مع السعودية، فإن القاهرة لا تزال ترى في إيران عنصراً داعماً لـ «الإخوان». ويشير المتابعون إلى أن مصر تريد من إيران احترام الخصوصية القومية للمنطقة العربية، وعدم التمدّد على أساس مذهبي.

لبنانياً، يلفت المتابعون النظر إلى أن مصر ترى في لبنان بوابة للمشرق العربي، وترى أهمية للاستقرار اللبناني، وقد دعمت وصول العماد ميشال عون الى الرئاسة، وأدت دوراً على هذا الصعيد بعد أن خشيت على الاستقرار اللبناني الهشّ انطلاقاً من واقعه الأمني والاقتصادي والمالي. ويلفت المتابعون النظر إلى أن القاهرة كانت تخشى بجدّية انهياراً لبنانياً، إذا تابعت الأوضاع في هذا البلد على سوئها، فكان من واجبها التحرّك.

وتعمل القاهرة بشكل حثيث مع دار الفتوى لتعزيز الاعتدال على الساحة الإسلامية السنية، وتريد إبعاد لبنان عن الفتنة السنية الشيعية في المنطقة. وهنا ثمّة سؤال حول علاقة القاهرة مع «حزب الله» الذي ترى القاهرة أن ثمّة خصوصية لدوره في لبنان، وتعتبره مقاوماً في وجه إسرائيل وتحترم حيثيته الشعبية وعلاقاته التحالفية الكبيرة.

لكن القاهرة، في المقابل، تتحفّظ على دوره في سوريا وترى أنّه لا يخدم رؤيتها للتقريب في العلاقات السنية الشيعية.