IMLebanon

أي دور للبنان في محاربة “داعش” في العراق وهل تفيده المشاركة في مؤتمر باريس أو تؤذيه؟

يغيب رئيس جمهورية لبنان عن “المؤتمر الدولي حول السلام والأمن في العراق” الذي يعقد اليوم في قصر الإليزيه في باريس بحضور 30 دولة بدعوة من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي سيشاهد كرسي الرئيس اللبناني مشغولاً بوزير الخارجية والمغتربين بفضل الخلافات بين قوى 14 و8 آذار وتمسك كل منهما بمرشحها مما أدى الى شغور هذا المركز منذ 114 يوماً، وسيتذكر سيد الاليزيه أن المساعي التي بذلها مع الفئات المعنية للتوصل الى مرشح تسوية باءت بالفشل.

يشارك لبنان في مؤتمر باريس من بين 30 دولة بناء على جدول أعمال يتألف من أربعة بنود: الأول وقف تمويل تنظيم “داعش”، الثاني: منع تجنيد متطوعين له، الثالث تعزيز السيطرة على الحدود، الرابع: تدريب الجيش العراقي. ومن الطبيعي أن يفرض ذبح عامل الاغاثة البريطاني ديفيد هاينز على مواضيع المناقشات.

وقد طرحت قيادات سياسية أسئلة عدة، من بينها هل دعت فرنسا لبنان الى المؤتمر لأنه شارك في اجتماع جدة العربي – التركي بحضور أميركي وغياب فرنسي الأربعاء الماضي؟ إذا كانت مشاركته في ذلك الاجتماع مسايرة للسعودية التي تقف بجانب لبنان سياسياً في المجالين العربي والدولي والتي تبرع ملكها عبدالله بن عبد العزيز بأربعة مليارات دولار لتسليح الجيش فلماذا يشارك باسيل في مؤتمر باريس المخصص لمكافحة الارهاب في العراق وليس في دول معينة منها لبنان؟ وماذا يجني من المشاركة في مثل هذا المؤتمر؟ واذا طلب قصفاً جوياً من التحالف ضد الارهابيين في جرود عرسال سيلبيه؟ وماذا يمكنه أن يقدّم في القضايا المطروحة في جدول المحادثات لمكافحة “داعش” في العراق من أجل القضاء عليها فيما هو عاجز عن تحرير جرود عرسال من مسلحي “داعش” و”النصرة” وتحرير 28 عسكرياً من الجيش وقوى الأمن الداخلي منذ الثاني من آب الماضي. وغني عن البيان أن لبنان لا يمول هذا التنظيم الإرهابي ولا يطوّع مقاتلين وليس في وسعه تدريب الجيش العراقي ولا حدود مباشرة له مع العراق.

وأفاد مصدر ديبلوماسي أن هولاند يأمل في تحديد مهمة كل دولة وما تستطيع تقديمه للقضاء على “داعش” واستئصاله. أما اذا كان الحضور للحضور واثبات الوجود فهذا غير جائز في التعاطي وقضية دقيقة كتنظيم “داعش”. ورأى أن المشاركة اللبنانية قد تؤذي الاستقرار الأمني وتحوّله هدفاً لـ”داعش” أكثر مما هو عليه في الوقت الحاضر. وقد تؤثر في المساعي التي تبذلها قطر للإفراج عن العسكريين المخطوفين، صحيح أن مسلحي هذا التنظيم احتلوا بعضاً من جرود عرسال واعتدوا على مراكز للجيش ونتج من ذلك سقوط شهداء وخطف 28 عسكرياً وذبح اثنين منهم، فأين دور لبنان من المشاركة في مؤتمر باريس في ضوء ما هو مطروح في جدول الأعمال؟

وأفاد خبير عسكري “النهار” أن خوض معركة بمجموعة جيوش تابعة لعدد من الدول يبدو صعباً وستكبر الصعوبة عندما تكون قوة حليفة على الأرض غير مدربة على عمليات مشتركة مع قوى جوية، لذا يجب أن يكون بجانبها مستشارون للتنسيق بينها وبين القوى الجوية، لئلا تصيبها في حال تكثف القصف الجوي على مواقع “داعش” قد تكون قريبة من مواقع البشمركة على سبيل المثال لا الحصر، لذا يجب انشاء غرفة عمليات مركزية للتنسيق بين القوى الجوية والبرية والبحرية في حال وجودها لإعطاء الأوامر وتجنب إصابة القوى المشاركة. ومما يزيد في صعوبة أي هجوم تأكيد الرئيس الأميركي باراك أوباما انه غير مستعد لانزال أي جندي على الأرض العراقية بل لإعطاء أوامر بتكثيف الضربات الجوية ضد “داعش”. وأبدى خشيته أن يؤدي هذا الاسلوب الى قتال سينمائي أكثر مما هو عملي، والدليل أن حوالى 150 غارة جوية أميركية لم تؤد الى تراجع “داعش” عن المواقع التي احتلتها حتى الآن بنسبة مرتفعة. والأهم أيضاً أنه يجب اقناع السكان المؤيدين لمسلحي هذا التنظيم بالابتعاد عنهم وعدم إيوائهم لئلا يصابوا بقنابل المقاتلات الأميركية. واذا كان هناك من قوات برية فيقتضي التنسيق معها أيضاً.

واستبعد ديبلوماسيون غربيون في بيروت توزيع المهمات ذات الطابع العسكري على الدول المشاركة في اجتماع اليوم، لأن توحيد وجهات النظر في الهجوم العسكري الواسع والمركّز والشامل على مواقع “داعش” العسكرية يحتاج الى وقت. واوضحوا أن الطلب الى حلف الأطلسي قيادة المواجهة العسكرية في العراق غير ممكن في بدايتها ولم يسبق حصول ذلك في ليبيا ولا في أفغانستان ولا في كوسوفو. وبعض الدول يطالب ببدء المعركة سريعاً لكن قبول الحلف الأطلسي بقيادة المعركة سيبطئ التجاوب، لأنه يحتاج الى وقت لحشد قواته ومراكز قيادته للتنسيق بين قوات التحالف. فهل سيطلب الرئيس العراقي الذي سيشارك في افتتاح المؤتمر مع هولاند بتلك القيادة استناداً الى اتفاق الشركة بين بلاده والحلف الأطلسي؟ في هذه الحال لا يحتاج المؤتمر الى قرار من مجلس الأمن.