كثر الحديث عن مبادرة دي ميستورا الموفد الدولي الى سوريا، ويُقال إنّه يحمل مشروعاً يبدأ في حلب ثم تليه مراحل أخرى، على أساس تحييد حلب فتكون مدينة مفتوحة خارج الحرب.
ذكرني هذا الكلام بمشروع كيسنجر الذي كان، بعد حرب 1973، يعمل لاتفاق بين مصر وإسرائيل وإذا أمكن مع كل الدول العربية، وإلاّ فعلى طريقة «الخطوة – خطوة» لتجزئة الكل.
ومع الأسف التجربة مع أنور السادات آنذاك لم تكن لمصلحة العرب، فإسرائيل التي طالبت بالإعتراف بها مقابل السلام أخذت الإعتراف من العرب ولم تعطِ السلام… إعترفت بها بضع دول عربية وأقامت معها تبادلاً ديبلوماسياً… بينما بقيَت هي على صلفها وعنجهيتها.
الى ذلك، يبدو أنّ الروس باتوا مقتنعين، الى حد ما، بالإستغناء عن الاسد، ولكن الكل يعاني من مشكلة المعارضة الحالية.
للأسف ما دفع المعارضة لتكون على ما هي عليه هو النظام الذي اعتمد الحلول الطائفية باستعانته بـ»فيلق القدس» في الحرس الثوري الايراني بقيادة قاسم سليماني الذي يدير المعارك من داخل سوريا، وبـ»حزب الله» الذي يفاخر بأنّه يدافع في سوريا عن الأماكن المقدسة والمقامات الدينية، و»فيلق ابو العباس» في العراق…
هذه التنظيمات الثلاثة ترافقها صبغة طائفية أكيدة: فالنظام العلوي المتطرّف الذي يستخدم ميليشيات مذهبية شيعية، من الطبيعي أن تواجهه معارضة متطرفة هي أصلاً خريجة سجونه وسجون حليفه (نوري المالكي) في العراق.
وهكذا اتخذت الحرب منحىً مذهبياً وصارت «سني – شيعي»، ويتحمّل المسؤولية عن ذلك الولايات المتحدة الاميركية والعالم كله معها… بما فيه اوروبا الغربية وروسيا.
أولاً- وبعيداً عن الإغراق في التفاصيل إذا كان لا بد من حل فليكن شاملاً.
ثانياً- بات مطلباً شاملاً إزاحة الاسد من السلطة إذ يستحيل الاتفاق معه، وهو مطلب يلقى قبولاً متزايداً كل يوم.
ثالثاً- تشكل حكومة مختلطة: نصفاً من المعارضة ونصفاً من الجيش الحالي تتولى الإشراف وقيادة المرحلة الانتقالية التي لا بدّ من المرور فيها قبل التوصّل الى حل نهائي.
رابعاً- تعمل الحكومة المختلطة (التي يكون لها طابع الحكومة الموقتة مهما طال بقاؤها في السلطة) على إزالة آثار الحرب والتمهيد لحياة ديموقراطية تقوم على قاعدة مصالحة وطنية حقيقية.
ولا شك في أنّ هذا «الطموح المشروع» للحل في سوريا لن يتم بكبسة زر، خصوصاً وأنّ القوة الضاربة في المعارضة باتت في أيدي التنظيمات الاسلامية المتعدّدة وأبرزها الاثنتان الغالبتان وهما تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش) وجبهة النصرة، وعندما يصر هذان التنظيمان على رفض أي حل فهما يعنيان فتح المعركة (المفتوحة أصلاً) بينهما وبين سائر أطياف المعارضة سواء ما كان منها مقاتلاً على الارض مثل بقايا الجيش السوري الحر، وما كان سياسياً مثل الإئتلاف الوطني.
وإذا كانت روسيا هي التي تتولى إقناع النظام بالحل فلا بدّ من جهة ذات تأثير على المعارضة المتطرّفة، وبالذات على «داعش».