IMLebanon

أيّ مرحلة يمرّ بها ترشيح فرنجيه: مرحلة جدّه أم الضاهر أم حليفه عون؟

هل يمر ترشيح النائب سليمان فرنجيه للرئاسة الأولى بالمرحلة التي مرّ بها ترشيح النائب مخايل الضاهر عندما خيّر القادة في لبنان بين انتخابه أو الفوضى، فاختاروا الفوضى، وها هم يخيّرون اليوم بين انتخاب فرنجيه أو الفراغ الشامل علّ هؤلاء القادة لا يجمعون هذه المرة على اختيار الفراغ، أم أنه يمر بمرحلة ترشيح العماد ميشال عون الذي لم تجمع عليه القوى المسيحية، أم أن ترشيحه يمر بالمرحلة التي مر بها جدّه الرئيس سليمان فرنجيه عندما قرر “الحلف الثلاثي” المؤلف من كميل شمعون وبيار الجميل وريمون اده تأييد ترشيحه للرئاسة لأن أياً من اقطاب الحلف لم يتوصل الى كسب الاصوات التي تجعله يفوز على مرشح النهج الشهابي الياس سركيس، فوجد الحلف نفسه بين خيارين: إما أن يربح المرشح الشهابي وإما أن يربح منافسه فرنجيه بتأييد “الحلف الثلاثي” له، وهو ما حصل ففاز فرنجيه على سركيس بصوت واحد. وقد استفاد فرنجيه من موقف النائب الراحل كمال جنبلاط الذي كرمى لروسيا التي كانت غاضبة من اتهامها بخطف طائرة الميراج، فجعلته يوزع نواب كتلته بين فرنجيه وسركيس، فكانت موجة الفرح كبيرة، ولا سيما في الوسط المسيحي. يفوز الرئيس فرنجيه، ليس لأنه انتصر على منافسه الياس سركيس المتهم في هذا الوسط بأنه ناصري الهوى، إنما لأنه “زغرتاوي قبضاي” يستطيع وضع حد لفلتان السلاح الفلسطيني. وكان الرئيس فرنجيه عند حسن ظن اللبنانيين المنزعجين من فلتان هذا السلاح، فتصدى له بقصف المخيمات من الجو والبر، وكاد أن يؤدي ذلك الى فرض سلطة الدولة عليها لولا تهديد دولة عربية مناصرة للفلسطينيين، ولا سيما سوريا، بإقفال حدودها مع لبنان اذا لم يتوقف القصف، ما اضطر الرئيس فرنجيه الى وقفه بعدما وجد لبنان نفسه وحيداً في مواجهة السلاح الفلسطيني، فكانت بعد ذلك حرب السنتين التي بدأت فلسطينية – لبنانية، ثم تحوّلت حرب الآخرين في لبنان دامت 15 سنة، ولم تتوقف إلا بعد اقرار اتفاق الطائف الذي أخضع لبنان لوصاية سورية حددت مدتها بسنتين بموجب الاتفاق واذ بها تصبح 30 سنة.

ويواجه فرنجيه الحفيد “سلاح المقاومة” في لبنان وموقفه منه هو غير موقف جده من السلاح الفلسطيني، اذ انه يؤيّد بقاء هذا السلاح في يد المقاومة، لا بل شرعنته وقوننته من خلال استراتيجية دفاعية توضع لهذه الغاية. وقد يكون هذا السلاح مشكلة له داخلية وخارجية يواجهها: داخلية بانقسام اللبنانيين حول هذا السلاح الذي يحول دون قيام الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها، وانقسام خارجي أيضاً حول هذا السلاح بين من يعتبره سلاحاً ارهابياً ومن يعتبره سلاحاً جهادياً.

لكن الظروف التي تتغير بسرعة في المنطقة قد تساعد فرنجيه اذا انتخب رئيساً للجمهورية على حل مشكلة السلاح خارج الدولة سواء كان لبنانياً أم غير لبناني، إما بأن تدخل المنطقة مرحلة السلام الشامل فلا تعود حاجة الى هذا السلاح، وإما أن تدخل مرحلة الحرب فيصبح هذا السلاح حاجة.

والسؤال المطروح هو: هل تتفق كل القيادات في 14 آذار على إعلان ترشيح فرنجيه رسمياً، م أنها تختلف وينفرط عقدها ويكون هذا الترشّح سبباً لخلط الأوراق داخل 8 و14 آذار، وتقوم عندئذ تحالفات جديدة على أبواب الانتخابات النيابية المقبلة؟

الواقع أن الاصطفاف السياسي بين 8 و14 آذار اذا لم يفرطه الخلاف على الانتخابات الرئاسية، فقد تفرطه ظروف ما بعد الانتخابات لأن الوضع في سوريا الذي جعل طرفاً يكون مع هذا الوضع وطرفاً آخر ضده قد يزول عند الاتفاق على حل في سوريا ويزول معه هذا الاصطفاف.

لذلك فإنه قد لا يبقى مبرر لاستمرار 8 و14 آذار سواء قبل الانتخابات الرئاسية التي أحدثت بلبلة قوية داخل صفوف التكتلين، ولا بعد الانتخابات لأن الحالة في سوريا التي أوجدتهما سوف تزول ويزول معها هذا الاصطفاف بحيث لا يعود رئيس الجمهورية العتيد محسوباً على 8 ولا على 14 بل على لبنان بوحدته شعباً وأرضاً ومؤسسات.